الخميس، 25 سبتمبر 2025

04:32 م

الاقتصادات الناشئة في مواجهة العاصفة، الاستثمار يتراجع والمناخ يضغط

الخميس، 25 سبتمبر 2025 02:15 م

الاقتصادات الناشئة في مواجهة العاصفة

الاقتصادات الناشئة في مواجهة العاصفة

في لحظة تاريخية تبدو فيها الحاجة إلى الاستثمار أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، تجد الاقتصادات الناشئة والنامية نفسها محاصرة في مفارقة مؤلمة، مشروعات مكافحة تغير المناخ تتطلب تدفقات رأسمالية ضخمة، في حين يشهد الاستثمار  المحلي والأجنبي تراجعًا حادًا يهدد بعرقلة النمو والتنمية في هذه الدول.

الاقتصادات الناشئة

يأتي هذا التراجع في ظل ضغوط مالية داخلية، وتوترات جيوسياسية عالمية، وبيئة اقتصادية تتسم بارتفاع الديون، وغياب الاستقرار، كلها عوامل تجعل من جذب الاستثمارات تحديًا وجوديًا، في وقت تتفاقم فيه آثار تغير المناخ، وتتصاعد معه كلفة التقاعس.

عقدان من التباطؤ.. هل انتهى عصر النمو السريع؟

يظهر تقرير البنك الدولي الأخير أن هناك تباطؤًا مقلقًا في نمو الاستثمار في الدول الناشئة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. 

خلال العقد الأول من الألفية، كانت تلك الاقتصادات تسجل نموًا استثماريًا بمعدل 10% سنويًا، لكن هذا الزخم فقد زخمه تدريجيًا، ليهبط إلى 5% فقط بين عامي 2010 و2024.

والأخطر أن التراجع شمل الاستثمارين الخاص والعام على حد سواء، فبعد أن كان نمو الاستثمار الخاص يبلغ 12% سنويًا في العقد الأول من الألفية، انخفض إلى 7%، في حين هبط نمو الاستثمار العام من 10% إلى 5%. 

هذا التراجع لم يكن محصورًا في منطقة جغرافية واحدة، بل شمل جميع أقاليم العالم النامي، سواء كانت دولاً مصدرة أو مستوردة للسلع الأساسية، مما يعكس طبيعة هيكلية وعالمية للأزمة.

الاستثمار الأجنبي

تراجع الاستثمار الأجنبي.. وتفاوتات صارخة

أما الاستثمار الأجنبي المباشر FDI، فقد شهد موجة صعود قوية في أوائل الألفية، إذ تضاعفت التدفقات خمس مرات من 160 مليار دولار إلى 800 مليار دولار بين 2000 و2008. 

لكن الذروة تحولت سريعًا إلى هبوط، ليعود المعدل إلى 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في معظم الدول الناشئة خلال 2022-2023.

تخفي الأرقام كذلك تفاوتًا جغرافيًا كبيرًا، إذ استحوذت الصين وحدها على أكثر من ثلث الاستثمارات الأجنبية، بينما حصلت الدول منخفضة الدخل على نسبة ضئيلة لا تتعدى 2%. 

في المقابل، حازت أمريكا اللاتينية، وشرق آسيا، وأوروبا الوسطى نصيب الأسد، في حين بقيت إفريقيا والشرق الأوسط على الهامش، هذا الخلل في التوزيع يعد مؤشرًا على مخاطر تهميش مناطق بأكملها من خارطة الاستثمارات العالمية.

اقرأ أيضًا:

"تكتل بريكس".. كيف يتحول الحلم إلى واقع ثقيل يعيد تشكيل النظام العالمي؟

مناخ مالي خانق.. وحاجة تمويلية متضخمة

تعاني البيئة المالية داخل الدول النامية من ضعف القدرة التمويلية، وارتفاع معدلات الدين العام، وعجز الميزانيات، مما يحد بشدة من قدرة الحكومات على توجيه الإنفاق نحو مشروعات البنية التحتية والاستدامة. 

وتزداد المشكلة تعقيدًا إذا أضفنا إليها تأثير الأزمات العالمية والتوترات الجيوسياسية التي ترفع من منسوب القلق والمخاطر، وتقلص من شهية المستثمرين.

وما يزيد من خطورة الوضع هو الفجوة التمويلية الضخمة اللازمة لمواجهة تحديات تغير المناخ، فحسب تقديرات البنك الدولي، فإن الدول النامية تحتاج إلى 1.5 إلى 2.7 تريليون دولار إضافية سنويًا حتى عام 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهو رقم قابل للارتفاع إلى 4 تريليونات دولار سنويًا مع حساب تكلفة التكيّف مع تغير المناخ.

كفاءة الإنفاق العام

ما الحل؟ إصلاح داخلي ومساندة دولية

في ضوء هذه التحديات، لا مفر أمام الدول الناشئة من السير في طريق الإصلاح الاقتصادي البنيوي، لتأهيل بيئتها الداخلية أمام الاستثمارات. 

ويشمل ذلك تحسين الحوكمة والشفافية، وتوسيع القاعدة الضريبية، وزيادة كفاءة الإنفاق العام، وتثبيت الاستقرار المالي والنقدي.

لكن، وبذات القدر من الأهمية، تحتاج هذه الدول إلى دعم خارجي فعال، ويشمل هذا تعزيز التعاون الدولي، وتقديم تمويل ميسر، ومساعدات تقنية من قبل المؤسسات متعددة الأطراف، إلى جانب إصلاحات منسقة تعيد بناء الثقة وتخلق حلقات نمو إيجابية.

اقرأ أيضًا:

تراجع الاستثمار في الدول النامية، أزمة بنيوية أم نتيجة سياسات خاطئة؟

مأزق مزدوج.. خطر الركود وفشل المناخ

يحذر البنك الدولي من أن الفشل في تحفيز الاستثمار في الدول الناشئة ستكون له عواقب وخيمة، ليس فقط على هذه الدول، بل على النظام الاقتصادي العالمي ككل. 

فالركود طويل الأمد وتباطؤ اللحاق بمستويات دخل الدول المتقدمة، يعنيان المزيد من الفقر، والمزيد من الهجرة، والمزيد من الأزمات السياسية والبيئية.

وعدم الوفاء بالالتزامات المناخية من قبل هذه الدول، بسبب نقص التمويل، يقوض الجهود الدولية لاحتواء الاحترار العالمي، إذ أن الاقتصادات الناشئة تمثل اليوم جزءًا أساسيًا من المشكلة، لكنها أيضًا تمثل مفتاح الحل، بشرط توافر الموارد والسياسات المناسبة.

الاستثمار في الدول الناشئة

مستقبل الاستثمار في الميزان

يتضح اليوم أن مستقبل الاستثمار في الدول الناشئة لا يمكن فصله عن قضايا البيئة، والتمويل الدولي، والاستقرار السياسي، إنها لحظة فارقة تتطلب من هذه الدول جرأة في الإصلاح، ومن المجتمع الدولي شجاعة في الدعم.

فالاستثمار لم يعد مجرد خيار اقتصادي، بل هو ضرورة وجودية لإنقاذ مستقبل التنمية والمناخ معًا.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search