الإثنين، 27 أكتوبر 2025

04:17 ص

دكتور تامر مؤمن يكتب: مصر تقود الحوكمة العالمية - الإنتوساي 2025 واستراتيجية الجهاز المركزي للمحاسبات

السبت، 25 أكتوبر 2025 04:29 م

الدكتور تامر مؤمن

الدكتور تامر مؤمن

الدكتور تامر مؤمن

تتجه الأنظار العالمية إلى مدينة السلام، شرم الشيخ، التي تستضيف مصر عبر الجهاز المركزي للمحاسبات المؤتمر الخامس والعشرين للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الإنتوساي – INCOSAI 2025) خلال الفترة من 27 إلى 31 أكتوبر.

هذا التجمع، الذي يُعقد مرة كل ثلاث سنوات، ليس مجرد حدث لوجستي، بل هو أكبر منصة عالمية لتبادل الخبرات في مجال الرقابة المالية والمحاسبة الحكومية، ومنارة لتحديد مستقبل الحوكمة العالمية على مدار السنوات الثلاث التالية.

تمثل استضافة مصر لهذا المؤتمر، بمشاركة نحو 195 جهازاً رقابياً حول العالم ليضع الأجندة الدولية للشفافية والحوكمة الرشيدة، وإسناد رئاسة المنظمة الدولية للإنتوساي (INTOSAI) إليها للمرة الأولى، نقطة تحول استراتيجية تعزز مكانة القاهرة ممثلة في الجهاز المركزي للمحاسبات كمركز قيادي للشفافية والمساءلة على الساحة الدولية.

 

الجهاز المركزي للمحاسبات: من الرقيب الوطني إلى قائد الإنتوساي

الجهاز المركزي للمحاسبات هو الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في مصر، يتمتع بالاستقلالية ويتبع رئيس الجمهورية مباشرة. منذ تأسيسه، اضطلع بدور محوري في حماية المال العام وضمان حسن استخدام الموارد، ومكافحة الفساد عبر الرقابة على الأجهزة الحكومية والهيئات العامة، وتعزيز الشفافية في إدارة الموازنات والبرامج القومية. بالإضافة الى تمثيل مصر دوليًا في المحافل الرقابية، حيث سبق أن استضاف مؤتمر الإنتوساي الخامس عشر عام 1995، ويعود اليوم ليستضيف الدورة الخامسة والعشرين.

يأتي هذا التكليف تتويجاً للدور التاريخي والمحوري الذي يضطلع به الجهاز المركزي للمحاسبات المصري، فبصفته أحد الأعضاء المؤسسين لمنظمة الإنتوساي، ومن خلال موقعه الحالي كنائب أول لرئيس المنظمة، يؤكد الجهاز على التزامه بالرقابة الفعالة على المال العام ومكافحة الفساد، مع إشرافه المباشر على مشاريع التنمية والبنية التحتية الوطنية الكبرى في مصر.

إن تولي مصر رئاسة الإنتوساي لمدة ثلاث سنوات (2025-2028) لا يمنح الجهاز نفوذاً دبلوماسياً فحسب، بل يفرض عليه مسؤولية قيادة الحوار العالمي حول أكثر القضايا إلحاحاً في الشأن الرقابي.

ستركز أجندة مؤتمر الإنتوساي الـ 25 على ملفات رقابية محورية تعكس التحديات الاقتصادية والتقنية المعاصرة:

  • تدقيق أداء الحكومات والبنوك المركزية في ظل الأزمات: يمثل هذا المحور استجابة مباشرة للمتغيرات الاقتصادية العالمية. فمناقشة آليات تدقيق عمل الحكومات والبنوك المركزية خلال الأزمات يهدف إلى وضع سياسات رقابية مستقبلية تضمن الاستقرار المالي وحماية المال العام، وهو ما يهم الاقتصادات الكبرى والناشئة على حد سواء.
  • الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في التدقيق الحكومي: ينظر المؤتمر في تطبيقات الذكاء الاصطناعي (AI) في التدقيق والمراجعة العامة.1 فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يحدث ثورة في الرقابة من خلال تحليل البيانات الضخمة (Big Data) بسرعة ودقة فائقتين، واكتشاف الأنماط المشبوهة، مما يعزز فعالية مكافحة الاحتيال والفساد.8 وستعرض الرؤية المصرية لإدماج هذه التقنيات الحديثة في أنظمتها الرقابية.
  • مكافحة الفساد وتمويل الإرهاب وغسل الأموال: التأكيد على دور الأجهزة العليا للرقابة في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة هذه الظواهر يرسخ مكانة مصر كشريك عالمي فاعل في دعم النزاهة والشفافية.

الاستثمار في العقل الرقابي: كفاءة الكوادر البشرية ونقل الخبرات

يُدرك الجهاز المركزي للمحاسبات أن فعالية الرقابة تبدأ من كفاءة الكادر البشري. لهذا السبب، يركز الجهاز بشكل مستمر على تطوير قدرات مدققيه، وهو ما يتضح من خلال دوره الفاعل على الساحة الإقليمية، حيث قام بتنظيم دورات تدريبية متخصصة في مجال رقابة الالتزام، بهدف وصف مهام هذه الرقابة بما يتوافق مع المعايير الدولية للإنتوساي (ISSAI).

تمثل استضافة قمة الإنتوساي فرصة غير مسبوقة للكوادر المصرية للاطلاع على أفضل الممارسات العالمية ونقل الخبرات من 195 جهاز رقابي. كما أن رئاسة المنظمة تتيح للجهاز وضع بصمته على الأجندة التدريبية والمنهجية الرقابية الدولية، مما يضمن استمرارية صقل الموظفين الفنيين والاستفادة من آليات تبادل الخبراء لرفع مستوى الرقابة المالية، خاصة في مجالات التدقيق المتقدمة مثل الرقابة على الأداء وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

المكاسب الاستراتيجية: ثقة دولية وتحسين مناخ الاستثمار

تتجاوز مكاسب الاستضافة العوائد السياحية واللوجستية المباشرة لشرم الشيخ لتمس جوهر الاقتصاد الوطني:

الارتقاء بالكفاءة المهنية وتطبيق المعايير الدولية: تُعد الاستضافة حافزاً هائلاً للجهاز المركزي للمحاسبات لتسريع جهود مواءمة عمله مع المعايير الدولية للأجهزة العليا للرقابة (ISSAI)، هذا التوافق المهني يرفع من جودة تقاريره ومصداقيتها عالمياً، مما يدعم جهود المساءلة أمام السلطة التشريعية.

تعزيز الثقة وجذب الاستثمار: قوة الأجهزة الرقابية والالتزام بالشفافية والحوكمة الرشيدة هي ركائز أساسية لتقييم البيئة الاستثمارية، عندما تستعرض مصر أحدث الممارسات في الرقابة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، فإنها تبعث رسالة قوية للمستثمرين الأجانب مفادها أن بيئتها المالية والإدارية شفافة ومُنظمة وفقاً لأعلى المعايير العالمية، مما يزيد جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر.

القيادة الدبلوماسية في صياغة المستقبل: توفر رئاسة الإنتوساي لمصر نفوذاً استراتيجياً للمساهمة الفعالة في صياغة مستقبل العمل الرقابي الدولي، وتأكيد دورها في دعم قيم الشفافية والحكم الرشيد على الساحة العالمية.

إن مؤتمر الإنتوساي الـ 25 في شرم الشيخ هو حدث فارق ليس فقط للجهاز المركزي للمحاسبات، بل للدولة المصرية بأكملها، حيث يتحول الدور الرقابي إلى أداة لتعزيز الثقة الدولية، ودفع عجلة الإصلاح المؤسسي نحو الكفاءة والشفافية في عصر يتطلب أعلى درجات اليقظة المالية، وتعد فرصة إستراتيجية لتعزيز الحوكمة الوطنية، و رفع القدرات المؤسسية الوطنية، وتقديم الجهاز المركزي للمحاسبات كقيمة مؤسسية تقود تطوير الرقابة المالية في المنطقة وجني مكاسب اقتصادية ودبلوماسية ملموسة تشمل جذب الشراكات التقنية والتمويلية، وتحسين بيئة الاستثمار والثقة المؤسسية محلياً وإقليمياً.

إن الرسالة واضحة من شرم الشيخ: المساءلة ليست شعارًا، بل "ممارسة مؤسسية تُصاغ بمعايير دولية وإرادة وطنية".

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search