طفرة الذكاء الاصطناعي، هوس المستثمرين يواجه اختبار الواقع
الإثنين، 10 نوفمبر 2025 12:00 م
الذكاء الاصطناعي التوليدي
منذ انطلاق موجة الذكاء الاصطناعي التوليدي في أواخر عام 2022، شهدت الأسواق المالية طفرة غير مسبوقة في أسهم الشركات المرتبطة بهذه التقنية، إذ تقترب إنفيديا من حاجز 5 تريليونات دولار، ومايكروسوفت وألفابت تتنافسان على صدارة الثورة التقنية، لكن وسط هذا الارتفاع القياسي، تزداد التساؤلات: هل نحن أمام تحول اقتصادي حقيقي طويل الأمد، أم أمام فقاعة استثمارية جديدة شبيهة بفقاعة الإنترنت في نهاية التسعينيات؟
أعاد بحث اقتصادي حديث إحياء نقاش قديم بين خبراء الأسواق المالية حول العلاقة بين الثورات التقنية وتقييمات الأسهم، وخلص إلى نتيجة مفاجئة، كلما أصبحت الأهمية الاقتصادية للذكاء الاصطناعي أكثر وضوحًا، انخفضت تقييمات الأسهم المرتبطة به.

الجذور النظرية.. من فقاعة الإنترنت إلى فقاعة الذكاء الاصطناعي
يعود الفضل في هذا الإطار التحليلي إلى باحثين بارزين من جامعة شيكاغو، هما لوبوس باستور وبييترو فيرونيسي، اللذين قدما في ورقتهما البحثية "الثورات التقنية وأسعار الأسهم" (2009) تفسيرًا رياضيًا لكيفية تشكل الفقاعات في فترات التحول التكنولوجي.
النموذج الذي طوراه يعتمد على مبدأ بسيط، كلما ازداد الغموض حول مستقبل التقنية الجديدة، زاد استعداد المستثمرين لدفع أسعار أعلى للأسهم المرتبطة بها، أما حين يتراجع الغموض وتصبح التوقعات الاقتصادية أكثر وضوحًا، تبدأ الأسواق في إعادة تقييم الأسعار بصورة أكثر واقعية، فتتراجع نسب السعر إلى الأرباح، وتنخفض الحماسة الاستثمارية.
اقرأ أيضًا:
حرب صامتة على شرائح الذكاء الاصطناعي، الصغار يحترقون والعمالقة يجمعون الغنائم
الذكاء الاصطناعي بين الاقتصاد الجديد والاقتصاد القديم
بحسب الدراسة، لا تقتصر آثار الذكاء الاصطناعي على قطاع التكنولوجيا وحده، فكلما ترسخت تطبيقاته في القطاعات التقليدية، والصناعة، والخدمات، والرعاية الصحية، يتزايد الترابط بين الاقتصادين القديم والجديد، هذا الترابط يرفع ما يعرف بـ"المخاطر المنهجية" Systematic Risk، أي المخاطر التي لا يمكن تنويعها أو تجنبها، لأنها أصبحت جزءًا من النظام الاقتصادي ككل.
في المراحل الأولى من الثورة، كانت شركات الذكاء الاصطناعي تشكل رهانات مستقلة نسبيًا عن بقية السوق، ما جعل معدل الخصم المستخدم في تقييمها منخفضًا نسبيًا وبالتالي أسعارها مرتفعة، لكن مع انتشار الذكاء الاصطناعي في كل القطاعات، أصبحت هذه الشركات أكثر حساسية لدورات الاقتصاد وأسعار الفائدة والسياسات النقدية، والنتيجة: ارتفاع معدل الخصم وانخفاض التقييمات.

نموذج جوردون والنقطة الحرجة في التسعير
لتبسيط الصورة، يستخدم الاقتصاديون نموذج جوردون للنمو الذي يقيس قيمة السهم، عندما يكون النمو المتوقع غير مؤكد كما هو الحال في ثورات التكنولوجيا، يدفع المستثمرون علاوة سعرية مقابل هذا الأمل، لكن مع زيادة اليقين حول الأرباح المستقبلية، تختفي تلك العلاوة، ويعود السعر إلى قيمته الأساسية، هذا ما يفسر سلوك أسهم الإنترنت في أواخر التسعينيات، ويبدو أنه ما يحدث تدريجيًا اليوم في موجة الذكاء الاصطناعي، الانتقال من فوضى الحماس إلى منطق الحسابات.
اقرأ أيضًا:
فقاعة الذكاء الاصطناعي تلوح بالأفق، فجوة تمويلية ضخمة تقترب من 800 مليار دولار سنويًا
مؤشرات السوق.. ارتفاع بيتا وتحول المخاطر
أشار تحليل تم عرضه في مؤتمر معهد ماساتشوستس للتقنية MIT هذا العام إلى أن عامل بيتا، الذي يقيس مدى ارتباط حركة السهم بحركة السوق ككل، ارتفع بوضوح في الشركات التي تذكر الذكاء الاصطناعي بشكل متكرر في إعلانات وظائفها وتقاريرها المالية. هذا يعني أن أسهم الذكاء الاصطناعي أصبحت أكثر حساسية لتقلبات السوق العامة، بعد أن كانت تتحرك سابقًا بشكل شبه مستقل، التحول من "مخاطر خاصة" إلى "مخاطر منهجية" هو بالضبط ما توقعه نموذج باستور وفيرونيسي قبل أكثر من عقد.

السيناريوهات المحتملة.. بين الطوفان والطفرة المستدامة
من منظور اقتصادي، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات لمستقبل الذكاء الاصطناعي في الأسواق:
سيناريو الطفرة المستدامة:
تتجذر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في البنية الإنتاجية وتحدث قفزة حقيقية في الإنتاجية، كما حدث مع الكهرباء والإنترنت.
في هذه الحالة، تستقر التقييمات عند مستويات مرتفعة ولكن منطقية، مدعومة بتدفقات نقدية قوية.
سيناريو الفقاعة المنضبطة:
يتضح أن مكاسب الإنتاجية أقل مما كان متوقعًا، فتتراجع التقييمات تدريجيًا من دون انهيار شامل، كما حدث بعد فقاعة الإنترنت حين برزت شركات قوية مثل "أمازون" و"جوجل" من بين الركام.
سيناريو الانكماش المفاجئ:
في حال تباطأ الطلب أو ظهرت قيود تنظيمية أو بيئية، قد نشهد تصحيحًا حادًا في السوق، يعيد أسهم الذكاء الاصطناعي إلى مستوياتها قبل الطفرة.
اقرأ أيضًا:
وادي السيليكون يشهد انقساما حادًّا، هل الآلةُ تُفكر حَقّا؟
من فقاعة الإنترنت إلى فقاعة الخوارزميات
رغم الفارق التكنولوجي بين التسعينيات و2025، فإن المنطق الاقتصادي يبقى واحدًا، الأسواق لا تكافئ الابتكار، بل تكافئ العائد الموثوق منه.
في البداية، يسعر المستثمرون "الاحتمال"، ثم يسعرون "الواقع"،. ومع تزايد وضوح الواقع، تنخفض الأسعار النسبية لا لأن الشركات فشلت، بل لأن الحلم أصبح رقمًا قابلاً للقياس.

ما وراء الحماس
طفرة الذكاء الاصطناعي ليست وهمًا، لكنها أيضًا ليست ضمانًا، فمع نضوج التكنولوجيا وتراجع الغموض، سيعود المنطق الاقتصادي ليحكم الأسواق، إن الثورات التقنية لا تخلق فقاعات لأنها غير واقعية، بل لأنها تجعل المستقبل يبدو واضحًا أكثر مما هو عليه.
في ضوء ذلك، قد يكون السؤال الحقيقي اليوم ليس هل الذكاء الاصطناعي فقاعة؟ بل متى ستتحول الفقاعة إلى اقتصاد حقيقي؟
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
أكثر من 140 ألف دولار، قائمة الوظائف الأعلى أجرًا في العالم بدون شهادة جامعية
10 نوفمبر 2025 04:00 م
320 مليار دولار، الذكاء الاصطناعي يعيد رسم اقتصاديات الشرق الأوسط
10 نوفمبر 2025 02:30 م
لماذا تتحول الشركات نحو الأسهم الخاصة؟
10 نوفمبر 2025 10:20 ص
أكثر الكلمات انتشاراً