العقار المقاوم للمناخ يفوز، كيف يعيد التغير المناخي تشكيل خريطة الاستثمار العقاري عالميًا؟
الأحد، 24 أغسطس 2025 01:44 م

كيف يعيد التغير المناخي تشكيل خريطة الاستثمار العقاري عالميًا؟
ميرنا البكري
في الماضي كان الحديث عن العقارات مرتبط بالموقع، الخدمات، والبنية التحتية، والآن تغير المشهد تماماً، فمشكلة تغير المناخ خرجت من كونها مشكلة بيئية بعيدة، وأصبحت عامل اقتصادي مباشر يضغط على أسعار العقارات في كل قارة، من حرائق كاليفورنيا، لفيضانات أوروبا، لمدن ساحلية في الشرق الأوسط على وشك الغرق، كما يعكس السوق العقاري بشكل واضح آثار التغير المناخي، ومع توقعات بخسائر تريليونية في العقود المقبلة، وأصبح كلًأ من المستثمرين والحكومات أمام معادلة جديدة، العقار المقاوم للمناخ يفوز، والمُعرض للمخاطر يخسر.

كاليفورنيا، الحرائق وأزمة التأمين تعيد تشكيل السوق
كاليفورنيا مثال صارخ، حيث أثؤت الحرائق التي ضربت الولاية بين 2016 و2021 بشكل مباشر على الأسعار، وأوضحت دراسة على ScienceDirect، أن المنازل القريبة من مناطق الحرائق انخفضت قيمتها بـ 2.2%، قد يظهر الرقم أنه صغيرًا، لكن في سوق مليء ومستقر، تعتبر هذه النسبة خسارة كبيرة.
جاءت الأزمة الأكبر من شركات التأمين التي بدأت تنسحب من تغطية آلاف المنازل بسبب المخاطر العالية، مما جعل أقساط التأمين تتضاعف في بعض المناطق بنسبة 100%، ووفقًا لـ فايننشال تايمز، هذا لا يضغط على السكان فقط، لكن أيضًا يهدد جاذبية السوق العقاري بأكلمه هناك.
ووفقًا لـ توقعات Redfin، قد تصل الخسائر لـ 1.47 تريليون دولار من قيمة العقارات الأمريكية بحلول منتصف القرن، وإذا ظلت تكاليف المناح مرتفعة، فترتفع أسعار المنازل في “مناطق الأمان” التي بعيدة عن مخاطر الحرائق.
أوروبا، من الفيضانات للجفاف لتآكل السواحل
تواجه أوروبا فصل جديد من التحديات المناخية، والفيضانات التي حدثت في ألمانيا والنمسا جعلت أسعار العقارات في المناطق عالية المخاطر تنخفض من 4% لـ 45%، بحسب دراسات CASAFARI.
في إيطاليا، شهدت المناطق المعرضة للفيضانات المتكررة انخفاض أسعار بـ 4%، بينما الأماكن الآمنة نسبياً لم تتأثر، وفي فرنسا، أصبحت التربة نفسها تهديد، ويقول تقرير رسمي أن مطالبات التأمين بسبب انكماش التربة ستزداد 60% بحلول 2050، وهذا خطر مباشر على البنية التحتية.
أما السواحل المتوسطية في أوروبا، فحذرت دراسة حديثة على arXiv (2024) من أن ارتفاع البحر قد يُكلف أوروبا من 6ل ـ 21% من ناتجها المحلي بنهاية القرن، مما يعني ضربة موجعة للعقارات السياحية والساحلية، وبدأت الحكومات تعملعلى “خرائط عقارية جديدة” وتحدد المناطق الصالحة للاستثمار، مما يخلق فجوة سعرية كبيرة بين العقارات المقاومة للمخاطر والتي تحت التهديد.
الشرق الأوسط، الإسكندرية والخليج في قلب العاصفة
كشف تقرير صادر من رويترز، أن التآكل الساحلي في الإسكندرية وصل لـ 3.5 متر في العام، ونتيجة ذلك انهيار أكثر من 40 مبنى سنوياً مقارنة بمبنى واحد قبل سنوات، وحذر البنك الدولي من أن ارتفاع البحر بمتر واحد قد يُغرق أجزاء كبيرة من المدينة ويهدد أصول عقارية بمليارات، وسكان يبلغ عددهم أكثر من 5 ملايين.
رغم جهود الحكومة في بناء حواجز وتجديد الشواطئ، فالضغوط المناخية تسبق أي محاولات للحماية، خاصةً مع زيادة السكان.

الخليج، العقارات الفاخرة أمام اختبار حقيقي
في الإمارات، تتوقع IRENA أن 6% من السواحل ستغغرق بحلول 2100 مع ارتفاع البحر من 42 لـ 98 سم، مما يهدد مشاريع بمليارات، خاصةً في دبي وأبوظبي.
أما في السعودية، الحرارة الشديدة وتناقص المياه الجوفية يرفع تكاليف البناء والتشغيل، ويضع تحديات إضافية أمام مشاريع الإسكان والتطوير العقاري.
العقارات المقاومة للمناخ، السوق الجديد
خلق الضغط المناخي سوق جديدة تماماً، العقارات “المقاومة للمناخ”، ففي كاليفورنياارتفع الطلب على المنازل الأقل عرضة للحرائق 12% في آخر 5 سنوات، وفي أوروبا، أصبحت المنازل المرتفعة عن البحر مطلوبة حتى لو كانت بعيدة عن المراكز السياحية.
وأصبحت المشاريع الجديدة في الخليج ومصر، تركز على الاستدامة، من مواد البناء الموفرة للطاقة لأنظمة العزل والتبريد الحديثة.
اتجه المستثمرون للبحث عن عقار قادر على الصمود أمام الحرائق، الفيضانات، أو ارتفاع البحر، حتى لو كان أغلى في الشراء، لأنه أرخص على المدى الطويل من حيث المخاطر.
التوقعات الاقتصادية للعقدين المقبلين
1. إعادة توزيع الاستثمار العقاري عالمياً:- ستشهد المدن الساحلية المهددة هجرة استثمارية، كما ستجذب المناطق الداخلية أو المرتفعة رؤوس الأموال.
2. زيادة الفجوة السعرية:- فالعقارات المقاومة للمناخ سترتفع أسعارها أسرع من باقي السوق، مما يخلق سوق عقاري من طبقتين.
3. دخول معايير الاستدامة في تقييم العقارات:- ستبدأ البنوك وشركات التأمين ربط التمويل بالتأمين على قدرة العقار على مقاومة الكوارث.
4. فرص استثمارية جديدة:- ستصبح شركات البناء والتطوير التي ترتكز على حلول مناخية أكبر المستفيدين.
اقرأ أيضًا:
من «الجفاف» لـ«الفيضانات»، التغير المناخي يعصف بالاقتصاد والإنسان
بين الجفاف والإهمال، حريق كاليفورنيا يكشف هشاشة إدارة الكوارث الأمريكية

ختامًا، المناخ لايؤثر على الطقس فقط، بل يعيد رسم الخريطة العقارية للعالمن والقاعدة الجديدة واضحة، الأمان العقاري يعني الأمان المناخي، فكاليفورنيا تواجه الحرائق، وأوروبا تعاني من الفيضانات وتآكل السواحل، والشرق الأوسط بين خطر الغرق والحرارة الشديدة. ومع خسائر متوقعة تصل لتريليونات، من ينجو في السوق العقاري هو الذي يتأقلم سريعًا ويستثمر في العقار المقاوم للمناخ.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
صناعة الألعاب الإلكترونية في الجزائر، من الهواية إلى اقتصاد المليارات
24 أغسطس 2025 12:33 م
قرار مفاجئ بوقف مشروع الرياح العملاق، هل تتراجع أمريكا عن التحول الأخضر؟
23 أغسطس 2025 06:11 م
الهند تحت ضغط الرسوم الجمركية الأمريكية، المفاوضات مستمرة وسط تحديات اقتصادية
23 أغسطس 2025 02:07 م
أكثر الكلمات انتشاراً