من الركود إلى التريليون، الاقتصاد الرقمي يُعيد تشكيل صناعة الإعلانات عالميًا

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 09:03 م

صناعة الإعلانات

رغم الضبابية الاقتصادية، وارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ بعض الاقتصادات الكبرى، يختتم قطاع الإعلانات العالمي عام 2025 على مفارقة لافتة، لم يكتف بالصمود، بل تجاوز لأول مرة في تاريخه مستوى التريليون دولار.

تقرير وكالة WPP Media لا يقرأ هذا الإنجاز كطفرة ظرفية، بل كنتيجة مباشرة لتحول هيكلي عميق في طبيعة الإعلان نفسه، حيث لم يعد الإعلان مجرد مساحة على شاشة أو صفحة، بل أصبح جزءًا من منظومة رقمية متكاملة تقوم على البيانات، والخوارزميات، وسلوك المستهلك.

نمو عالمي مدفوع بالرقمنة

وفق التقرير، تصل الإيرادات الإعلانية العالمية إلى 1.14 تريليون دولار في 2025، بنمو سنوي 8.8% (باستثناء الإعلانات السياسية الأمريكية)، وهو ما يفوق بكثير تقديرات منتصف العام.

هذه المراجعة الصعودية تعكس قدرة القطاع على التكيف السريع مع التحولات الاقتصادية، خاصة مع انتقال الإنفاق من القنوات التقليدية إلى المنصات الرقمية الأكثر قابلية للقياس والاستهداف.

الأهم أن التوقعات لا تتوقف عند هذا الحد، إذ يُنتظر نمو إضافي بنسبة 7.1% في 2026، بمتوسط نمو سنوي مركب يبلغ 6.3% على مدى خمس سنوات، ما يؤكد أن السوق يعيش تحولًا بنيويًا لا دورة انتعاش قصيرة.

أكبر 15 سوقًا إعلانيًا في العالم (2025)

الترتيب العالمي	الدولة	الإيرادات المتوقعة (مليار دولار)	نسبة النمو المتوقعة
1	الولايات المتحدة	431.2	%12.5
2	الصين	216	%6.8
3	المملكة المتحدة	58.4	%8.0
4	اليابان	51.9	%5.2
5	ألمانيا	40.8	%4.5
6	فرنسا	33.2	%4.5
7	البرازيل	26.8	%16.1
8	كندا	21.7	%7.7
9	الهند	20.7	%9.2
10	أستراليا	19.0	%5.2
11	إيطاليا	15.9	%2.9
12	كوريا الجنوبية	13.6	%3.0
13	إسبانيا	10.0	%4.0
14	هولندا	10.0	%8.6
15	المكسيك	9.5	%7.7

هيمنة الأسواق الكبرى لكن بوجوه جديدة

جغرافيًا، يتركز النمو في 15 سوقًا رئيسيًا، تتصدرها الولايات المتحدة بإيرادات إعلانية تتجاوز 431 مليار دولار، ونمو قوي يبلغ 12.5%، مستفيدة من عمق سوقها الرقمي وهيمنة عمالقة التكنولوجيا.

تحتل الصين المركز الثاني بإيرادات 216 مليار دولار، لكنها بنمو أبطأ نسبيًا، الأمر الذي يعكس نضج السوق والتحديات التنظيمية.

وإلى جانبهما، تشكل المملكة المتحدة واليابان وألمانيا نواة “الأسواق الخمسة الكبرى”، التي ما زالت تمثل العمود الفقري للإنفاق الإعلاني العالمي، حيث تأتي المملكة في المركز الثالث برصيد 58.4 مليار دولار، يليها اليابان بإيرادات 51.9 مليار دولار، ثم ألمانيا بإيرادات 40.8 مليار دولار.

الأسواق الناشئة.. النمو حيث لم يصل التشبع

في المقابل، تكشف الأرقام عن قصة مختلفة في الأسواق الناشئة، حيث يكون النمو أسرع رغم صغر الحجم، وتتصدر البرازيل المشهد بنمو 16.1%، تليها الهند بنحو 9.2%.

هذه الأسواق تستفيد من اتساع الطبقة المتوسطة، وزيادة استخدام الهواتف الذكية، وتسارع التجارة الإلكترونية، ما يجعل الإعلان الرقمي فيها أكثر فاعلية وأقل تكلفة مقارنة بالأسواق المتقدمة.

التجارة الإلكترونية تقلب موازين القوة

أحد أهم التحولات التاريخية في 2025 هو تجاوز إعلانات التجارة الإلكترونية لإجمالي إيرادات الإعلانات التلفزيونية لأول مرة، بإيرادات تبلغ 178.2 مليار دولار، حيث تشكل إعلانات التجارة 15.6% من السوق العالمي، في إشارة واضحة إلى انتقال الإعلان من بناء الصورة الذهنية إلى تحفيز الشراء المباشر.

الإعلان هنا لم يعد مجرد رسالة، بل أصبح جزءًا من رحلة المستهلك داخل المنصة نفسها.

التلفاز.. من الشاشة التقليدية إلى البث الذكي

رغم التراجع النسبي، لا يعني ذلك اختفاء التلفاز، حيث تشهد الإعلانات على أجهزة التلفاز المتصلة بالإنترنت (CTV) نموًا متسارعًا، لتستحوذ على أكثر من ربع عائدات الإعلانات التلفزيونية في 2025، مع توقعات بزيادة حصتها في 2026.

في المقابل، تتراجع حصة التلفاز التقليدي إلى 14.6% من السوق العالمي، ما يعكس انتقال المشاهد – وبالتالي المعلن – إلى منصات البث عند الطلب.

الإعلانات الصوتية والمطبوعة.. خسائر غير متكافئة

الصحف والمجلات هي الخاسر الأكبر، مع تراجع حاد في الإنفاق يعكس أزمة هيكلية لا ظرفية، أما الإعلانات الصوتية، مثل الراديو والبودكاست، فتبدو أكثر صمودًا، حيث يستقر الإنفاق عند نحو 27.5 مليار دولار، مستفيدة من عودة المحتوى الصوتي كوسيلة مرافقة للحياة اليومية.

إعلانات البحث لا تزال من أعمدة السوق، بإيرادات تقترب من 245 مليار دولار في 2025، لكن التقرير يلمح إلى نقطة انعطاف.

محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي تعيد تشكيل سلوك المستخدم، ما قد يبطئ نمو هذا القطاع مستقبلًا، ويفتح الباب أمام نماذج إعلانية جديدة تعتمد على “الإجابة” بدل “الرابط”.

الأسرع نموًا.. الألعاب والمحتوى الموجه

الإعلانات الموجهة للمحتوى تهيمن على السوق بحصة 58%، لكن المفاجأة تأتي من قطاع الألعاب، الذي يسجل نموًا يقارب 30%.

الألعاب لم تعد ترفيهًا فقط، بل منصة إعلانية تفاعلية قادرة على جذب جيل كامل يعيش داخل العوالم الرقمية.

أكثر ما يلفت في تقرير هذا العام، هو استبدال مفهوم “البحث” بفئة أوسع تحت مسمى “الذكاء”، وإدخال فئات جديدة مثل الإعلانات داخل الألعاب، وشبكات الإعلام التابعة للخدمات المالية والسفر.

هذه الإضافة ليست تفصيلًا تقنيًا، بل اعتراف بأن سوق الإعلانات يعاد تعريفه بالكامل، ونحن أمام اقتصاد انتباه جديد، تمحى فيه الحدود بين المحتوى، والتجارة، والتكنولوجيا، في عملية “تدمير خلّاق” تسقط النماذج القديمة لتبني أخرى أكثر تعقيدًا وربحية.

اقتصاد «الميمز»، كيف تحولت الصور الساخرة إلى أرباح بالمليارات في سوق الإعلانات؟

بـ350 مليار دولار، التكنولوجيا عنصر رئيسي لتطوير سوق الإعلانات

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.