الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025

08:56 م

حرب صامتة على شرائح الذكاء الاصطناعي، الصغار يحترقون والعمالقة يجمعون الغنائم

الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 01:00 م

شرائح الذكاء الاصطناعي

شرائح الذكاء الاصطناعي

يشهد سوق الذكاء الاصطناعي في عام 2025 واحدة من أكثر مراحل التحول عنفًا وتناقضًا في تاريخه القصير، حيث تتصارع الشركات العملاقة والمنافسون الصغار في سباق غير متكافئ للسيطرة على موارد الحوسبة، التي أصبحت بمثابة النفط الجديد لعصر الذكاء الاصطناعي.

المفارقة الصارخة التي تلفت الانتباه هي أن تكلفة استئجار وحدات معالجة الرسومات (GPU) أصبحت اليوم أرخص بكثير من شرائها، ما يعكس ضغوط العرض والطلب وتغير موازين القوة بين كبار مقدمي الخدمات السحابية وشركات الحوسبة الناشئة، فعلى سبيل المثال، كانت تكلفة الحصول على وحدة Nvidia B200 GPU عند إطلاقها في أواخر 2024 تقارب 50 ألف دولار، بينما أصبح استئجارها في أوائل 2025 يكلف حوالي 3.20 دولار للساعة، ثم انخفض مؤخرًا إلى 2.80 دولار فقط. 

هذا الانخفاض لا يعكس مجرد منافسة سعرية، بل يعبر عن أزمة هيكلية في السوق، حيث تحاول الشركات الصغيرة جذب عملاء بأسعار منخفضة لدرجة تهدد استدامتها الاقتصادية.

Nvidia 

تطور البنية التحتية ومعركة الأسعار

تعمل إنفيديا على تطوير بنيتها المعمارية للشرائح كل عامين، ما يسمح للمشغلين الكبار، ممن يمتلكون القدرة المالية الضخمة، بتجديد معداتهم واستقطاب عملاء جدد بأسعار مغرية للأجهزة القديمة، ومع إن المشهد يبدو كأنه حرب أسعار مألوفة في عالم التكنولوجيا، إلا أن الصورة أعمق من ذلك بكثير.

فبحسب بيانات بنك RBC Capital Markets، تراجعت أسعار تأجير وحدات H200 وH100 بنسب 29% و22% على التوالي خلال عام 2025، غير أن هذا التراجع لم ينعكس على الأسعار التي تقدمها عمالقة الخدمات السحابية مثل Amazon AWS وMicrosoft Azure وGoogle Cloud وOracle. هؤلاء الكبار ما زالوا يحتفظون بهوامش ربح مرتفعة ويستفيدون من الثقة الكبيرة لدى عملائهم، ما وسع الفجوة بينهم وبين اللاعبين الصغار الذين يحرقون أموالهم في معركة البقاء.

اقرأ أيضًا:

رغم الضغوط الحكومية، شركات التكنولوجيا الصينية تتمسك بشراء شرائح “إنفيديا”

هيمنة الكبار وتحديات الصغار

اللاعبون الجدد في السوق، خصوصًا الشركات الناشئة والمراكز البحثية ومطوري البرمجيات المستقلين، يقودون موجة الانخفاض السعري هذه، هؤلاء يمثلون قطاع GPU-as-a-Service الذي يعتمد على تأجير قدرات الحوسبة السحابية، وغالبًا ما يستهدف مشاريع قصيرة المدى أو تجريبية، لكن في المقابل، تظل الشركات الكبرى والعملاء التجاريون الرئيسيون ملتزمين بمزودي الخدمات التقليديين بفضل الاعتمادية والأمان وسلاسة الأداء، حتى لو كانت الأسعار أعلى من المتوسط العام.

والنتيجة أن المنافسة لا تجري على نفس الأرضية، فالكبار يراكمون الأرباح من قاعدة عملاء ثابتة، بينما يتنازع الصغار على فتات السوق من مطوري المحتوى وصناديق التحوط الكمية والأكاديميين محدودي الموارد. هذه الفئة الأخيرة تمثل الزبون الأخير الذي تراهن عليه الشركات الصغيرة للحفاظ على دورة تشغيل معداتها وتغطية التكاليف، في سوق يزداد اختناقًا يومًا بعد يوم.

Microsoft Azure

تكاليف ضخمة وعوائد متناقصة

لنأخذ مثالاً توضيحيًا، وحدة Nvidia DGX A100 التي تحتوي على ثمانية معالجات، بلغ سعرها عند إطلاقها عام 2020 حوالي 199 ألف دولار، ومع افتراض تشغيل مستمر لمدة خمس سنوات، يجب أن تحقق نحو 4 دولارات للساعة لتغطية التكلفة.

ومع ذلك، انخفض متوسط سعر تأجيرها من 2.40 دولار للساعة في 2020 إلى 1.65 دولار فقط اليوم، فيما يفرض كبار المزودين أسعارًا تفوق 4 دولارات، بينما يخفض المنافسون الصغار أسعارهم حتى 0.40 دولار للساعة في محاولة يائسة لجذب المستخدمين.هذه الفجوة تطرح تساؤلات خطيرة حول جدوى نماذج الأعمال الناشئة في هذا القطاع، وحول ما إذا كانت السوق قد دخلت مرحلة الفقاعة الحوسبية المشابهة لفقاعات الإنترنت والعملات الرقمية السابقة.

اقرأ أيضًا:

الولايات المتحدة تخفف القيود على شرائح الذكاء الاصطناعي.. والصين: لسنا بهذه السذاجة

مؤشرات اقتصادية وتحولات قادمة

من تحليل هذه الاتجاهات، يمكن استخلاص عدة مؤشرات اقتصادية مهمة:

  • من المرجح أن تباع أعداد ضخمة من وحدات GPU التي اقتنيت خلال جائحة كوفيد في أسواق إعادة البيع دون أن تستخدم فعليًا، ما قد يضغط على الأسعار أكثر.
  • العملاء الذين جذبتهم تكاليف الحوسبة المنخفضة لا يمتلكون القدرة أو الرغبة في دفع أسعار عادلة تضمن استدامة مقدمي الخدمة.
  •  الشركات الكبرى لا تعتبر هؤلاء منافسين حقيقيين، بل تنتظر انهيار السوق الفرعي الصغير لتستحوذ على حصته لاحقًا.
  • صدمة قادمة في مراكز البيانات قد تؤدي إلى موجة إفلاسات واسعة بين الشركات الناشئة التي لا تستطيع تغطية التكلفة التشغيلية الفعلية.
  • قد يكون العالم قد بالغ في تقدير حجم الطلب الحقيقي على وحدات GPU، إذا تبين أن معظم المستخدمين التجاريين يكتفون بخدمات مثل OpenAI وAnthropic ولا يسعون لبناء بنية تحتية خاصة بهم.
OpenAI وAnthropic

نحو مشهد جديد للذكاء الاصطناعي

ما يبدو اليوم هو منافسة صامتة بين الكبار والصغار هو في الحقيقة إعادة تشكيل كاملة لخريطة القوة في سوق الذكاء الاصطناعي، والبقاء سيكون للأقوى تمويلاً والأوسع انتشارًا، في حين أن التكنولوجيا الفائضة والمعدات غير المستغلة ستتحول إلى عبء رأسمالي يثقل كاهل السوق. خلال السنوات المقبلة، ستحدد الشركات العملاقة لا الابتكارات الصغيرة ملامح هذا القطاع، لتتحول المنافسة من صراع على الأسعار إلى صراع على البقاء ذاته.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search