الخميس، 12 يونيو 2025

06:50 م

التكنولوجيا مقابل المواد الخام، إعادة ترتيب أوراق الهيمنة العالمية بين الصين وأمريكا

الأربعاء، 11 يونيو 2025 10:48 ص

الولايات المتحدة والصين

الولايات المتحدة والصين

تحليل/ ميرنا البكري

ما يحدث الآن بين أمريكا والصين ليس مجرد مفاوضات تجارية عادية، بل شطرنج جيوسياسي حقيقي، وبعد سنوات من شد وجذب وفرض رسوم وقيود على التصدير، بدأ الطرفان أخيرًا في التحرك تجاه "هدنة" جديدة، لكن هل هذه هدنة فعلاً أم مجرد تسكين وجع مؤقت؟ وهل التصنيع العالمي سيأخذ نفسه قليلًا أم مازال هناك مفاجآت؟ سنوضح التفاصيل في هذا التحليل.

الحرب التجارية بين الصين وأمريكا.. لمن الغلبة؟ - شبكة رؤية الإخبارية
الحرب التجارية بين الصين وأمريكا

اتفاق مبدئي بين واشنطن وبكين، الإرادة السياسية حاضرة، والتنفيذ في دائرة الغموض

في لندن، وبعد يومين من المحادثات، خرجت أمريكا والصين بتصريح أنهم "اتفقوا من حيث المبدأ" على إطار عمل جديد للهدنة التجارية. هذا يعني إنهم وضعوا الخطوط العريضة لكن مازال لدينا اتفاق نهائي. الاتفاق مبني على تفاهمات قديمة في جنيف ومكالمة تمت بين ترامب والرئيس الصيني، مما يعطي انطباع إن هناك  إرادة سياسية، لكن التنفيذ؟مازال غامض.

 تبادل مصالح، المعادن النادرة مقابل الرقائق

الصين تفك القيود على تصدير المعادن الأرضية النادرة (التي تعتمد الصناعة العالمية عليها في كل شيء من السيارات للمقاتلات)، وأمريكا بدأت في تخفيف القيود على بعض تكنولوجيات الرقائق الدقيقة التي تحتاجها الصين في صناعتها، دون أن تمس رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة مثل التي تمتلكها إنفيديا، أي باختصار كل طرف يحاول يأخد كل ما يحتاجه مقابل إنه يتنازل قليلًا.

 النفوذ الصيني يرتفع، والمعادن سلاح جديد

كشفت المحادثات الأخيرة ورقة الضغط الكبيرة التي كانت بيد الصين، والذي كان تحتكرها بشكل شبه كامل للمعادن الأرضية النادرة. وعندما فرضت بكين قواعد ترخيص جديدة لتصدير هذه المعادن من أبريل، قلت شحناتها الخارجية بشدة، مما هدد صناعات عالمية بالكامل مثل الإلكترونيات والدفاع والطاقة، وجعل أمريكا تعيد حساباتها. والرسالة كانت واضحة: "إذا لم تعطونا تكنولوجيا، نحن لا نعطيكم المواد الخام التي تُشغل هذه التكنولوجيا".

 الرقائق الدقيقة، ساحة المعركة الجديدة

من جانب آخر، كانت الولايات المتحدة قد فرضت حصارًا اقتصاديًا على الرقائق الدقيقة، خاصة تلك المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، في محاولة للحد من وصول الصين إلى هذه التكنولوجيا المتقدمة، وترامب بدأ اللعبة بقيود على بيع الرقائق، وبايدن كملها ووسع الحصار لكي يمنع الصين من التطور العسكري والتكنولوجي.

لكن الصين لم تستسلم، وهواوي طلعت من تحت الحصار بهاتف متطور بمعالج من المفترض إنه كان ممنوع يصل إليها، مما أثبت إن بكين تعمل على بدائل بجد، وإن التغليف والتجميع قد يعوض بعض الفجوات التكنولوجية على الأقل في المدى القصير.

اقرأ أيضًا: 

تداعيات الحرب التجارية مع أمريكا، الصين تنفذ خارطة «فك الارتباط» لصادراتها

لندن تطرق أبواب واشنطن، تسريع الاتفاق التجاري بين بريطانيا وأميركا

الصين تلعب بورقة المعادن النادرة في حربها التجارية ضد الولايات المتحدة
المعادن النادرة

توقعات، هل ستصمد هذه الهدنة؟

رغم التصريحات الإيجابية، هناك أكثر من سبب يجعلنا نكون حذرين:

1.مازال لا يوجد تنفيذ فعلي: الاتفاق يحتاج موافقة زعماء البلدين، ومازال لم يطبق.

2. عدم الثقة مازال موجود: أمريكا لا تنويفك القيود على رقائق الذكاء الاصطناعي، والصين لن تُفرط في نفوذها بسهولة.

إذا نجح هذا الاتفاق، سيعيد التوازن لسلاسل الإمداد العالمية، ويقلل من تكلفة الإنتاج في قطاعات مثل السيارات والإلكترونيات.لكن إذا فشل، من المتوقع أن يكون هناك رجوع لدوامة الرسوم الجمركية، وانهيار في تدفق المعادن والتكنولوجيا، مما يهدد النمو الصناعي العالمي بشكل كبير.

ختامًا، ما يحدث  بين أمريكا والصين أكبر من تجارة، بل معركة على قيادة المستقبل التكنولوجي للعالم. وكل طرف يحاول يستخدم الذي في يده سواء تكنولوجيا أو معادن  لكي يضغط ويكسب أكثر، ومن الضروري أن نُتابع تأثير ذلك على سلاسل التوريد العالمية، وأسعار الإلكترونيات، وصناعة السيارات، واستقرار الصناعات الدفاعية والطاقة، وهذا يعني ببساطة إذا تمت الهدنة، ستفرق للغاية في تكلفة الإنتاج والتضخم وأسعار المنتجات في العالم كله، وإذا فشلت، فسنواجه عام صعب مليء بالتحديات.

Short Url

showcase
showcase
search