الجمعة، 19 سبتمبر 2025

07:30 م

صفقة كبرى تخفي أزمة أعمق.. إنفيديا وإنتل، استثمار ضخم أم محاولة لتأجيل الانهيار؟

الجمعة، 19 سبتمبر 2025 06:19 م

إنفيديا وإنتل

إنفيديا وإنتل

في سابقة غير متوقعة، أعلنت شركة إنفيديا Nvidia عن استثمار ضخم بقيمة 5 مليارات دولار في منافستها السابقة إنتل Intel، لتستحوذ بذلك على حصة تبلغ 4% من عملاق تصنيع الرقائق الأمريكي، وفور الإعلان، قفز سهم إنتل بنسبة وصلت إلى 30% خلال جلسات التداول، وسط حماسة المستثمرين وتفاؤل الأسواق.

لكن كما يقول المثل، “ليست كل قفزة علامة على الشفاء”، فرغم أهمية الشراكة الإستراتيجية التي تم الإعلان عنها، إلا أن الصفقة لم تمس أساس المشكلة التي تهدد مستقبل إنتل، ذراع التصنيع المتعثر (Intel Foundry Services)، والذي يتكبد خسائر سنوية بالمليارات، فهل نحن أمام بداية إنقاذ حقيقي لإنتل، أم مجرد ضخ مالي مؤقت لا يغير من واقعها الصعب شيئًا؟

شركة إنفيديا Nvidia

صفقة بلا عمق تصنيعي.. لماذا تجاهلت إنفيديا أكبر أزمات إنتل؟

وركزت الصفقة على شراكات متبادلة في المجال التقني، حيث أعلنت إنفيديا أنها ستستخدم وحدات المعالجة المركزية من إنتل في خوادمها الخاصة بالذكاء الاصطناعي، بينما ستدمج إنتل تقنيات الذكاء الاصطناعي من إنفيديا، في معالجاتها لأجهزة الكمبيوتر الشخصية.

لكن اللافت، والذي لم يغب عن أنظار المحللين، أن الصفقة تجاهلت تمامًا قطاع التصنيع داخل إنتل، وهو القطاع الذي يعاني من خسائر ضخمة، حيث فشل في جذب عملاء رئيسيين منذ إطلاقه في 2021.

 

لماذا هذا التجاهل؟

ووفق محللين، فإن إنفيديا تعلم حجم التحديات التي تواجه مصانع إنتل، من حيث التكنولوجيا المتأخرة عن منافسيها، وصعوبات في الإنتاج، وافتقار للبنية التحتية المرنة التي تقدمها شركة مثل TSMC، لذلك فضلت عدم المجازفة حاليًا بإنتاج رقائقها هناك، ولو بشكل جزئي، وأبقت اعتمادها التصنيعي على TSMC، رغم المخاطر الجيوسياسية المحيطة بتايوان.

إنتل

 

ذراع التصنيع في إنتل.. من حلم إلى كابوس مالي

وأُطلق قطاع Intel Foundry Services عام 2021 بقيادة المدير التنفيذي السابق بات جيلسنجر، ضمن خطة طموحة لتحويل إنتل إلى لاعب عالمي في مجال التصنيع للغير Foundry، لمنافسة TSMC وسامسونج.

كما رصدت ميزانيات ضخمة تخطت 100 مليار دولار، لبناء مصانع متقدمة في أمريكا وأوروبا، وراهن الكثيرون على نجاح هذه الإستراتيجية، خاصة في ظل الدعم الحكومي الأمريكي الواسع للمجال.

لكن، سرعان ما تهاوت الآمال:

  • فلم تنجح إنتل في إقناع شركات كبرى مثل أبل، وكوالكوم Qualcomm، وإنفيديا بتحويل إنتاجها إليها.
  • كما أن التقنيات التصنيعية لإنتل، خاصة على مستوى 3 نانومتر و2 نانومتر، ظلت متأخرة مقارنة بـTSMC.
  • وتضاعفت خسائر الذراع التصنيعي من 7 مليارات دولار عام 2023، إلى 13 مليار دولار عام 2024.
  • أسهم إنتل انهارت بنسبة 60% في عام واحد، ما أجبر مجلس الإدارة على الإطاحة بجيلسنجر في نهاية 2024.

ورغم تغيير القيادة، لم تتغير المعطيات كثيرًا، ما زالت مصانع إنتل تعمل بأقل من نصف طاقتها، ولا يوجد أي عقود كبيرة تلوح في الأفق.

اقرأ أيضًا:-

أسهم "إنتل" تقفز بأكثر من 30% بعد صفقة بـ 5 مليارات جنيه مع «إنفيديا»

دور الحكومة الأمريكية.. الأمن القومي فوق الاقتصاد

وفي خلفية المشهد، هناك معطى لا يمكن تجاهله، وهو البعد الجيوسياسي، وترى الولايات المتحدة في إنتل آخر أمل لتأمين سلسلة التوريد المحلية في مجال الرقائق المتقدمة، وفي ظل التوتر مع الصين، واحتمال غزو تايوان حيث تقع منشآت TSMC، تخشى واشنطن من فقدان القدرة على الوصول إلى تقنيات الرقائق الأحدث، ما قد يعطل الصناعات الأمريكية كلها، من الدفاع إلى الذكاء الاصطناعي.

لذا، تدخلت الحكومة الأمريكية بشكل مباشر:

  • استثمرت مؤخرًا في إنتل بنسبة 10% عبر صندوق الأمن القومي.
  • قدمت مساعدات مالية ضمن قانون الرقائق الأمريكي (CHIPS Act).
  • ضغطت على إنفيديا لتقوية العلاقات مع إنتل، ضمن إستراتيجية تقليل الاعتماد على TSMC.

لكن حتى الآن، يبدو أن إنفيديا لم تتلقى الأوامر أو الحوافز الكافية لنقل جزء من تصنيعها إلى مصانع إنتل، ما يطرح علامات استفهام حول فعالية هذا التوجه.

TSMC

 

مستقبل التصنيع.. بيع المصانع أم دعم طويل الأجل؟

الوضع الراهن يجعل إنتل أمام خيارين أحلاهما مر:-

1. الاستمرار في دعم قطاع التصنيع:

يتطلب عشرات المليارات من الدولارات سنويًا، ومع استمرار الخسائر، قد لا يرى المستثمرون جدوى من ذلك، لكن له بعد إستراتيجي وجيوسياسي حيوي للولايات المتحدة.

2. بيع الذراع التصنيعي أو فصله:

قد يوقف النزيف المالي على المدى القصير، لكنه سيعني أن إنتل نفسها ستصبح "شركة بدون مصانع" (Fabless)، ما يضرب فلسفتها الأساسية، وهذا سيجعلها تعتمد على TSMC أو سامسونج، تمامًا كإنفيديا، الأمر الذي تحاول أمريكا تجنبه.

 

اقرأ أيضًا:-

«إنتل» تكشف عن معالجين ثوريين للذكاء الاصطناعي والألعاب

هل صفقة إنفيديا نقطة بداية أم نهاية وهم؟

رغم أن الصفقة تبدو وكأنها نقطة تحول إيجابية لإنتل، إلا أنها في جوهرها لم تغير الكثير في معادلة الصناعة:-

  • إنفيديا لم تلتزم بأي تصنيع داخل مصانع إنتل.
  • الأسواق احتفلت بصعود السهم، لكن لم يحدث تغيير جوهري في الهيكل المالي أو الإستراتيجي.
  • قطاع التصنيع يواصل نزيفه، بلا عملاء كبار أو رؤية واضحة للربحية قبل عام 2027.
  • وبالتالي، قد تكون هذه الصفقة مجرد تنفس صناعي لإنتل، وليس علاجًا جذريًا.
إنتل 

 

هل تنقذ السيولة وحدها شركة تصنع في عصر الذكاء؟

إنتل ليست مجرد شركة، بل رمز للصناعة الأمريكية، وصمام أمان تكنولوجي في مواجهة صعود أسيا التكنولوجي، وتحديدًا تايوان وكوريا الجنوبية.

لكن هذا الرمز اليوم، يترنح ماليًا وتكنولوجيًا، وعلى الرغم من أن استثمار إنفيديا، منح إنتل دفعة نفسية في الأسواق، إلا أن المعركة الحقيقية لا تزال أمامها في مصانعها، وفي قدرتها على تقديم بديل حقيقي لتصنيع الرقائق خارج أسيا، فهل يكون هذا الاستثمار بدايةً لتعاون أعمق مع إنفيديا في مجال التصنيع؟ أم مجرد مناورة علاقات عامة مؤقتة؟الأشهر القادمة وحدها ستحدد.

هل ترى أن دعم الحكومة الأمريكية لإنتل كافي لإنقاذها من الانهيار؟ أم أن النموذج التصنيعي برمته لم يعد قابلاً للحياة؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search