الجنوب العالمي بقبضة التنين، ديون الصين تتحول لعبء ثقيل على الدول النامية
السبت، 14 يونيو 2025 10:06 م

التنين الصيني
في تحول لافت لمسار التمويل العالمي، ستدفع الدول النامية المدينة للصين هذا العام مبالغ قياسية لبكين، وسط مؤشرات واضحة على تغير دور الأخيرة من ممول سخي إلى محصل قروض صارم.

هذا التحول يحمل في طياته تداعيات سياسية واقتصادية عميقة، ليس فقط على البلدان المدينة، بل أيضًا على ميزان القوى المالية عالميًا.
من شريان تنمية إلى طوق دين
منذ إطلاقها مبادرة الحزام والطريق في 2013، ضخّت الصين مئات المليارات من الدولارات في مشاريع بنى تحتية حول العالم، مقدمة نفسها كشريك تنموي للدول النامية.
غير أن هذه الشراكة، التي أتت في وقت عصيب على الاقتصاد العالمي، تحوّلت تدريجيًا إلى عبء ثقيل على كاهل تلك الدول، مع دخول كثير منها في دوامة خدمة الدين والعجز عن السداد.
ومن المتوقع أن تسدد 75 دولة من بين الأفقر عالميًا ما يصل إلى 19 مليار يورو للصين في عام 2025، في سابقة تاريخية لمستويات السداد.
هذا الرقم يعكس بداية ما وصفه التقرير بتسونامي مالي، تتغير فيه طبيعة العلاقة بين الصين وهذه الدول من علاقة مانح إلى دائن يتحصّل ديونه.
اقرأ أيضًا:
من «ملك العملات» إلى العملة المرتكبة، الدولار في مفترق طرق
من هارفارد إلى بكين، معركة القوة الناعمة بين أمريكا والصين تشتعل
معادلة جديدة، الصين تمول أقل وتقبض أكثر
الدراسة، المبنية على بيانات البنك الدولي، تشير إلى أن الصين لن تبقى بنك التنمية العالمي الذي عهدته الدول النامية خلال العقد الماضي، على العكس، يتجه منحنى الإقراض الصيني نحو الهبوط الحاد، فيما تتسارع وتيرة استرداد القروض القديمة والفوائد المترتبة عليها.
وهذا التحول تزامن مع ما يشبه الفرز السياسي في تعاملات الصين، إذ منحت بكين قروضًا جديدة لهندوراس وجزر سليمان بعد تخليهما عن الاعتراف بتايوان.
كذلك حصلت إندونيسيا والبرازيل على تمويلات جديدة، لكن تحت مبدأ النفوذ مقابل الموارد، إذ تسعى الصين لتأمين احتياجاتها من المعادن الحيوية.

فخ الديون و عودة الجدل
تحذيرات من فخ الديون الصيني لم تتوقف منذ سنوات، لكن الجديد اليوم هو أن الأرقام بدأت تعكس ذلك الخطر بوضوح، فحين تُجبر الدول الفقيرة على تخصيص نسبة متزايدة من ميزانياتها لسداد ديون لبكين، فإن قدرتها على تمويل الصحة والتعليم والبنى الأساسية تتآكل.
ورغم دفاع الصين عن نفسها، إذ تؤكد أن تعاونها المالي يتم وفقًا لقواعد السوق ومبادئ استدامة الديون، إلا أن المنتقدين يردون بأن طبيعة هذه القروض ذات الفوائد العالية والمضمونة بأصول استراتيجية تجعلها أكثر خطرًا من القروض الغربية التقليدية، خاصة في ظل غياب آليات شفافة لإعادة الهيكلة أو الإعفاء.
اقرأ أيضًا:
تحول شامل في تصدير المعادن، نيجيريا تُطلق مصنعي ليثيوم بدعم من الصين
«موديز» تحذر: الاقتصاد الصيني على مفترق طرق بين النمو والتحديات الهيكلية
اقتصاد عالمي على حافة الانكماش وترامب في الخلفية
التحولات الجارية تأتي في وقت مضطرب للاقتصاد العالمي، مع ارتفاع أسعار الفائدة، وتوترات تجارية متجددة، خاصة مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى دائرة التأثير السياسي والاقتصادي.
سياسات ترامب الحمائية قد تدفع بمزيد من الدول النامية إلى أحضان التمويل الصيني، ولكن بشروط أكثر قسوة في المستقبل.
لمن ستكون الكلمة الأخيرة؟
الصين، التي استثمرت عقودًا في بناء نفوذها عبر تمويل الدول النامية، تجد نفسها اليوم على مفترق طرق، فإما أن تُعيد رسم سياستها المالية وتخفف من وطأة ديونها، أو أن تواجه أزمة سمعة قد تطيح برهانها الاستراتيجي الأكبر.
وفي المقابل، تبدو الدول النامية مضطرة إلى مراجعة خياراتها التمويلية، فالمستقبل لا يبدو مريحًا عندما تتحول البنية التحتية التي بُنيت بالأمس إلى عبء مالي يُقوض فرص الغد.
Short Url
ترامب يعيد إحياء الطاقة النووية، رهان محفوف بالمخاطر وسط طفرة الذكاء الاصطناعي
13 يونيو 2025 09:41 م
الجنرال الخفي، كيف يحكم الذكاء الاصطناعي ميدان الحرب واقتصادها؟
13 يونيو 2025 03:49 م
الشرق الأوسط يترنّح تحت الضربات، فهل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد؟
13 يونيو 2025 02:20 م


أكثر الكلمات انتشاراً