الذكاء الاصطناعي على قائمة الطعام، كيف تُغير "الخوارزميات" ما تأكله؟
الثلاثاء، 02 سبتمبر 2025 10:39 م

ثورة الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية
في مشهد يتغير بسرعة غير مسبوقة، يشهد قطاع الأغذية والتجزئة تحولًا جذريًا تقوده تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليتحول من صناعة تقليدية قائمة على العرض والطلب، إلى منظومة ذكية تبنى فيها القرارات على البيانات، وتدار العمليات عبر خوارزميات تتعلم وتتطور.

إنه ليس مجرد تحسين رقمي، بل ثورة هيكلية كاملة تعيد صياغة علاقة المستهلك بالطعام، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الشركات العاملة في هذا القطاع لتقديم تجارب مخصصة، أكثر دقة، وكفاءة، وربحية.
البيانات تغذي القرار.. كيف تغير الخوارزميات قوائم الطعام؟
في ظل تنامي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، أصبحت البيانات هي الوقود الجديد الذي يحرك صناعة الأغذية، واليوم، لم تعد القرارات المتعلقة بما يجب عرضه على قائمة الطعام أو توقيت العروض الترويجية مجرد اجتهادات بشرية، بل نتائج حسابات معقدة تقوم بها خوارزميات تتنبأ بالسلوك البشري.
على سبيل المثال، إذا أظهرت أنماط الشراء ارتفاعًا في طلب الأطعمة الدافئة خلال الطقس البارد، فإن الأنظمة الذكية تعدل تلقائيًا توصياتها وتعيد ترتيب أولويات العرض، بما يتماشى مع المزاج العام للمستهلك.
هذا النوع من التخصيص لا يهدف فقط إلى تحسين تجربة المستخدم، بل إلى تعظيم الإيرادات وتقليل الفاقد والمخزون.
الأتمتة.. من قوائم الطعام إلى سلاسل التوريد
ليست الأتمتة ترفًا تقنيًا، بل ضرورة استراتيجية، على سبيل المثال، في شركة طلبات، أتاحت الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي توفير آلاف ساعات العمل البشرية شهريًا، من خلال مهام مثل إعداد قوائم المطاعم، ورقمنة البيانات، ومعالجة الطلبات المتكررة.
وتصل دقة الأتمتة اليوم إلى نحو 95% في تصنيف وتحليل محتوى المطاعم، وهو ما ينعكس مباشرة على تحسين تجربة المستخدم، وتقليل الوقت الذي يقضيه في البحث، وزيادة معدل التحويل داخل التطبيق أو المنصة.
بل إن أتمتة خدمة العملاء، وتخصيص الاستجابات بناءً على تحليل سلوك المستخدم، أسهم في تقليص التدخل البشري بنسبة تصل إلى 40%، ما أتاح للفرق البشرية التفرغ لمهام أكثر أهمية تتعلق بتحسين الجودة والابتكار.

الذكاء الاصطناعي التوليدي.. المحتوى يكتب نفسه
في قلب هذه التحولات، يقف الذكاء الاصطناعي التوليدي GenAI كأداة ثورية لتوليد وتحرير المحتوى بشكل ديناميكي، لقد أصبح هذا النوع من الذكاء عاملاً حاسمًا في إثراء تجربة المستخدم، من خلال توصيف أدق للمأكولات، وتصنيفات أكثر وضوحًا، وصور محسنة باستخدام تقنيات الذكاء.
ومن خلال دمج أدوات برمجة ذكية، أصبح بالإمكان اختصار زمن تطوير الميزات الجديدة من أسابيع إلى أيام، ما يمنح الشركات قدرة أكبر على التفاعل مع التغيرات السوقية والتوجهات السلوكية.
ولا تتوقف الأمور عند حدود المحتوى، بل تمتد إلى تحسين الحملات التسويقية، حيث أصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي إنتاج إعلانات مخصصة لكل مستخدم بناءً على سلوكه، وتفضيلاته، وتاريخه الشرائي، وهذا تخصيص لا يمكن تحقيقه على نطاق واسع بالاعتماد على البشر فقط.
اقرأ أيضًا:
نبوءة «كينز» تعود للحياة، هل يمنحنا الذكاء الاصطناعي وقتًا أكثر وعملاً أقل؟
من الاستجابة إلى الاستباق.. عصر الوكالة الذكية
المرحلة التالية من الذكاء الاصطناعي تتجاوز التحليل والتنفيذ، لتصل إلى مستوى الوكالة الذكية، حيث يمكن للأنظمة اتخاذ قرارات مستقلة، استنادًا إلى كميات ضخمة من البيانات، دون انتظار تدخل بشري.
في تطبيقات مثل طلبات، تظهر هذه القدرة من خلال خوارزميات تقوم بتخصيص تجربة المستخدم تلقائيًا، بناءً على بيانات تصل إلى 13 تيرابايت يوميًا، تشمل سجل الطلبات، والموقع الجغرافي، وحالة الطقس، وساعات الذروة.
الأمر لم يعد يتعلق بتوصية بطبق معين، بل بفهم أعمق لتفضيلات العميل، والتفاعل معها بمرونة لحظية، بما يشبه الحوار الصامت بين المستخدم والمنصة، والذي ينتج تجربة تسوق ذكية، سريعة، وشخصية إلى حد بعيد.

إتاحة القوة التحليلية للجميع.. الذكاء للجميع وليس للنخبة فقط
واحدة من أكثر النقاط المثيرة في هذه الثورة، هي قدرة الذكاء الاصطناعي على توزيع الفرص بشكل أوسع، فالشركاء التجاريون من مطاعم وموردين أصبح بإمكانهم الآن الوصول إلى رؤى وتحليلات لم يكن الحصول عليها ممكنًا إلا للشركات الكبرى سابقًا.
تساعد أدوات تحليل الأداء والتسويق المستندة إلى الذكاء الاصطناعي هؤلاء الشركاء في تحسين استراتيجياتهم، وتحقيق نمو يقدر بما بين 30 إلى 50 مليون دولار سنويًا، من خلال مصادر دخل جديدة، وتحسين العوائد الاستثمارية.
وفي الوقت ذاته، يستفيد السائقون من جداول عمل محسنة وخرائط توصيل تنبؤية، تعزز الدخل وتزيد من مرونة العمل، في نموذج يمكن الجميع من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، وليس فقط من يديره أو يطوره.
اقرأ أيضًا:
رئيس "التخصصات الطبية" بـ «الصحة»: استخدام الذكاء الاصطناعي يؤدي لكوارث
تحول استراتيجي.. وليس مجرد تحسين تقني
إن ما نشهده اليوم ليس مجرد استخدام للأدوات الذكية، بل تحول استراتيجي شامل في بنية قطاع الأغذية، حيث يتداخل الذكاء الاصطناعي في كل مفصل من مفاصله، من التنبؤ بالطلب، إلى تخطيط التوصيل، وإعداد المحتوى، وتصميم الحملات، ووصولًا إلى تجربة العميل النهائي.
وبحسب التوقعات، فإن استثمارات الذكاء الاصطناعي في المنطقة ستقفز من 4.5 مليار دولار في 2024 إلى 14.6 مليار دولار بحلول 2028، ما يعكس إيمانًا عميقًا بقدرة هذه التقنية على قيادة النمو، وتوليد القيمة، وتوفير حلول أكثر كفاءة في مواجهة التحديات المتزايدة في سلاسل الإمداد، وتغير سلوك المستهلك، وضغط التكاليف.

نحو صناعة غذائية تفهمك أكثر من أي وقت مضى
إن الذكاء الاصطناعي لا يغير فقط ما نأكله، بل كيف نختار، ومتى نطلب، ولماذا نفضل ما نفضله، نحن أمام واقع جديد يعيد صياغة العلاقة بين البشر والطعام، ويحوّل تجربة تسوق الأغذية إلى تجربة متكاملة من الفهم والتفاعل والتخصيص.
وفي عالم يتسارع فيه كل شيء، سيكون الذكاء الاصطناعي هو الحاسة السادسة لقطاع الأغذية، تلك التي تسبقنا إلى تفضيلاتنا، وتوجهنا إلى ما نحب، وتحسن من تجربة استهلاكنا بشكل لم نعهده من قبل.
والشركات التي ستفوز في هذا السباق، ليست تلك التي تمتلك أكبر عدد من المطاعم أو أسرع خدمة توصيل، بل تلك التي تفهم مستخدميها أكثر من أي وقت مضى.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
OneBank، أول بنك رقمي في مصر يقود التحول نحو اقتصاد رقمي شامل
01 سبتمبر 2025 05:15 م
مصر على خريطة الاقتصاد العالمي، ارتفاع التبادل التجاري مع دول العشرين
01 سبتمبر 2025 05:42 م
مصر في الصدارة، أقوى 10 دول إفريقية من حيث القوة العسكرية في عام 2025
01 سبتمبر 2025 04:26 م
أكثر الكلمات انتشاراً