من هارفارد إلى بكين، معركة القوة الناعمة بين أمريكا والصين تشتعل
الثلاثاء، 27 مايو 2025 11:54 ص

معركة القوة الناعمة
تحليل/ ميرنا البكري
منذ عودة ترامب للبيت الأبيض في يناير، وهو يدخل في معركة ضد كل ما يرمز للتنوع والانفتاح. وقرار منع تسجيل الطلاب الأجانب في جامعة هارفارد هو أحدث حلقة في هذه السلسلة. وهذا القرار ليس مجرد ورقة بيروقراطية، بل ضربة مباشرة للقوة الناعمة التي قامت أمريكا ببناءها على مدار عقود.
القوة الناعمة هو مصطلح اخترعه "جوزيف ناي" السياسي الأمريكي المعروف الذي توفى من قريب، والمقصود به قدرة دولة على التأثير والإقناع دون استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية. أي أمريكا كانت دائمًا تكسب العالم بالثقافة، بالهوليوود، بالجامعات مثل هارفارد، وبفكرة "الحلم الأمريكي".
لكن ترامب يقلب الطاولة. قراراته الأخيرة، من منع تسجيل الطلاب الأجانب، لتقليص التمويل للأبحاث، لتجميد إذاعة "صوت أمريكا"، وحتى فرض ضرائب على أفلام أجنبية، كلها تدمر الأدوات تدريجيًا.
لماذا جامعة هارفارد خصوصًا؟
هارفارد ليس جامعة عادية. بل رمز من رموز النفوذ الأمريكي الثقافي والعلمي. يوجد بها طلاب دوليين من حوالي 147، ونسبة الأجانب بها حوالي 27% من عدد الطلاب الكلي. أي حوالي 9970 طالب أجنبي يدرسوا بها حاليًا.
ترامب يرى إن الجامعات أصبحت "ليبرالية"، وتزرع أفكار ضد القيم الأمريكية التقليدية (من وجهة نظره)، فبدأ يقطع عنها التمويل ويشكك في دورها. ومن هنا جاء قرار وزارة الأمن الداخلي بإلغاء اعتماد هارفارد في برنامج الطلاب الدوليين.
الصين ترد بسرعة، حرب ناعمة على نار هادئة
بمجرد صدور القرار، الصين دخلت على الخط. حيث دعت الخارجية الصينية جامعات هونج كونج تستقبل الطلبة من كل العالم. والرسالة واضحة: إن كانت أمريكا لا ترغب في استقطاب هذه العقول، فالصين مستعدة لاحتضانها، وذلك يحدث في وقت التنافس به مشتعل بين واشنطن وبكين على من يسيطر على العقل قبل السوق.
كما إن القرار داخل أمريكا واجه انتقادات كبيرة. حيث قالت الديمقراطية "جين شاهين" إن الطلاب الأجانب لا يدعموا الاقتصاد الأمريكي فقط، بل هم أهم أدوات القوة الناعمة التي تمتلكها امريكا. وإذا منعناهم، نفقد ميزة استراتيجية ضخمة.
اقرأ أيضًا:
ترامب يوقف التمويل الفيدرالي لخدمة البث العامة وهيئة الإذاعة الوطنية
7000 طالب أجنبي في «هارفارد» يواجهون أزمة, وقاضية توقف قرار ترامب مؤقتًا

تداعيات اقتصادية مباشرة، التعليم يدفع الثمن
الطلبة الأجانب يدفعوا مصاريف كاملة، وأغلبهم لن يأخذ دعم مالي، أي يعتبر مصدر تمويل ضخم للجامعات. في 2024-2025، عدد الطلاب الأجانب في أمريكا وصل لـ 1.126 مليون طالب، وذلك رقم قياسي.
هارفارد مثلًا لديها وقف مالي ضخم (أكثر من 53 مليار دولار)، لكن معظم هذه الأموال مقيدة وليست سهلة الاستخدام. وأيضًا تمويلها يأتي بنسبة كبيرة من الرسوم الدراسية والمنح الفيدرالية التي يقلصها ترامب.
وبالفعل، كلية الطب في هارفارد بدأت تستعد لتسريح موظفين، وكلية الصحة العامة تغلق مكاتبها، أي التأثير بدأ في الظهور.
التأثير الاجتماعي والبحثي، نزيف عقول وهدم تنوع
هذا القرارا لا يؤثر على الأموال فقط، بل يهز صورة أمريكا كدولة جاذبة للعقول. تخيل أن يُمنع طالب أجنبي من الالتحاق بجامعة مرموقة مثل هارفارد، أو يُجبر على الانتقال منها بسبب قوانين الهجرة. التأثير لا يقتصر عليه وحده، بل يمتد ليشمل أسرته كاملة، التي قد تفقد هي الأخرى تأشيرات الإقامة، لتصبح ضحية لقرار لا ذنب لها فيه.
هذا بالإضافة إلى بعض فرق هارفارد الرياضية سيتم تفككها، لإن كثير من هؤلاء اللاعبين طلبة دوليين، مما يضر بالإنشطة غير الأكاديمية.
ختامًا، القرار ليس ضد هارفارد، بل ضد فكرة إن أمريكا بلد الفرص، وضد الصورة التي كانت تتصدر للعالم من عشرات السنين، وإذا استمر ترامب في هذه السياسات، أمريكا ستفقد قدرتها على "الجذب" لصالح قوى أخرى مثل الصين، التيي بدأت بالفعل تستفيد من هذا الخطا. وبدلًا ما تفتح أمريكا أبوابها للعقول، تغلقها، وبالتالي يؤثر على نفوذها العلمي، والاقتصادي، والثقافي في العالم بأكمله.
Short Url
إكسون موبيل الأميركية تستعد لبيع حصتها
29 مايو 2025 02:40 ص
"جلاكسو سميث كلاين" توقف تجربة أحد المضادات الحيوية بعد النتائج الإيجابية
29 مايو 2025 02:14 ص
ارتفاع محدود في سعر أونصة الذهب اليوم مع تراجع التوترات التجارية
28 مايو 2025 06:04 م


أكثر الكلمات انتشاراً