الخميس، 11 سبتمبر 2025

04:53 م

الذكاء الاصطناعي وصناعة الكوميكس.. بين التهديد والفرصة

الخميس، 11 سبتمبر 2025 11:14 ص

صناعة الكوميكس

صناعة الكوميكس

في ظل صعود الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة، يتعرض قطاع تلو الآخر لتغيرات جذرية، وصناعة القصص المصورة “الكوميكس” ليست استثناءً. 

القصص المصورة

هذه الصناعة، التي لطالما كانت مرآة للخيال الشعبي ومصدرًا غنيًا للسينما والتلفزيون، تجد نفسها اليوم في قلب معركة اقتصادية وثقافية مع التكنولوجيا الجديدة.

فرغم أن صناعة الكوميكس لطالما نجحت في التكيف مع الأزمات، من الرقابة في الخمسينيات إلى انهيار المبيعات في التسعينيات، فإن ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي يمثل تهديدًا من نوع مختلف تهديد لا يتعلق فقط بالطلب أو التوزيع، بل بوجود الوظائف، وهوية الفن، ومستقبل المبدعين.

سياق تاريخي.. أزمات متكررة صنعت صناعة عنيدة

تاريخ الكوميكس الأمريكي مليء بالتقلبات:

في الخمسينيات، فرضت السلطات الأمريكية رقابة مشددة على الكوميكس بسبب مخاوف من تأثيرها على الأطفال.

في التسعينيات، انهارت السوق بعد فقاعة المضاربة على النسخ النادرة.

في الألفية، واجهت الصناعة تحديات التوزيع الرقمي، مع دخول الإنترنت وتطبيقات القراءة.

لكن في كل مرة، كانت الصناعة تتكيّف وتعيد اختراع نفسها، هذا التاريخ هو ما يجعل كثيرين يعتقدون أنها ستتجاوز أزمة الذكاء الاصطناعي أيضًا.. لكن بأي ثمن؟

ثانوس

الذكاء الاصطناعي.. أداة تسريع أم وسيلة إقصاء؟

مع تطور أدوات الرسم التوليدي، بات بإمكان الذكاء الاصطناعي إنتاج لوحات كاملة من النصوص أو الصور المرجعية، ما يعني تقليص الزمن والجهد والتكلفة في إنتاج القصص المصورة، وهذا بالتحديد ما يجعل بعض الفنانين الكبار يرون فيه فرصة لا تهديدًا.

جيم ستارلين، مبتكر شخصية "ثانوس" الشهيرة، قال مؤخرًا إنه سيستخدم الذكاء الاصطناعي في مشروع جديد، معتبرًا أن رفض التكنولوجيا شبيه برفض المطبعة أو الكاميرا في بداياتها.

يرى ستيف مكدونالد، رسام ومدرب في أدوات الذكاء الاصطناعي، وجود إمكانية لتنفيذ ثلاثة مشاريع في الوقت الذي كان ينفذ فيه مشروعًا واحدًا فقط، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون فريق مساعديك الرقميين.

أكدت شركات مثل WEBTOON في مستنداتها الرسمية أن أدوات الذكاء الاصطناعي تسهم في تخفيف العبء على المبدعين، عبر توفير أدوات للرسم والنمذجة تساعدهم على التسريع والتطوير.

اقرأ أيضًا:

طفرة الأنمي العالمية، صناعة الترفيه اليابانية تُعيد تشكيل اقتصاد المحتوى الرقمي

لكن من يدفع الثمن؟ خسائر خفية على المدى الطويل

في الجانب الآخر من الطاولة، يتحدث كثير من الفنانين عن خسارة أعمال وفرص بسبب اعتماد الشركات على محتوى مولد بالذكاء الاصطناعي، أو على الأقل على لوحات مرجعية مأخوذة من نماذج مدربة على أعمال فنانين دون إذنهم.

صرحت الفنانة إيمي ريدر أنها فقدت فرصة عمل بعد أن رأت أن لوحة المزاج Mood board الخاصة بالمشروع كانت مملوءة بصور مولدة بالذكاء الاصطناعي.

وهذا يقودنا إلى النقطة الأهم، الذكاء الاصطناعي لا يقصي فقط من لا يستخدمه، بل يهدد كذلك سلسلة القيم داخل الصناعة، تلك السلسلة التي تبدأ بالمساعدين المبتدئين، وتصل إلى المبدعين الكبار.

تقليص الوظائف الصغيرة يهدد بتجفيف المنابع البشرية التي تغذي هذه الصناعة منذ عقود، والمهام الصغيرة التي تمنح الفنانين الصاعدين خبرة، يتم الآن الاستغناء عنها، والطلاب قلقون فعلًا، لا يعرفون مستقبلهم ولا كيف يتعاملون مع الذكاء الاصطناعي.

Spotify

الملكية الفكرية بين الشركات والفنانين

واحدة من أكثر القضايا حساسية هي حقوق استخدام أعمال الفنانين لتدريب النماذج التوليدية، فبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يفتح المجال للإبداع الجماعي أو المفتوح، يراه الفنانون اعتداءً على ملكيتهم الإبداعية.

بعض أنصار الذكاء الاصطناعي يروجون لحركة مناهضة حقوق الملكية الفكرية، لكنهم في الواقع يفتحون المجال لتجريد الفنانين المستقلين من قوتهم، في حين أن الشركات الكبرى مثل ديزني قادرة على الدفاع عن ممتلكاتها الفكرية بسهولة.

اقرأ أيضًا:

من هوليوود إلى تيك توك، الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل عالم الرسوم المتحركة

تشابه مع أزمة الموسيقى الرقمية.. هل تظهر سبوتيفاي جديدة للفن؟

يرى بعض الخبراء أن ما يحدث اليوم يشبه إلى حد كبير ما حدث في صناعة الموسيقى عند بداية الألفية، حين انتشر القرصنة، وتم اختراق حقوق الموسيقيين. 

لكن تدريجيًا ظهرت حلول مثل Spotify، والتي قدمت نظامًا ترخيصيًا يعوض الفنانين ولو جزئيًا عن استخدام أعمالهم.

يرى جيف تريكسلر، رئيس لجنة الدفاع القانوني للكوميكس، أن الوضع قد يتجه إلى نفس المسار، وربما لا تكون العوائد ضخمة، لكنها أفضل من اللاشيء، وذلك بسبب الحاجة إلى نموذج شبيه بذلك للمبدعين في المجال البصري.

على المبدعين أن يكونوا حذرين

محاولات قانونية للحماية

يتجه بعض المحامين إلى إدراج بنود تعاقدية واضحة لمنع استخدام الأعمال في تدريب الذكاء الاصطناعي، أو لضمان تعويض مناسب إن حصل ذلك.

قال توماس كراويل، محامي متخصص في الإعلام والفنون، في مؤتمر نيويورك كوميك كون 2024: "على المبدعين أن يكونوا حذرين، لا تنجرف في استخدام منصات الذكاء الاصطناعي دون حماية، فقد تجد لاحقًا أن قدرتك على تحقيق الربح من عملك قد تلاشت."

أزمة انتقالية أم إعادة تشكيل للصناعة؟

من الناحية الاقتصادية، يمكن تلخيص التحدي الحالي على النحو التالي:

الجانب

الإيجابيات

السلبيات

الإنتاج

خفض التكلفة وتسريع الإنجاز

تقليل فرص العمل للفنانين

المستقلون

أدوات مساعدة تزيد الكفاءة

خطر فقدان الاستقلالية أمام المنصات

الشركات

خفض التكاليف التشغيلية

مواجهة ضغط قانوني واجتماعي

الملكية الفكرية

إمكان إعادة استخدام جماعي

خطر استغلال الأعمال دون إذن

مستقبل غامض.. ولكن قابل للتشكيل

المؤكد هو أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا وجوديًا بقدر ما هو تحدي لإعادة التوازن، وإذا ما وضعت قوانين عادلة، ونظمت العلاقة بين المبدعين والمنصات، فقد يتحول التهديد إلى فرصة، أما في حال ترك المجال دون حوكمة، فربما نشهد انهيارًا تدريجيًا لمجال فني عريق.

قد لا يكون السؤال هل سيقتل الذكاء الاصطناعي صناعة الكوميكس؟، بل من سيسمح له بالبقاء في صناعة الكوميكس؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search