"صُنع في الصين" لكن لا تكتبه على العلبة، التجارة العالمية تحت ضغط التزوير
الأحد، 15 يونيو 2025 06:13 م

غسيل المنشأ
تحليل/ ميرنا البكري
"غسيل المنشأ" أو Wash Products، حيلة يستخدمها بعض المصدرين (خاصةً في الصين)، للتهرب من الرسوم الجمركية العالية التي تفرضها أمريكا، فالمنتج يكون "صيني" بنسبة 100%، لكن بدلًا من شحنه لأمريكا مباشرة، يتم إرساله إلى بلد آخر مثل ماليزيا أو كوريا أو فيتنام، حيث يتم تغيير تغليفه وشهادة المنشأ، كما يُكتب عليه إنه من بلد أخرى، فيما يسمى بعملية “غسيل الجنسية الخاصة”.

الصين، تحت ضغط الجمارك، والابتكار في التهريب
ومنذ فرض إدارة ترمب رسوم جمركية قاسية على البضائع الصينية، والتي وصلت لـ145% على بعض المنتجات، والمصدرين الصينيين لا يستطيعون منذ وقتها دخول السوق الأمريكي بسهولة، حيث بدأوا يبتكرون، ما ترتب عليه ما نراه على منصات التواصل الصيني، مثل "شياوهونجتشو" إعلانات تقول صراحةً، "اغسلوا المنشأ في ماليزيا، وادخلوا السوق الأمريكي بدون مشاكل".
وأصبحت الكثير من الشركات الصينية في الآونية الأخيرة تعمل بما يسمى بنظام “تسليم على ظهر السفينة”، والذي يعني أنه بمجرد خروج البضاعة من الميناء، تصبح تحت مسؤولية المشتري، وليس المصدر، مما يجعلهم يبعدوا عن أي مسؤولية قانونية إذا حدثت مشكلة.
ماليزيا، "محطة غسيل" للبضائع
وتوفر شركات لوجستية في البلد الأسيوي ماليزيا، خدمات متكاملة كالشحن من الصين، وتفريغ وتحويل الحاويات، تغيير التغليف والعلامات، وإصدار شهادة منشأ جديدة، ما يعني ببساطة كأنك تحول المنتج من "صيني" لـ"ماليزي" داخل الميناء، لكن الحكومة الماليزية، ردت رسميًا قائلة إنها ضد أي تحايل، كما اعتبر أن ذلك "جريمة خطيرة".
كوريا الجنوبية، بوابة خلفية أخرى
ودخلت كوريا الجنوبية أيضًا على الخط، قائلة إنها وجدت منتجات بـ21 مليون دولار، بداخلها شهادات منشأ مزورة، معظمها تأتي من الصين ومتجهة لأمريكا، كما صرحت الحكومة الكورية بوضوح: "نحن نرى بلادنا تُستخدم كطريق جانبي للتهريب، بسبب التغيرات في سياسة أمريكا التجارية".
كما أن فيتنام قامت بتنبيه المصنعين من التأكد من أصل المواد الخام، ليمنعوا بذلك أي تزوير، إضافة إلى تايلاند التي شددت إجراءات التحقق من منشأ البضائع المتجهة لأمريكا.
اقرأ أيضًا:
الصين وأمريكا على طاولة واحدة، تهدئة مؤقتة أم بداية لصراع أكبر؟
الولايات المتحدة والصين، مواجهة قضائية تعيد التوتر الاقتصادي العالمي

تداعيات اقتصادية كبيرة
التجارة الحرة تهتز
ويكسر “غسيل المنشأ” قواعد اللعبة التي تحكم التجارة الدولية، كما أن الاتفاقات التي بُنيت على الثقة، أصبحت في مهب الريح، وكل دولة تخشى من أن تتحول لمحطة تهريب.
الضغط على الدول الوسيطة
دول مثل ماليزيا وفيتنام وكوريا، أصبحوا في وضع حساس، فمن جانب يودون أن يحفظوا علاقتهم مع الصين، ومن جانب آخر، لا يرغبون في التعرض لعقوبات أمريكا.
تأثير سلبي على الصناعة الأمريكية
وحينما تدخل البضائع بـ"هوية مزيفة"، فالمنتجين المحليين في أمريكا يصبحون متضررين، لأن البضاعة الصيني رخيصة وقد تغرق السوق، فيؤثر ذلك على المنافسة.
توقعات، القادم ليس بسيط
ومن المتوقع أن تقوم أمريكا بإجراءات أكثر تشددًا في الرقابة الجمركية، مطالبة بتحقيقات أعمق في شهادات المنشأ، وبالتالي قد تخضع الدول الوسيطة لضغوط دبلوماسية، أو حتى عقوبات إذا ثبت تواطؤها، كما أن الشركات الصينية، تستمر في البحث عن طرق ملتوية، لكن المخاطر ترتفع.
أبرز نتائج التقرير
1. القيود الجمركية غير كافية بمفردها، لأن الشركات دائمًا ستجد طريقة للهروب.
2. من الضروري أن يكون هناك رقابة دولية أقوى على سلاسل التوريد، وشهادات المنشأ.
3. "غسيل المنشأ" ليس غشًا تجاريًا فقط، بل تهديد للاقتصاد العالمي والنزاهة التجارية.
ختامًا، ما يحدث بين الصين وأمريكا، ليس مجرد شحنات يتم التلاعب في منشأها، بل كاشف لحرب اقتصادية طويلة، وابتكار في التحايل يلعب دوره، بين دولتين عظمتين اقتصاديًا، هي أمريكا والصين، التي كلما رفعت إحداها سقف التحديات، ترد الأخرى بتكتيكات جديدة، إلا أن من يدفع الثمن في النهاية هي بعض البلدان الآسيوية والتي تكون عادة “محطة مرور”.
Short Url
الإنفاق العسكري بين إسرائيل وإيران، صراع الأرقام وسط لهب المواجهة
15 يونيو 2025 02:29 م
«من لندن إلى دبي»، كيف فشلت الحكومة البريطانية في الحفاظ على الأثرياء
15 يونيو 2025 01:23 م


أكثر الكلمات انتشاراً