الجمعة، 10 أكتوبر 2025

11:53 م

من الطموح إلى الواقع، الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل اقتصاد الشرق الأوسط

الجمعة، 10 أكتوبر 2025 10:36 ص

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل اقتصاد الشرق الأوسط

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل اقتصاد الشرق الأوسط

لم تعد تقنيات الذكاء الاصطناعي مجرد أدوات متقدمة تستخدم في كواليس كبرى الشركات التكنولوجية العالمية، بل أصبحت اليوم جزءًا لا يتجزأ من مشهد اقتصادي جديد يتشكل في منطقة الشرق الأوسط. 

الذكاء الاصطناعي

في السنوات القليلة الماضية، خطت حكومات المنطقة خطوات جادة نحو دمج الذكاء الاصطناعي في بنيتها التحتية وخططها التنموية، محولة المفاهيم النظرية إلى تطبيقات واقعية، بدأت تؤتي ثمارها على الأرض.

ويشير تقرير حديث لشركة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PwC) إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضيف أكثر من 300 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط بحلول عام 2030. 

هذا التحول لا يحدث بمعزل عن العالم، إذ تقدر منظمة العمل الدولية أن الذكاء الاصطناعي سيساهم في خلق نحو 170 مليون وظيفة عالميًا، رغم أنه قد يؤدي في المقابل إلى فقدان 92 مليون وظيفة تقليدية، ما يعني صافي زيادة تقدر بـ78 مليون فرصة عمل جديدة. 

في هذا السياق، تلعب المنطقة، وخصوصًا الدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة مثل مصر، دورًا محوريًا في هذه التحولات.

اقرأ أيضًا:

بين القلق والإبداع، كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي بيئة العمل ونفسية الموظفين؟

الخليج يقود المشهد.. استراتيجيات طموحة واستثمارات ضخمة

في دول الخليج العربي، بات الذكاء الاصطناعي جزءًا من رؤية شاملة لمستقبل ما بعد النفط، الإمارات كانت السباقة في هذا الطريق، عندما أطلقت استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 قبل نحو ثماني سنوات، وعينت أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم. 

لم تبق هذه الخطوة مجرد إعلان رمزي، بل شهدت الإمارات تنفيذًا حقيقيًا تمثل في مشاريع ضخمة مثل إنشاء أحد أكبر مراكز البيانات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في العاصمة أبوظبي، إلى جانب دمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات الصحة والتعليم والطاقة والحكومة الرقمية.

المملكة العربية السعودية بدورها لم تتأخر، وأعلنت في عام 2020 عن استراتيجيتها الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، كجزء من رؤية المملكة 2030. 

ومن المبادرات اللافتة في هذا السياق، إطلاق مشروع "HUMAIN" الذي يعد الذراع الرسمي للمملكة في مجال الذكاء الاصطناعي، تحت إشراف مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. 

ويهدف المشروع إلى تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، من خلال مراكز بيانات متقدمة، ونماذج لغوية باللغة العربية، بالإضافة إلى تقديم حلول متكاملة للقطاعين العام والخاص.

الاقتصادات الناشئة تلحق بسباق الذكاء الاصطناعي

الاقتصادات الناشئة تلحق بالركب.. قفزة نوعية بالتكنولوجيا

بعيدًا عن الخليج، تتعامل دول الشرق الأوسط الأخرى مع الذكاء الاصطناعي كفرصة ذهبية لتعويض الفجوات الاقتصادية وتحقيق ما يعرف بـ"القفزة التقنية". 

ففي مصر، التي تضم قرابة 120 مليون نسمة، أُطلقت استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي مطلع هذا العام، تركز على دعم قطاعات حيوية مثل الصحة والخدمات المالية الرقمية، بهدف تحسين جودة الخدمات وتحقيق مزيد من الشمول المالي.

أما الأردن، فأعلن عن خطة خمسية شاملة تتضمن تنفيذ 68 مشروعًا تقنيًا في مجالات متعددة، منها اللوجستيات والرعاية الصحية والتعليم، في إطار رؤية لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الأردني من خلال الذكاء الاصطناعي.

ولا يمكن تجاهل دول شمال إفريقيا، خصوصًا المغرب وتونس والجزائر، التي بدأت تنسق جهودها ضمن إطار الاتحاد الإفريقي. 

ففي يوليو 2024، اعتمدت الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي "الاستراتيجية القارية للذكاء الاصطناعي"، والتي تسعى إلى توحيد الرؤية الإفريقية تجاه الاقتصاد الرقمي، واعتبار الذكاء الاصطناعي أداة للنمو المستدام، لا سيما في القارة الأكثر شبابًا في العالم.

 

اقرأ أيضًا:

"من محطات الوقود إلى التطبيقات الذكية"، هل يدفعنا الذكاء الاصطناعي إلى الغش؟

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي في الميدان.. أمثلة واقعية من قطاعات متعددة

ما يميز التجربة الشرق أوسطية في مجال الذكاء الاصطناعي هو أنها لم تبقى حبيسة الاستراتيجيات الحكومية، بل امتدت إلى أرض الواقع وبدأت تؤثر فعليًا في حياة الناس والقطاعات الاقتصادية المختلفة.

في الزراعة، على سبيل المثال، تستخدم المغرب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الزراعة الذكية، حيث تقوم طائرات الدرون وأجهزة الاستشعار بتحليل التربة ومراقبة المحاصيل والتنبؤ بالأمراض الزراعية، هذا الابتكار ساهم في تحسين الإنتاجية ومكافحة الهدر.

أما في القطاع الصحي، فقد أثبتت الإمارات جدية في توظيف الذكاء الاصطناعي لتطوير المنظومة الصحية، ومن أبرز النتائج، ما حققته مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية من دقة في تشخيص أكثر من 500 حالة خلال ثلاث سنوات، واستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة أمراض مزمنة مثل السكري، مما خفض من أوقات التشخيص والعلاج إلى يومين فقط.

وفي القطاع اللوجستي، بدأت مصر في إدخال الذكاء الاصطناعي إلى منظومة إدارة قناة السويس، بهدف تعزيز كفاءة مرور السفن وتقليل استهلاك الطاقة وتحسين الخدمات المقدمة للعملاء، بالإضافة إلى التقليل من التأثير البيئي للعمليات التشغيلية.

أما القطاع المالي، فيتوقع أن يكون من أكبر المستفيدين من الثورة الذكية، حيث تشير التقديرات إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم بما يصل إلى 13.6% من الناتج المحلي الإجمالي في دول المنطقة بحلول عام 2030. 

ويبرز ذلك بوضوح في نمو قطاع Fintech، الذي يشهد طفرة في مجالات مثل الدفع الإلكتروني، إدارة الثروات الرقمية، والخدمات المصرفية المعتمدة على التحليل الذكي للبيانات.

المدن الذكية

مدن ذكية.. ومستقبل مبرمج

من أبرز تجليات الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط ظهور المدن الذكية كمفهوم متكامل، مدن مثل نيوم في السعودية، ولوسيل في قطر، وسمارت دبي، تمثل نماذج حية لدمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات مثل إنترنت الأشياء والبلوك تشين لإدارة كل شيء بدءًا من المرور والطاقة، وصولًا إلى التعليم والرعاية الصحية والخدمات الحكومية.

في مصر، تخطط الحكومة لأن تكون العاصمة الإدارية الجديدة مشروعًا متكاملًا لمدينة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم خدمات حكومية رقمية، وتحقيق كفاءة عالية في إدارة البنية التحتية.

اقرأ أيضًا:

استثمارات الذكاء الاصطناعي الضخمة لم تحقق عوائد اقتصادية مأمولة

ذكاء اصطناعي برؤية عربية.. نحو مستقبل شامل ومبتكر

الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط لم يعد خيارًا أو رفاهية، بل تحول إلى ضرورة استراتيجية تتبناها دول المنطقة بمختلف توجهاتها وظروفها. 

فبينما توظف دول الخليج إمكاناتها المالية الضخمة لتكون من بين قادة الذكاء الاصطناعي عالميًا، تعمل الدول ذات الاقتصادات الناشئة على استغلال هذه التكنولوجيا لتسريع التنمية وتحقيق العدالة الاقتصادية.

إن كانت السنوات الماضية قد حملت ملامح الطموح، فإن السنوات القادمة ستحمل معها تطبيقًا فعليًا وشاملًا، قد يحدث تغييرات جذرية في شكل الاقتصاد، وأنماط الحياة، وأساليب العمل في المنطقة.

الذكاء الاصطناعي ليس فقط مستقبل الشرق الأوسط.. بل هو حاضره أيضًا.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search