الذكاء الاصطناعي يدخل المحكمة.. القانون بين مهارة المحامين وقدرات الروبوتات
الثلاثاء، 09 سبتمبر 2025 10:59 ص

الذكاء الاصطناعي في ميدان القانون
مع الانتشار المتسارع للذكاء الاصطناعي التوليدي مثل نماذج شات جي بي تي ChatGPT من أوبن إيه آي OpenAI، بات قطاع المحاماة على مفترق طرق، فما بين فرص زيادة الإنتاجية وتهديد نماذج العمل التقليدية، تبدو مهنة المحاماة في قلب تحول تقني قد يعيد رسم ملامحها بالكامل.

الذكاء الاصطناعي في ميدان القانون.. أداة إنتاجية أم تهديد مهني؟
في الأساس، يقوم الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني بتحليل كميات ضخمة من النصوص القانونية، وتنظيم المعلومات، واستخراج الحجج القانونية بسرعة ودقة كبيرة، وهو ما يشبه إلى حد بعيد جزءًا من عمل المحامين خصوصًا في المراحل الأولى من القضايا.
هذا يفتح الباب أمام زيادة هائلة في الإنتاجية، إذ يمكن للمحامين إنجاز مهام كانت تستغرق ساعات طويلة في دقائق معدودة، من مراجعة الوثائق، وإجراء البحوث القانونية، إلى صياغة العقود.
شركات عملاقة مثل ليكسيز نيكسيز LexisNexis وتومسون رويترز Thomson Reuters استثمرت في دمج هذه التقنيات داخل منتجاتها، ما أدى إلى نمو كبير في إيراداتها، مؤكدين أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة فعالة تعزز جودة الخدمة وتقليل الأخطاء.
بين الدقة والهلوسة.. التحديات التقنية
لكن هذه الفرص تأتي مع تحديات تقنية غير بسيطة، نماذج الذكاء الاصطناعي، رغم تقدمها، لا تعتمد على الحقيقة المطلقة بل على الاحتمالات الإحصائية.
ما يعني أن هذه النماذج قد تختلق مراجع أو تخلق هلوسات قانونية واستشهادات مزيفة أو أخطاء في الفهم القانوني.
هذه العيوب تجعل الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في القضايا الحساسة أمرًا محفوفًا بالمخاطر، ويستوجب مراجعة دقيقة من قبل المحامين البشر.

الاقتصاد الجديد للمحاماة.. هل انتهى عهد الفوترة بالساعة؟
الجانب الاقتصادي الأهم يتعلق بنموذج الفوترة السائد في شركات المحاماة الكبرى، والذي يعتمد على حساب الأجر بحسب عدد ساعات العمل المنجزة.
ارتفاع إنتاجية المحامين عبر الذكاء الاصطناعي يعني أن نفس العمل يمكن إنجازه في ساعات أقل، مما يضغط على حجم الساعات المفوترة وبالتالي على إيرادات الشركات.
تظهر تجربة السنوات الماضية أن الإنتاجية في مهنة المحاماة نمت ببطء شديد مقارنة بقطاعات أخرى، حتى مع الاستثمار الكبير في التكنولوجيا، أما الآن، فقد تبدو التقنية الجديدة قادرة على قلب هذا الواقع، لكنها في نفس الوقت تهدد نموذج الفوترة التقليدي.
هذا يفتح الباب أمام تحولات كبيرة في كيفية تسعير الخدمات القانونية، حيث بدأت شركات كثيرة تعتمد على نماذج التسعير الثابت أو الدفع مقابل النتائج، بدلاً من الفوترة بالساعة، وهو تحول يحمل تحديات كبيرة خاصةً للشركات التي لم تعد قادرة على الاحتفاظ بنفس هوامش الربح.
اقرأ أيضًا:
خلال 5 سنوات، هل يقضي الذكاء الاصطناعي على نصف الوظائف المكتبية؟
فرص وتحديات المحامين.. بين الزميل والبديل
في الوقت الحالي، يعتبر الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة للمحامين، تزيد من كفاءتهم وتوفر وقتهم للتركيز على الجوانب الاستراتيجية والإبداعية في القضايا.
المحامون الذين يدمجون الذكاء الاصطناعي في عملهم يمكن أن يقدموا خدمات ذات جودة أعلى وبسرعة أكبر، ما يزيد من رضا العملاء ويعزز فرصهم في السوق.
لكن، على المدى الطويل، قد يؤدي اتساع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الحاجة إلى بعض المهام القانونية التقليدية التي يؤديها المحامون المبتدئون أو الوسط، مما قد يؤدي إلى إعادة هيكلة سوق العمل القانوني وتقليص أعداد المحامين في بعض القطاعات.

هل سيختفي المحامي؟
الإجابة البسيطة هي: لا، الذكاء الاصطناعي لا يمكنه أن يحل بالكامل محل المحامي، خاصة في القضايا التي تتطلب حكمًا بشريًا، فهمًا للسياقات الاجتماعية، وتقييمًا دقيقًا للجوانب الأخلاقية والقانونية المعقدة، وأن التعامل مع الغموض القانوني والحالات الاستثنائية لا يزال يتطلب العقل البشري.
ولكن المستقبل يشير إلى تحول في طبيعة عمل المحامي، حيث يصبح دوره أكثر توجيهًا واستراتيجية، بينما يتولى الذكاء الاصطناعي المهام الروتينية والمتكررة.
اقرأ أيضًا:
هل يُهدد الذكاء الاصطناعي مهارات الأطباء التقليدية؟
أثر الذكاء الاصطناعي على عملاء القانون والسوق
من جهة أخرى، الذكاء الاصطناعي قد يجعل الخدمات القانونية أكثر توفيرًا للعملاء، مما يوسع قاعدة المستفيدين من القانون ويقلل من التكلفة الزمنية والمالية، وهذا يعزز فكرة أن التكنولوجيا ليست تهديدًا بقدر ما هي فرصة لتحسين عدالة الوصول إلى القانون.
لكن هذا يعتمد بشكل كبير على مدى موثوقية الذكاء الاصطناعي وتحسين دقته، لأن الأخطاء القانونية قد تكلف العملاء كثيرًا.

فرصة اقتصادية هائلة لتحسين جودة
يشكل الذكاء الاصطناعي فرصة اقتصادية هائلة لتحسين جودة وكفاءة العمل القانوني، لكنه يفرض تحديات جذرية على نموذج الأعمال التقليدي في مهنة المحاماة.
المحامون الذين يتبنون التكنولوجيا ويعيدون تصميم خدماتهم وفقًا لها سيجدون أنفسهم في موقع أقوى في السوق، أما الذين يرفضون التغيير فقد يواجهون صعوبات في البقاء.
يبدو مستقبل المحاماة كرحلة نحو دمج الإنسان والآلة قد انطلق، يكون فيه الذكاء الاصطناعي زميلاً يعزز الأداء وليس خصمًا يسرق الوظائف.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
العملات الأقوى مقابل الأغلى في 2025، فروق لا يدركها الكثير
09 سبتمبر 2025 04:30 م
تفكك العولمة وولادة الكتل التجارية.. واقع جديد يتطلب استراتيجية عربية ذكية
09 سبتمبر 2025 08:33 ص
أمريكا في قلب الفجوة التكنولوجية.. عجز تجاري متصاعد يكشف أزمة في العمق
08 سبتمبر 2025 05:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً