السبت، 20 ديسمبر 2025

10:55 ص

كيف تواجه القارة العجوز عاصفة ترامب وجمود الاقتصاد في 2025؟

السبت، 20 ديسمبر 2025 09:14 ص

الاتحاد الأوروبي

الاتحاد الأوروبي

ميرنا البكري

لم يعد 2025 عام عابر في تاريخ الاقتصاد العالمي، فبعد انتعاشة ما بعد الجائحة في 2021، ثم التباطؤ الذي حدث في  2023-2024، جاءت 2025 مليئة بالتناقضات، فالعالم أمام معادلة معقدة من أسعار فائدة تتجه نحو الهبوط، مقابل توترات سياسية تندفع نحو الانفجار، وتطور تكنولوجي مذهل يقابله تهديد صريح لاستقرار التجارة العالمية.

فعادت الحروب التجارية تتصدر المشهد من جديد، فأصبح التلويح بالتعريفات الجمركية سياسة معلنة والاقتصادات الكبرى باتت تبحث عن تأمين نموها بأي ثمن، حتى لو على حساب الشركاء.

من وجهة نظر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فهناك عوامل إيجابية تدفع معدلات النمو أهمها انتشار استخدامات الذكاء الاصطناعي، وتحسن نسبي في الأوضاع المالية، وتراجع أسعار الفائدة مقارنة بذروة التضخم، لكن في المقابل، الصورة ليست وردية، فبدأت أسواق العمل تظهر عليها علامات إرهاق، وفجوة النمو بين الدول تتسع، وبالتالي تحولت إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي حقيقة وليس توقع.

نشاط الأعمال في منطقة اليورو يسجل أعلى مستوى في 16 شهرا
منطقة اليورو

أوروبا في وضع "اللحاق بالكبار"

تقبل منطقة اليورو على عام 2025 وهي على دراية بأنها ليست في المقدمة وتتوقع OECD أن نموها يظل أقل من الولايات المتحدة والصين وهذا يعود لعدة أسباب كتباطؤ الطلب الداخلي، وقيود مالية صارمة.

 مفارقة 2025، أيرلندا في القمة وفنلندا في القاع

يُتوقع أن تشهد أيرلندا نمو قياسي بحوالي 10.2% في 2025 بحسب توقعات منظمة التعاون الاقتصادي، وهذا يعود لطفرة صادرات الأدوية قبل تطبيق تعريفات جمركية أمريكية محتملة لكن الحقيقة هذا النمو لا يعكس الاقتصاد الحقيقي بالكامل، فشركات متعددة الجنسيات تسجل أرباحها في أيرلندا بسبب الضرائب المنخفضة، والناتج المحلي يتضخم أكتر من الواقع.

على النقيض تمامًا تمثل فنلندا الوجه الآخر للأزمة، فيواجه اقتصادها حالة من الجمود تتمثل في نمو يقترب من الصفر وتوقف شبه كاملًا لعجلة الإنتاج، وحالة من الحذر الشديد في الإنفاق من قبل المواطنين، وانخفاض حاد في حركة الإنشاءات لتصحيح المعروض الزائد.

فأصبحت فنلندا نموذج حي للاقتصادات الحساسة التي تدفع ثمن تباطؤ الطلب العالمي وارتفاع تكاليف التمويل بسرعة أكبر عن غيرها.

اقتصاد أيرلندا ينكمش بنسبة 1% خلال الربع الثاني | سكاي نيوز عربية

 معركة التعريفات الجمركية، ترامب وأوروبا

عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسياسة "أمريكا أولًا" بأقصى قوة، فهدد بفرض رسوم تصل لـ 100% على الأدوية المستوردة باستثناء وحيد لمن يبني مصانع بداخل أمريكا.

في المقابل، رد الاتحاد الأوروبي بنبرة قانونية حادة مؤكدًا أن الاتفاقيات التجارية القائمة تضع سقفًا واضحًا للرسوم لا يتجاوز 15%، وأيضًا أي تجاوز لهذا الحد سيعتبر اختراق للقوانين الدولية المنظمة للتجارة، فالمشهد هنا ليس تجارة فحسب بل معركة جذب استثمارات وصناعة محلية.

خريطة النمو 2026-2027، هل تكفي الإصلاحات لمواجهة العاصفة التجارية؟

تشير التوقعات المستقبلية لمنطقة اليورو إلى مرحلة من التعافي التدريجي ، بعيداً عن قفزات النمو السريعة فمن المتوقع أن يستقر النمو عند 1.2% في عام 2026، ليرتفع بنسبة بسيطة ويصل إلى 1.4% بحلول عام 2027.

ويعود هذا التفاؤل إلى عدة ركائز الأساسية وأهمها قوة صندوق التعافي الأوروبي الذي يمثل شريان الحياة للاقتصادات المتعثرة عبر ضخ استثمارات ضخمة، بالإضافة إلى العودة لتمويل المشاريع الكبرى خاصةً في مجالات الطاقة والتحول الرقمي، والإصلاحات الهيكلية التي تتمثل في البدء في تنفيذ حزمة إصلاحات كانت مؤجلة، مما يرفع كفاءة الاقتصادات المحلية.

في المقابل، برغم من مؤشرات التعافي فهناك عدة معوقات إلا أن الطريق ليس مفروشًا بالورود؛ فالمشهد الاقتصادي سيظل محكومًا باستمرار النزاعات التجارية التي لا تزال تلقي بظلال من عدم اليقين على حركة الصادرات، بالإضافة إلى القيود المالية الصارمة المتمثلة في سياسات التقشف لضبط الموازنات العامة في دول كبرى مثل فرنسا وإيطاليا، فسيصبح النمو بطيئاً وحذرًا نتيجة الضغوط التضخمية السابقة وتكلفة التمويل التي لم تنخفض بعد للمستويات المطلوبة.

تأجيل الرسوم الجمركية حتى أغسطس، هل مناورة ترامب يجب أن تثير قلقك؟ - إيجي إن
تعريفات ترامب الجمركية

 خريطة القوى الاقتصادية في أوروبا

تتمثل الدول التي تربح الجولة في بولندا وتركيا وليتوانيا وشهدت نمو بين 3.1% و3.4% أعلى من المتوسط العالمي الذي سجل 2.9%، وتظهر إسبانيا كنجم المرحلة بنمو 2.2% في 2026 بفضل سوق العمل القوي وارتفاع معدلات الأجور وتعرض محدود للغاية للرسوم الأمريكية.

تواجه بريطانيا حالة من التباطؤ الشديد التقديرات إلى نمو متواضع لا يتجاوز الـ 1.2%. ولا يعود هذا التراجع للظروف العالمية فحسب، بل لعوامل داخلية تضغط على مفاصل الاقتصاد، وأبرزها قيود الإنفاق الحكومي التي حدت من قدرة الدولة على تحفيز الطلب، بالإضافة إلى  تراجع الوظائف الشاغرة بنسبة كبيرة وصلت لـ 14%، مما يعكس حالة من الحذر لدى الشركات وتراجعاً في معدلات التوظيف الفعلية.

في قلب منطقة اليورو، تعاني القوى الاقتصادية الكبرى (ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا) من معدلات نمو باهتة تتراوح ما بين 0.6% و1%، مما يضع القارة أمام تساؤلات صعبة للغاية حول مستقبل تنافسيتها فتحاول ألمانيا استعادة توازنها عبر المراهنة على الإنفاق الدفاعي الضخم، لكن التحفيز الصناعي لا يزال محدودًا، مما يجعل استجابة الاقتصاد الألماني للنمو بطيئة وغير كافية.

أما فرنسا وإيطاليا فتواجه كلًا منهما واقع اقتصادي معقد  كاتباع سياسات تقشفية صارمة لضبط الموازنة العامة، فهذا التوجه قلص المساحات المتاحة للتحفيز، ليصبح النمو مكبوح بالعديد من القيود المالية وسياسية تمنع الانطلاق نحو معدلات أعلى.

يؤكد عام 2025 أن العالم يدخل عصر اقتصاد التكيف، فالصراع اليوم لم يعد مجرد إحصائيات فقط، بل صراع بقاء بين قوى تحمي أسواقها بالتعريفات الجمركية، ودول تسعى لترميم نموها بالابتكار والإصلاح، وفي النهاية تثبت التجربة أن النجاح في هذا النظام الجديد لن يكون من نصيب الضخامة المالية وحدها، بل لمن يملك المرونة في مواجهة التقلبات، والقدرة على تحويل التهديدات التجارية إلى فرص لتوطين الصناعة وبناء اقتصاد أكثر صموداً وواقعية.

اقرأ أيضًا:-

الخارجية: نتطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع الاتحاد الأوروبي

أمريكا تنتقد الاتحاد الأوروبي بعد فرضه غرامه على منصة "إكس"

وسائل إعلام: دول الاتحاد الأوروبي تتفق على عقوبات جديدة ضد روسيا - RT Arabic
دول الاتحاد الأوروبي

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search