اقتصاد يتحدى النظريات، قصة أقوى عملة في العالم
السبت، 07 يونيو 2025 10:44 ص

عملات
في وقت تتزايد فيه الدعوات لخفض قيمة الدولار لدعم الاقتصاد الأمريكي، تقدم سويسرا نموذجًا معاكسًا يثبت أن قوة العملة لا تعني بالضرورة ضعف الصادرات أو الاقتصاد، بل يمكن أن تكون عنصر قوة إذا توفرت عناصر أخرى من الابتكار والجودة.
في هذا السياق، استعرض الكاتب والمحلل الاقتصادي روتشر شارما في مقال له بصحيفة فاينانشال تايمز، التجربة السويسرية التي وصفها بالدليل الحي على أن التنافسية لا ترتبط مباشرة بسعر العملة، بل بنوعية ما تُنتجه الدولة من سلع وخدمات.
الفرنك الأقوى.. والصادرات الأعلى
الفرنك السويسري يُعد من أقوى العملات العالمية منذ عقود، واحتفظ بأدائه المتفوق خلال أكثر من نصف قرن. ورغم هذه القوة، لم تتراجع صادرات سويسرا، بل نمت لتبلغ مستويات قياسية تمثل نحو 75% من الناتج المحلي الإجمالي، وتقترب من 2% من إجمالي الصادرات العالمية.

هذا الأداء الاستثنائي يناقض النظرية الاقتصادية التقليدية التي تربط بين قوة العملة وتراجع القدرة التنافسية.
صناعة السمعة.. "صُنع في سويسرا"
على غرار ما فعلته ألمانيا واليابان في أوج قوتهما الصناعية، بنت سويسرا مكانة عالمية تقوم على الجودة. ويؤكد شارما أن العالم مستعد لدفع "علاوة عملة" مقابل منتجات تحمل شعار "صُنع في سويسرا"، ما يعزز من قدرة هذه الدولة الصغيرة على بيع منتجاتها رغم ارتفاع تكلفتها النسبية.
اقتصاد الابتكار والديناميكية
وعلى عكس الصورة النمطية التي تصور سويسرا كملاذ للأموال فقط، فإنها تمتلك اقتصادًا يعد من الأكثر ابتكارًا وحيوية في العالم، فمنذ أكثر من عقد، تحتل سويسرا مراتب متقدمة في تصنيفات الابتكار العالمية بفضل استثماراتها في التعليم التطبيقي والبحث والتطوير.
وتُنتج سويسرا ما يزيد عن 100 دولار لكل ساعة عمل، متفوقة بذلك على معظم الاقتصادات الكبرى.

صناعات متقدمة وعوائد ضخمة
وفقًا لتصنيف "مختبر النمو" في جامعة هارفارد، تحتل سويسرا المركز الأول بين الاقتصادات الكبرى من حيث "تعقيد" صادراتها، أي أن صناعاتها تتطلب مهارات وتقنيات عالية. وتشمل صادراتها منتجات مثل الأدوية، المواد الكيميائية، الساعات، الشوكولاتة، الأجهزة الطبية.
كما تُشكل الصناعات التحويلية 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بدول متقدمة أخرى، وأكثر من نصف صادراتها تُصنف على أنها "تكنولوجيا عالية"، أي أكثر من ضعف نظيرتها الأميركية.
استقرار خارجي واحتياطيات ضخمة
منذ الثمانينيات، حافظت سويسرا على فائض في الحساب الجاري يتجاوز 4% من الناتج المحلي، ما مكنها من استثمار عائدات التجارة في الخارج وبناء احتياطي استثماري خارجي يفوق 100% من ناتجها المحلي الإجمالي.
ومنح هذا الفائض الاقتصاد السويسري قدرة كبيرة على مقاومة الأزمات والصدمات الاقتصادية.
مرونة الشركات في مواجهة الأزمات
رغم ارتفاع مستويات الدين الخاص، لم تقع سويسرا في فخ "شركات الزومبي" — وهي الشركات التي تبقى على قيد الحياة فقط بفضل التمويل الرخيص كما في اقتصادات أخرى.
في عام 2015، عندما ارتفع سعر الفرنك بشكل مفاجئ، لم تنهار الشركات، بل تكيفت عبر التوجه إلى تصدير منتجات أكثر تعقيدًا وأقل حساسية لتقلبات العملة.
الدرس السويسري للعالم
اختتم شارما مقاله بنصيحة للدول المتقدمة، أن يجب التنافس الحقيقي أن يكون بالجودة، لا بخفض الأسعار عبر إضعاف العملة، وأن خفض قيمة العملة ليس حلًا سحريًا لإحياء القطاعات الصناعية، وإنما الجودة والابتكار هما مفتاح النجاح في الاقتصاد العالمي.
Short Url
الزراعة: استمرار دعم منظومة الصادرات والواردات الزراعية خلال إجازة العيد
07 يونيو 2025 01:17 م
ثورة في السماء، ترامب يكافح المسيرات ويدعم الطيران الأسرع من الصوت
07 يونيو 2025 11:16 ص
وزير العمل يهنئ فلسطين باعتمادها مراقب بمنظمة العمل الدولية
07 يونيو 2025 10:18 ص


أكثر الكلمات انتشاراً