الفرصة القادمة تشرق من الجنوب، قلب جديد للاقتصاد العالمي يتشكل
الإثنين، 11 أغسطس 2025 10:52 م

الاستثمار في دول الجنوب العالمي
في عالم يشهد إعادة رسم خرائط النفوذ الاقتصادي، يتجه بوصلة المستثمرين هذه المرة جنوبًا، ليس بدافع المغامرة، بل بحسابات دقيقة تشير إلى أن المركز القادم للنمو لم يعد في نيويورك أو برلين أو طوكيو، بل في إنجامينا ومدغشقر وسانتياجو وكمبالا.

الأرقام لا تكذب، وفق تقديرات مؤسسات بحثية دولية، يمثل ما يعرف بالجنوب العالمي نحو 54.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2025، وهي نسبة تكسر القاعدة القديمة التي طالما حصرت الثروة في الشمال.
ورغم ذلك، ما زال الخطاب الاقتصادي السائد يتعامل مع هذه الدول كهوامش تعاني فجوات تنموية، لا كمحاور جديدة للطلب والاستهلاك والإنتاج.
من الهامش إلى القلب.. تغيير زاوية الرؤية
لأكثر من نصف قرن، كانت الاستثمارات الكبرى تتدفق شمالًا حيث الأسواق المستقرة والبنى التحتية المتقدمة، بينما تم ترك مناطق الجنوب في خانة التحديات، بين فقر، ونقص بيانات، وبيئة استثمارية غير مكتملة، لكن الواقع تغير، وصارت بعض هذه التحديات فرصًا كامنة لمن يجيد قراءتها.
ففي مدن الجنوب، لا تحتاج السوق إلى تسويق معقد أو دراسات استهلاك معمقة، بل يكفي أن توفر الكهرباء والمياه وشبكات الاتصال لتخلق دورة اقتصادية جديدة بالكامل، من المصانع الصغيرة إلى التجارة الإلكترونية.
اقرأ أيضًا:
من 4.5 لـ16.5 مليار دولار، إفريقيا تستعد لقفزة في سوق الذكاء الاصطناعي بحلول 2030
تجربة الإمارات.. من الصحراء إلى الريادة
أحد النماذج اللافتة في هذا التحول هو الدور الإماراتي، الذي لا ينطلق من موقع المتفرج أو المتبرع، بل من موقع المستثمر الشريك.
التجربة الإماراتية نفسها التي انطلقت قبل أقل من خمسين عامًا من بيئة صحراوية شبه معدومة البنية التحتية تقدم برهانًا حيًا على أن الرؤية الواضحة والاستثمار طويل الأمد قادران على تغيير مصير أي دولة.
حين تدخل الشركات الإماراتية، مثل جلوبال ساوث يوتيليتيز، إلى تشاد أو مدغشقر أو إفريقيا الوسطى، فهي لا تبحث عن عائد قصير المدى، بل عن بناء نموذج شراكة يوازن بين العائد الاقتصادي واحترام السيادة المحلية، ويضمن أن يبقى الأثر بعد انقضاء العقود.

أمثلة ميدانية.. الكهرباء كنقطة تحول
في تشاد، كان مشروع طاقة نظيفة في إنجامينا نقطة انطلاق لمفهوم جديد، البنية التحتية ليست قرارًا هندسيًا فقط، بل التزامًا تنمويًا طويل الأجل.
وفي جمهورية إفريقيا الوسطى، أُنشئ أول مشروع للطاقة الشمسية على مستوى المرافق العامة، بينما تستعد مدغشقر لاستقبال الكهرباء لأول مرة في مجتمعات نائية.
هذه المشروعات لا تغير حياة الأفراد فقط، بل تعيد رسم الخريطة الاستثمارية، إذ يتحول الوصول إلى الطاقة إلى بوابة للتعليم، والرعاية الصحية، وتوسيع قاعدة الأعمال المحلية.
اقرأ أيضًا:
450 مليار دولار على المحك، كيف يفتح التحول الرقمي الأخضر آفاق إفريقيا الاقتصادية؟
اقتصاد يتشكل خارج الأضواء
أحد التحديات في الجنوب هو غياب البيانات الدقيقة، ما يجعل بعض المستثمرين يترددون، لكن في المقابل، هذا الغياب يعني أيضًا أن كثيرًا من الأسواق تتشكل خارج رادارات التقييم التقليدية.
فمثلاً، قد لا تظهر قرية صغيرة في أي تقرير اقتصادي، لكنها تتحول إلى مركز تجاري ناشئ بمجرد توصيلها بالكهرباء أو ربطها بشبكة طرق حديثة.
هذا التحول لا يمكن قياسه فقط بنمو الناتج المحلي أو معدل الاستثمار الأجنبي المباشر، بل بمدى تأثيره في رفع جودة الحياة وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي.

الرهان على الجنوب.. فرصة القرن
اقتصاد الجنوب العالمي اليوم ليس اقتصاد صدفة، بل هو نتاج مسار طويل من التحولات الديموغرافية، وزيادة الطلب الداخلي، وتوسع الطبقة المتوسطة، ونمو البنية التحتية.
من منظور استثماري، فإن عوائد المخاطرة المحسوبة هنا قد تتجاوز بكثير ما يمكن تحقيقه في أسواق الشمال المشبعة، ومع دخول قوى اقتصادية كبرى، مثل الصين والهند والإمارات وتركيا، في سباق نحو هذه الأسواق، فإن من يتأخر في الحضور قد يجد أن الحصة الأكبر قد حسمت.
الجنوب ليس مستقبلًا بعيدًا بل حاضرًا يتشكل
إذا كان الشمال العالمي قد بنى هيمنته على مدى قرون من تراكم رأس المال والتكنولوجيا، فإن الجنوب اليوم يبني مكانته على تسارع الاحتياج، وسرعة التبني للتقنيات الجديدة، والاندماج التدريجي في التجارة العالمية.
السؤال لم يعد، لماذا نستثمر في الجنوب؟ بل كيف ندخل بسرعة وبذكاء؟، ومن يملك الشجاعة ليكون الأول، سيكون أيضًا من يحصد أكبر العوائد حين يصبح هذا الهامش قلب الاقتصاد العالمي الجديد.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الألماس المُصنع، من زينة المجوهرات إلى ثورة التكنولوجيا في الخليج
11 أغسطس 2025 12:50 م
بعد مرور 80 عامًا.. هيروشيما تصرخ في وجه العالم
11 أغسطس 2025 11:54 ص
الهند على مفترق التصنيع.. فرصة تاريخية أم تحدٍ هيكلي؟
11 أغسطس 2025 09:54 ص
أكثر الكلمات انتشاراً