الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

12:39 م

الذكاء الاصطناعي السيادي.. من رفاهية تقنية إلى أداة استراتيجية

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025 08:10 ص

الذكاء الاصطناعي السيادي

الذكاء الاصطناعي السيادي

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية واعدة للمستقبل، بل تحول إلى عنصر سيادي يحظى بأهمية بالغة لدى كافة الدول حول العالم، من الولايات المتحدة إلى الصين، ومن أوروبا إلى الخليج.

الذكاء الاصطناعي يقود العالم

تتسابق الحكومات لتأمين استقلالها في هذا المجال، ولبناء بنية تحتية رقمية تضمن حماية البيانات، والسيطرة على أدوات الابتكار، وتعزيز الأمن الوطني، الذكاء الاصطناعي السيادي اليوم يعد حصنًا رقميًا بقدر ما هو محرك اقتصادي.

ما هو الذكاء الاصطناعي السيادي؟

تختلف التعريفات حول مصطلح الذكاء الاصطناعي السيادي، لكن جوهرها يتركز على قدرة الدول على التحكم في تقنيات الذكاء الاصطناعي ومخرجاتها. 

وفق شركة أوراكل Oracle، يتمثل المفهوم في سيطرة الحكومة أو المؤسسة على البيانات والبنية التحتية والبرمجيات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، أما إنفيديا فترى أن السيادة تشمل أيضًا بناء نماذج لغوية محلية تراعي السياقات الثقافية. 

في حين تعرف الحكومة البريطانية المصطلح على أنه تمكين الذكاء الاصطناعي من تعزيز النمو الاقتصادي والأمن القومي، وهو التعريف الذي يتبناه معظم الفاعلين حاليًا.

الأعمدة الستة لبناء ذكاء اصطناعي سيادي

السبيل إلى بناء ذكاء اصطناعي سيادي لا يقتصر على التمويل فقط، بل يتطلب رؤية متكاملة تقوم على ست ركائز رئيسية، تبدأ بتطوير بنية تحتية رقمية متينة تشمل مراكز بيانات فائقة وتوطين للبيانات داخل حدود الدولة. 

يلي ذلك تنمية رأس المال البشري من خلال التعليم والتدريب المستمر، إضافة إلى دعم البحث والتطوير لتوليد حلول محلية مبتكرة، إلى جانب ذلك، لا بد من إطار تنظيمي وأخلاقي متوازن يحمي الخصوصية ويضمن الاستخدام المسؤول للتقنيات. 

كما تبرز أهمية تحفيز الصناعة المحلية عبر حوافز وتسهيلات تفتح المجال لنمو الشركات الناشئة، وأخيرًا، يظل التعاون الدولي عنصرًا ضروريًا لتبادل المعرفة وبناء معايير موحدة.

الذكاء الاصطناعي

الولايات المتحدة والصين.. صراع الكبار على الهيمنة التقنية

تتصدر الولايات المتحدة المشهد العالمي بفضل استثمارات ضخمة تجاوزت 155 مليار دولار في عام 2025 وحده، ما يفوق ميزانية التعليم في البلاد. 

أما الصين، فتعتمد على شركات مثل هواوي وعلي بابا لبناء منظومة ذكاء اصطناعي مستقلة تخدم طموحاتها في التجارة والمدن الذكية والاقتصاد الرقمي. 

وقد أطلقت مؤخرًا منظمة دولية لتوحيد حوكمة الذكاء الاصطناعي، مستهدفة الدول النامية، في تحرك ينظر إليه كخطوة لموازنة النفوذ الأمريكي.

 

اقرأ أيضًا:

من أداة للتحايل إلى شريك للإبداع، كيف يغير الذكاء الاصطناعي تجربة التعليم؟

أوروبا وآسيا.. تحالفات وابتكار محلي

في أوروبا، تقود دول مثل فرنسا وإيطاليا وسويسرا جهودًا لإنشاء حواسيب فائقة الأداء وبناء نماذج لغوية محلية، على سبيل المثال، تطور شركة فاست ويب Fastweb الإيطالية أول نموذج لغوي إيطالي بالكامل، بينما أسست فرنسا تحالف AION لتعزيز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

أما في آسيا، فتشهد الهند، واليابان، وسنغافورة نهضة ملحوظة في تطوير نماذج وطنية، فالهند تراهن على شركاتها الكبرى لتقديم نماذج متعددة اللغات، واليابان تركز على استجابة الذكاء الاصطناعي للكوارث، بينما تعمل سنغافورة على تحسين كفاءة الطاقة في مراكز الحوسبة.

الذكاء الاصطناعي السيادي

الخليج العربي.. رؤية طموحة وتنافس إقليمي محتدم

في العالم العربي، يبرز الخليج كمسرح رئيسي لسباق الذكاء الاصطناعي السيادي، وتقود السعودية والإمارات المشهد من خلال استثمارات بمليارات الدولارات، مع طموحات لا تقل عن بناء نماذج لغوية عربية وتحقيق استقلال تقني كامل.

في السعودية، تتوقع مساهمة الذكاء الاصطناعي بأكثر من 135 مليار دولار في الناتج المحلي بحلول 2030، وأطلقت المملكة شركة هيوماين Humain ومبادرات لإنشاء مراكز بيانات ضخمة وتدريب نماذج باللغة العربية، بالتعاون مع شركات أمريكية مثل أمازون وكوالكوم. 

لا تقتصر الاستراتيجية السعودية على البنية التحتية، بل تشمل أيضًا بناء قدرات وطنية في تصميم الرقاقات وتوظيف الآلاف في هذا المجال.

في الإمارات، من المتوقع أن يشكل الذكاء الاصطناعي ما يقارب 14% من الناتج المحلي بحلول 2030، وهي النسبة الأعلى في المنطقة. 

طورت الإمارات نموذج فالكون عربي Falcon Arabic وأدخلت الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، كما استثمرت بشكل كبير في شراكات مع فرنسا لبناء مراكز بيانات أوروبية، ما يعكس التوسع الاستراتيجي للإمارات خارج حدودها.

اقرأ أيضًا:

ثروة تُصنع من خوارزميات المستقبل، مليارديرات الذكاء الاصطناعي الجدد في 2025

باقي دول الخليج ومصر.. لا نية للبقاء على الهامش

لا تقف الكويت، البحرين، عُمان وقطر مكتوفة الأيدي أمام هذا السباق. الكويت دخلت في شراكة دولية لتمويل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بينما أنهت البحرين استراتيجيتها الوطنية للاقتصاد الرقمي. قطر خصصت أكثر من 2.5 مليار دولار للتحول الرقمي، وتستثمر في قطاع أشباه الموصلات. أما عُمان، فتبنّت خططًا لبناء قدرات رقمية متقدمة لتعزيز دورها في المشهد الخليجي.

مصر من جهتها، تبنت استراتيجية وطنية طموحة للذكاء الاصطناعي ضمن رؤية 2030، تركز على بناء القدرات البشرية والتوسع في المدن الذكية ومراكز الإبداع. ومن المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 42 مليار دولار في الناتج المحلي بحلول 2030، ما يعادل نحو 7.7% من الناتج.

الذكاء الاصطناعي

الصين تتحدى الولايات المتحدة بمنظمة عالمية للذكاء الاصطناعي

في خطوة تحمل أبعادًا جيوسياسية، أطلقت الصين منظمة عالمية تهدف إلى وضع معايير لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل عادل وآمن. 

جاء هذا التحرك خلال مؤتمر الذكاء الاصطناعي في شنجهاي بمشاركة أكثر من 800 شركة و70 دولة، معظمها من دول الجنوب العالمي. 

وتسعى بكين عبر هذه المبادرة إلى تقديم نموذج مفتوح المصدر ومنخفض التكلفة، يتيح للدول النامية الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لبنية تحتية باهظة أو رقاقات أمريكية باهظة الثمن.

اقرأ أيضًا:

الذكاء الاصطناعي وصناعة الكوميكس.. بين التهديد والفرصة

التكنولوجيا بين السيادة والانفتاح.. تناقض المسارات العالمية

بينما تروج الصين لسيادة الدول في استخدام الذكاء الاصطناعي وتدعو لاحترام القوانين المحلية، تحذر الولايات المتحدة من هيمنة النماذج الموجهة سياسيًا. 

وقد طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة لتأمين ريادة بلاده عالميًا في هذا المجال، بينما تعمل الشركات الأمريكية والصينية على تطوير نماذج متقدمة قادرة على منافسة الذكاء البشري نفسه.

الذكاء الاصطناعي يقود العالم

من يكتب قواعد اللعبة؟

الذكاء الاصطناعي السيادي لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لكل دولة تطمح لحجز مكانها في النظام العالمي الجديد، والدول التي تنجح في بناء نماذجها المحلية، وتأمين بنيتها الرقمية، وتدريب كوادرها، ستملك مفاتيح القوة الاقتصادية والأمنية في العقود القادمة. 

لكن التحدي الأكبر يبقى في صياغة قواعد الحوكمة العالمية، في ظل تنافس أمريكي صيني محموم، وضغوط متزايدة على الدول لاختيار جانب من المعادلة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search