الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025

07:14 م

اليابان تزرع الشمس، مشروع أبولو الجديد يشعل سباق الطاقة النظيفة عالميًا

الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 03:00 م

ثورة علمية تحت شعار "أبولو الياباني"

ثورة علمية تحت شعار "أبولو الياباني"

في خضم تسارع أزمة المناخ العالمية وتزايد الطلب على الطاقة، تظهر اليابان كمركز طموح يقود ثورة علمية جديدة تحت شعار “أبولو الياباني”، في إشارة إلى برنامج الفضاء الأمريكي الذي غير وجه التكنولوجيا في القرن العشرين، لكن هذه المرة، المهمة ليست الوصول إلى القمر، بل إلى طاقة خضراء بلا كربون من خلال ما يعرف بـ"التمثيل الضوئي الاصطناعي"، وهي عملية تحاكي الطبيعة في تحويل ضوء الشمس والماء وثاني أكسيد الكربون إلى وقود نظيف ومركبات عضوية على نطاق صناعي.

ما يميز هذا التوجه أنه لا يهدف فقط إلى الحد من الانبعاثات، بل إلى تحقيق انبعاثات سلبية فعلية عبر امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ما يجعله مشروعًا قد يعيد تشكيل معادلة الطاقة العالمية بالكامل.

ابتكار ياباني بروح برنامج أبولو

تتعامل اليابان مع هذا المشروع كما تعاملت الولايات المتحدة مع برنامج أبولو في الستينيات باعتباره مشروعًا وطنيًا شاملاً يوحد البحث العلمي، والصناعة، والسياسة العامة في هدف واحد: تجاوز المستحيل، وتسعى طوكيو من خلال هذا المشروع إلى تسخير مواردها الطبيعية الوفيرة، الشمس والمياه وثاني أكسيد الكربون لتوليد طاقة نظيفة تعزز استقلالها الطاقوي، وتمنحها ميزة استراتيجية في سباق الاقتصاد الأخضر.

ويأتي ذلك في وقت بلغت فيه مستويات ثاني أكسيد الكربون العالمية 430 جزءًا في المليون مقارنة بـ 280 جزءًا فقط قبل الثورة الصناعية، مما يضاعف الضغط على الحكومات للبحث عن حلول جذرية، في هذا السياق، تقدم اليابان نموذجًا علميًا يعيد ربط التكنولوجيا بالاستدامة، ويحول أزمة المناخ إلى فرصة اقتصادية وتكنولوجية واعدة.

اقرأ أيضًا:

اليابان تستعد لإطلاق قمر صناعي لتحويل الطاقة إلى موجات ميكروية

خارطة طريق طموحة حتى عام 2040

أطلقت الحكومة اليابانية مجموعة دراسية لوضع خارطة طريق زمنية واضحة لتطبيق التمثيل الضوئي الاصطناعي، تتضمن ثلاث مراحل رئيسية:

  • بحلول 2030: تنفيذ جزئي للتطبيقات الصناعية الأولى.
  • بحلول 2035: تطوير التحفيز الكهروكيميائي والتحفيز الضوئي بكفاءة تجارية.
  • بحلول 2040: إنتاج واسع النطاق للمواد الأساسية والمركبات العضوية عالية القيمة.

ويعد التمويل الحكومي حجر الزاوية في هذا المسار، إذ خصصت اليابان دعمًا ماليًا لإنشاء منشآت تجريبية ومنصات تعاون تجمع بين القطاعين العام والخاص والأكاديمي.

كما أظهرت التجارب الحالية بالفعل قدرة التقنية على إنتاج مركبات ذات قيمة اقتصادية مثل العطور، غير أن التحدي الأكبر يتمثل في خفض تكلفة إنتاج الإيثانول الصناعي لتصبح مماثلة أو أقل من الوقود الأحفوري.نجاح هذه الخطوة سيغير قواعد اللعبة في سوق الطاقة العالمي، ويجعل إزالة الكربون هدفًا عمليًا وليس مجرد وعد بيئي.

طاقة خضراء

أبعاد اقتصادية تتجاوز البيئة

لا يقف مشروع أبولو الياباني عند حدود المنافع البيئية، بل يمتد إلى إعادة تموضع اليابان اقتصاديًا في النظام العالمي، فبعد أن كانت في عام 2000 صاحبة ثاني أعلى ناتج محلي للفرد في العالم، تراجعت إلى المرتبة 38 عام 2024، متأثرة بتراجع عدد السكان وشيخوخة القوى العاملة، من هذا المنطلق، ينظر إلى المشروع كوسيلة لتحفيز الابتكار والإنتاجية واستعادة الدور الصناعي الريادي لليابان.

كما أن تبني هذه التقنية على نطاق واسع يمكن أن يفتح أسواقًا جديدة في آسيا وإفريقيا ويقلل التوترات الجيوسياسية الناتجة عن الاعتماد على الوقود الأحفوري، خصوصًا في ظل التنافس على موارد الطاقة بين الشرق والغرب. بهذا المعنى، قد يصبح التمثيل الضوئي الاصطناعي محرك النمو الاقتصادي العالمي القادم، تمامًا كما قاد برنامج أبولو ثورة التكنولوجيا الأمريكية في منتصف القرن الماضي.

اقرأ أيضًا:

لتغذية بنية الذكاء الاصطناعي بالطاقة النظيفة، جوجل تعيد إحياء محطة نووية أمريكية

التمويل.. مفتاح الوصول إلى المستقبل

نجاح أبولو الياباني لن يتحقق من دون استثمار وطني ضخم، وتشير التقديرات إلى أن اليابان بحاجة إلى إنفاق ما يقارب 1 تريليون ين سنويًا، أي ما يعادل استثمار الولايات المتحدة في برنامج أبولو بعد احتساب فروق العملة والقيمة الزمنية لتمويل البحوث والبنية التحتية وتوسيع التجارب التجارية. هذا الاستثمار لن يكون مجرد إنفاق حكومي، بل رهان استراتيجي على ريادة اليابان في مجال الطاقة النظيفة، ومن ثم تصدير التكنولوجيا للعالم كأداة للتحول المناخي والاقتصادي معًا. إنها فرصة نادرة تجمع بين الأمن الطاقوي، والنمو الاقتصادي، والمكانة العلمية في مشروع واحد، يعيد لليابان بريقها كدولة تكنولوجيا وابتكار.

التمثيل الضوئي الاصطناعي

اليابان تزرع الشمس.. والعالم ينتظر الحصاد

في نهاية المطاف، يمثل أبولو الياباني أكثر من مجرد تجربة علمية أو مبادرة بيئية، إنه رؤية استراتيجية لإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والطاقة، فإذا نجحت اليابان في جعل التمثيل الضوئي الاصطناعي تجاريًا وفعالاً، فإنها لن تكون فقط قد وجدت حلاً لانبعاثات الكربون، بل ستكون قد دشنت ثورة طاقة عالمية تعيد صياغة ميزان القوى الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين. هذا المشروع، بروحه الطموحة وتكامله بين العلم والاقتصاد والسياسة، قد يكون الشرارة التي تدفع البشرية نحو عصر جديد من الاستدامة والابتكار والرخاء.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search