الخميس، 02 أكتوبر 2025

11:09 ص

بين القلق والإبداع، كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي بيئة العمل ونفسية الموظفين؟

الخميس، 02 أكتوبر 2025 09:24 ص

الذكاء الاصطناعي يقتحم الوظائف- تعبيرية

الذكاء الاصطناعي يقتحم الوظائف- تعبيرية

لا يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية تضاف إلى أدوات العمل المكتبي، بل بات قوة تغيير جذرية تعيد تشكيل مفاهيم العمل ذاتها، من طريقة أداء المهام إلى العلاقات بين الزملاء، وطبيعة المهارات المطلوبة، وهيكل الوظائف داخل المؤسسات، وبينما يرى البعض أن أثره الكامل لم يتضح بعد، تشير المؤشرات الميدانية إلى أن مكان العمل كما نعرفه يمر بإعادة اختراع شاملة.

الذكاء الاصطناعي يقتحم الوظائف

مكتب جديد بعقل رقمي

تحولت بيئات العمل بفعل الذكاء الاصطناعي إلى فضاءات تتسم بسرعة التكيف، واستخدام الأدوات الذكية بشكل تلقائي، وغالبًا بشكل فردي من قبل الموظفين أنفسهم، دون توجيه مباشر من الإدارات.

بات الموظفون يجربون استخدام نماذج مثل "شات جي بي تي" و"كلود" لتحسين أداء المهام، بدءًا من كتابة الرسائل والتقارير إلى التحليل واتخاذ القرار، وأحيانًا دون الإعلان عن ذلك صراحة، خوفًا من أن ينظر إلى استخدامها كبديل عنهم لا كوسيلة تمكين لهم.

أشارت دراسة حديثة من المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER) إلى قفزة هائلة في استخدام الذكاء الاصطناعي داخل بيئات العمل، وارتفع عدد الرسائل اليومية من 213 مليونًا إلى أكثر من 716 مليونًا خلال عام واحد فقط، ما يعكس حجم التغيير الواقع في التفاعل اليومي بين البشر والآلات داخل المؤسسات.

روبوت وإنسان

المهام تنتقل إلى الآلة

 لم تعد بيئة العمل تعتمد فقط على الذكاء الاصطناعي كمساعد، بل باتت تفوض إليه المهام بشكل مباشر، ففي تحليل أجرته شركة "أنثروبيك" المطورة لنموذج "كلود"، لوحظ أن نمط الأتمتة حيث يطلب من الذكاء الاصطناعي إنجاز مهمة كاملة، أصبح أكثر شيوعًا من نمط التعزيز المتمثل في التفاعل القائم على المساعدة والتوجيه المتبادل.

هذا التحول يحمل دلالات اقتصادية واضحة، الذكاء الاصطناعي بدأ يتولى أدوارًا كاملة كانت تعد سابقًا حصرية للعنصر البشري، ما يفرض على المؤسسات إعادة النظر في توزيع المهام، وأنظمة التقييم، وخطط التوظيف.

اقرأ أيضًا:

قادرة على إعادة رسم سوق العمل، 10شركات تقود ثورة الذكاء الاصطناعي

الاجتماعات المؤتمتة والتقارير الذكية.. ملامح المكتب الجديد

من المظاهر اللافتة لهذا التحول، أن الاجتماعات باتت تسجل وتلخص آليًا، وغالبًا ما يتم أرشفتها وتصنيف محتواها تلقائيًا. 

كما أن كثيرًا من الشركات بدأت تقيم موظفيها بناءً على مدى اعتمادهم على أدوات الذكاء الاصطناعي، حتى إن بعض المديرين باتوا يشجعون فرقهم صراحة على تجربة الأدوات واستخدامها كجزء من الأداء اليومي، والتحول هنا ليس فقط في الأدوات، بل في الثقافة المؤسسية ذاتها، إذ أصبح الافتراض بوجود الذكاء الاصطناعي كجزء من كل عملية عمل أمرًا طبيعيًا ومتوقعًا.

الأتمتة والبشر

تحولات جوهرية في طبيعة الوظائف

من أبرز المتغيرات التي فرضها الذكاء الاصطناعي تغيير طبيعة الوظائف، وبات يتولى المهام الروتينية مثل إدخال البيانات، وتصنيف الطلبات، والمعالجة الأولية للمعلومات، ما أتاح للموظفين فرصة أكبر للتركيز على الجوانب الإبداعية، واتخاذ القرار، والتفكير الاستراتيجي.

لكن باتت بعض الوظائف التقليدية مهددة بالانكماش أو الاختفاء، في ظل اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي في المهام المتكررة، هذا التغير لا يعني بالضرورة خسارة وظائف، لكنه يتطلب إعادة تأهيل مستمرة للعاملين، وتطوير المهارات لتواكب الأدوار الجديدة.

اقرأ أيضًا:

بـ15 تريليون دولار، كيف غيّر الذكاء الاصطناعي سوق العمل العالمي؟

الكفاءة والإنتاجية ترتفع.. لكن التحديات النفسية تظهر

أصبح رفع الكفاءة والإنتاجية بشكل كبير واحدة من أبرز إيجابيات الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل، بفضل قدرة الأنظمة على تحليل كميات ضخمة من البيانات، وتقليل نسبة الخطأ، وتسريع إنجاز المهام، وأدوات مثل ChatGPT أصبحت توفر ساعات من الجهد اليومي، وتحل محل عدد كبير من العمليات اليدوية.

في المقابل، تظهر تحديات نفسية وأخلاقية تتعلق بمخاوف الموظفين من الاستبدال، أو التقييم غير العادل عبر خوارزميات، أو فقدان الخصوصية داخل بيئة العمل، ويتطلب هذا من الشركات تبني مقاربات أكثر إنسانية، تدمج التقنية دون أن تهدد أمن واستقرار العاملين.

الذكاء الاصطناعي يقتحم سوق العمل

الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل المهارات المطلوبة

لم يعد الموظف المثالي في العصر الجديد فقط من يتقن مجاله، بل من يملك القدرة على التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي، ويجمع بين المهارات التقنية والمهارات الناعمة مثل التواصل، والتفكير النقدي، والقيادة.

هذا التوجه فرض على الشركات بدء برامج تدريب داخلي، لا تركز فقط على التكنولوجيا، بل على كيفية التعاون بين الإنسان والآلة، وشجع الذكاء الاصطناعي على ظهور بيئات عمل هجينة، وفرق موزعة عالميًا، تدير أعمالها اعتمادًا على أدوات ذكية مدمجة في البريد والمنصات مثل Slack وغيرها.

اقرأ أيضًا:

من الشهادة إلى الكفاءة.. كيف تغيّر معيار القبول في سوق العمل؟

تحولات هيكلية ونماذج عمل جديدة

الذكاء الاصطناعي لم يغير فقط طريقة العمل، بل أعاد تشكيل نماذج العمل بالكامل، حسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، فإننا نشهد اليوم تغيرًا جذريًا في مفاهيم الوظيفة، والمواهب، ودور التكنولوجيا في بيئة العمل.

ارتفع استخدام الذكاء الاصطناعي في أوروبا وحدها بنسبة 5.5% خلال عام واحد فقط، وانتقل من تحسين الإنتاج في المصانع إلى قيادة الاجتماعات، وتقديم الرؤى الاستراتيجية. 

يرى 57% من المديرين التنفيذيين حول العالم أن الذكاء الاصطناعي سيحدث أثرًا يفوق الإنترنت، لكن في الوقت ذاته، يدرك 75% منهم أن مؤسساتهم بحاجة إلى تغييرات جذرية للاستفادة الكاملة من هذه التقنية.

الذكاء الاصطناعي يقتحم الوظائف

من الوظائف المهددة إلى الفرص الجديدة

إن الذكاء الاصطناعي يتسبب في انكماش العديد من الوظائف التقليدية مثل الكتبة، وخدمة العملاء، والمحاسبة، والصرافين، لكنه في الوقت ذاته، يخلق فرص عمل جديدة بالكامل، مثل مدرب الذكاء الاصطناعي، ومفسر مخرجات الخوارزميات، وأخصائي جودة الأنظمة الذكية.

وهذا لا يعني فقط إعادة توزيع القوى العاملة، بل أيضًا صعود أهمية مجالات مثل علم البيانات، والتعلم الآلي، وأمن المعلومات، الشركات التي تدرك هذا التحول بدأت بالفعل بإطلاق برامج تدريبية لتجهيز موظفيها للعصر الجديد. 

الذكاء الاصطناعي.. زميل رقمي أم تهديد وجودي؟

في ظل تسارع وتيرة التحول، يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيلعب دور الزميل الرقمي أكثر من كونه تهديدًا مباشرًا، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون شريكًا فعالًا في توليد الأفكار، وتقديم توصيات، وزيادة مرونة المؤسسات.

ويبقى التحدي الأساسي هو تحقيق توازن بين استغلال قدرات الذكاء الاصطناعي، والحفاظ على القيمة الإنسانية في بيئة العمل فالمطلوب ليس فقط التحول الرقمي، بل إعادة تصميم علاقة العمل بالكامل، بحيث تعزز الإبداع، وتحمي العدالة، وتحافظ على الكرامة المهنية.

بيئة العمل

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search