الثلاثاء، 07 أكتوبر 2025

01:52 م

روسيا خارج سباق الذكاء الاصطناعي.. إمبراطورية علمية تتعثر في زمن التحول الرقمي

الثلاثاء، 07 أكتوبر 2025 11:49 ص

روسيا خارج سباق الذكاء الاصطناعي

روسيا خارج سباق الذكاء الاصطناعي

في عالم يشهد سباقًا محمومًا نحو الذكاء الاصطناعي، باتت السيطرة على هذه التقنية المتقدمة، أقرب إلى معيار جديد للنفوذ الدولي، يشبه في وزنه امتلاك السلاح النووي إبان الحرب الباردة، حيث يأتي ذلك في وقت تضخ الولايات المتحدة والصين مئات المليارات في مراكز البيانات والنماذج اللغوية العملاقة، كما تتنافس الشركات الكبرى على من يقدم الأفضل في هذا المجال، وتقف روسيا، القوة النووية والعلمية التاريخية على الهامش.

ورغم أن موسكو تمتلك واحدة من أقوى المدارس في الرياضيات والهندسة وعلوم الحاسب، وتاريخًا حافلًا في مجالات الطيران والفضاء والتقنيات العسكرية، إلا أنها تغيب بشكلٍ لافتٍ عن الموجة الكبرى للذكاء الاصطناعي، سواءً من حيث الحضور التجاري، أو ريادة النماذج، أو النفوذ في الأسواق الرقمية.

روسيا وسباق الذكاء الاصطناعي

بين الحصار والعزلة.. البنية التحتية تنهار

وتبدأ قصة تأخر روسيا من العزلة التكنولوجية القسرية، فمنذ غزو أوكرانيا في 2022، فرض الغرب مجموعة واسعة من العقوبات، شملت أهم الأدوات الحيوية لبناء الذكاء الاصطناعي الحديث وشملت:- (الرقائق عالية الأداء من شركات مثل إنفيديا، وخدمات الحوسبة السحابية، والبرمجيات المتخصصة، وواجهات التطوير المتقدمة).

وتمثل كل هذه الأمور، حجر الأساس في بناء النماذج اللغوية العملاقة (LLMs)، وتشغيل التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التوليدي، وبدونها، يصبح التطوير المستقل شبه مستحيل، أضف إلى ذلك ضعف البنية التحتية الروسية نفسها، حيث لا توجد مراكز بيانات ضخمة بحجم تلك المنتشرة في أمريكا أو الصين، وحتى محاولات تهريب الرقاقات عبر الأسواق السوداء أو من خلال إيران، والتي لا تكفي لبناء منظومة قادرة على المنافسة طويلة الأمد.

خدمات الحوسبة السحابية

 

نزيف العقول.. هروب رأس المال البشري

وبعيدًا عن العقوبات، فإن الأزمة الأخطر تتمثل في فقدان روسيا لأهم أصولها وهي العقول، فالحرب وتدهور الحريات والخوف من التجنيد أو التضييق الأمني، دفع آلاف المهندسين والمبرمجين إلى مغادرة البلاد، خلال السنوات الثلاث الماضية فقط، وخرجت موجات من الكفاءات التقنية إلى أوروبا وأسيا، بل وحتى إلى دول الخليج.

وهذا النزيف البشري، أدى إلى تفريغ المؤسسات التقنية من أهم عناصرها، وجعل بيئة العمل التقنية في الداخل الروسي، أقل قدرة على الابتكار أو حتى المواكبة.

اقرأ أيضًا:-

الذكاء الاصطناعي يغيّر قواعد الملاحة الجوية، من التشغيل التقليدي لشركات الطيران الذكي

بيئة اقتصادية خانقة.. لا قطاع خاص قوي ولا تمويل جريء

وفي وادي السيليكون، تقوم صناعة الذكاء الاصطناعي على مغامرات رأس المال المخاطر، وشركات ناشئة تعمل خارج الأطر البيروقراطية، أما في روسيا، فالوضع مغاير تمامًا، فالشركات الكبرى إما مملوكة للدولة أو ترتبط بها، بينما يظل القطاع الخاص محدود التأثير، ويخضع للرقابة حيث يعاني من ضعف التمويل وثقافة الاستثمار الجريء.

وما النتيجة؟ مشروعات واعدة تموت في المهد، وابتكارات تبقى حبيسة المعامل، وهذا في الوقت الذي تنفق فيه شركات مثل:- (مايكروسوفت، وجوجل، وأوبن إيه آي، وعلي بابا) عشرات المليارات سنويًا على البحث والتطوير، في سباق عالمي لا يعترف بالخطوات البطيئة.

توجهات عسكرية

 

توجهات عسكرية.. على حساب الاقتصاد المدني

واحدة من أبرز السمات المميزة للإستراتيجية الروسية في الذكاء الاصطناعي، هي تركيزها المطلق على التطبيقات العسكرية والأمنية، من أنظمة المراقبة، إلى الطائرات المسيّرة، وتحليل البيانات الاستخباراتية توجه، لا يستهان به عسكريًا، لكنه اقتصاديًا يعزل روسيا عن السوق العالمية.

فالعالم اليوم لا يبحث فقط عن طائرات بدون طيار، بل عن تطبيقات ذكاء اصطناعي تغير التعليم، والصحة، والإدارة، والتجارة الإلكترونية، فالدول التي تقود السوق، هي تلك التي نجحت في جعل الذكاء الاصطناعي، جزءًا من حياة المستهلك، بينما روسيا لا تزال تحصره داخل دوائر مغلقة.

اقرأ أيضًا:-

"من محطات الوقود إلى التطبيقات الذكية"، هل يدفعنا الذكاء الاصطناعي إلى الغش؟

فجوة معرفية متزايدة.. رغم المحاولات المحلية

ورغم كل التحديات، لم تقف روسيا مكتوفة الأيدي، حيث أطلقت نماذج لغوية محلية مثل YandexGPT وGigaChat، وشهدت السوق الداخلية، تحركات لبناء بدائل روسية للمنتجات الغربية، لكن هذه المحاولات، تبقى أقرب إلى محاولات اللحاق أكثر من كونها إستراتيجية ريادة.

وأما التعاون مع الصين وإيران ودول البريكس، فيعد أحد المخارج البديلة، لكن لا يزال محكومًا بقيود البنية التحتية والتمويل، كما أن نماذج روسيا حتى الآن، تفتقر للقدرة على المنافسة دوليًا، خصوصًا بسبب ضعف تنوع البيانات الروسية، وغياب مجتمع مفتوح للتجريب والتطوير.

خدمات الحوسبة السحابية

 

قراءة ختامية.. المعرفة وحدها لا تكفي

وتمتلك روسيا بلا شك تراثًا علميًا راسخًا، وقاعدة بشرية واعدة، لكنها تعاني من غياب المنظومة القادرة على تحويل هذا التراث إلى منتجات وسوق وقوة ناعمة، وباختصار، روسيا تعرف كيف تفكر، لكنها لا تمتلك الأدوات أو البيئة التي تسمح بتحويل هذه الأفكار إلى ثورة صناعية رقمية.

وما لم تغير موسكو من أولوياتها الاقتصادية والسياسية، وتنفتح على التعاون والتجريب والتمويل الحر، فإنها ستبقى قوة علمية نائمة في عالم يتحرك بسرعة الذكاء الاصطناعي.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search