الثلاثاء، 03 يونيو 2025

08:32 ص

الصين تستعد لحقبة ما بعد «إنفيديا»، سباق الذكاء الاصطناعي في مواجهة القيود الأمريكية

الأحد، 01 يونيو 2025 05:48 م

النزاع التكنولوجي بين بكين وواشنطن

النزاع التكنولوجي بين بكين وواشنطن

مع شدة النزاع التكنولوجي بين بكين وواشنطن، تدخل الصين مرحلة حاسمة في مسارها نحو السيادة التكنولوجية. 

شركة إنفيديا الأمريكية

فبعد أن كانت تعتمد بشكل كبير على رقائق شركة إنفيديا الأمريكية، لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، تجد كبرى شركات التكنولوجيا الصينية نفسها مضطرة إلى إعادة رسم خريطة الإمدادات، مدفوعة بتصعيد جديد في الحرب التجارية من قبل إدارة دونالد ترامب.

في قلب هذا التحول، تقف شركات مثل علي بابا، تينسنت، وبايدو، التي بدأت فعليًا في اختبار بدائل محلية للرقائق، وسط تقارير تؤكد أن مخزونها من رقائق إنفيديا، لن يكفي لأكثر من عدة أشهر مقبلة. 

وتكشف هذه الخطوة عن رغبة واضحة في تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية، وبناء منظومة ذكاء اصطناعي محلية مكتفية ذاتيًا، رغم التحديات الفنية والاقتصادية الهائلة.

اقرأ أيضًا:

"إنفيديا في قلب العاصفة"، صفقات الخليج تعيد رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي العالمي

ضربة لـ«إنفيديا»، ضوابط التصدير تقلّص هيمنتها على السوق الصيني من 95% إلى 50%

قيود ترامب تشعل موجة الابتكار القسري

لم تكن القيود التي فرضها ترامب على تصدير الرقائق الأمريكية إلى الصين، مجرد إجراء عقابي، بل تحولت إلى شرارة لموجة من الابتكار المحلي. 

صحيفة فايننشال تايمز نقلت عن مسؤولين تنفيذيين أن الحظر الأخير على رقاقة إنفيديا H20، التي صُممت أصلًا للالتفاف على قيود عهد بايدن، قد أجبر الشركات الصينية على تفعيل خطط طوارئ كانت محفوظة في الأدراج.

هواوي، التي تحولت إلى رمز المقاومة التكنولوجية الصينية، تتصدر هذه الموجة بسلسلة رقائق Ascend التي بدأت تجد طريقها إلى الاستخدام التجاري، ليس فقط في الشركات المملوكة للدولة كتشاينا موبايل، بل أيضًا في قطاعات الدفاع، الرعاية الصحية، والتمويل. ويبدو أن رقائق هواوي بدأت تكتسب زخمًا وطنيًا، يُعيد تشكيل خريطة الطلب في السوق الصينية.

مجموعة علي بابا الصينية

 

ثمن التحول.. التحدي التقني والمعماري

لكن الانتقال إلى البدائل المحلية ليس مجرد قرار استراتيجي، بل تحدي هندسي شاق، فمعظم كودات التدريب مبنية على منصة CUDA الخاصة بإنفيديا، بينما تتطلب منصات مثل CANN من هواوي، إعادة هيكلة جذرية لهذه الأكواد. 

إن هذا التحول قد يعطل مشاريع تطوير الذكاء الاصطناعي لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، في وقت تتسارع فيه المنافسة العالمية بوتيرة غير مسبوقة.

هذا يعني أن الشركات الصينية لا تملك ترف التخلي الفوري عن رقائق إنفيديا، لذا تتجه نحو نهج هجين، الاعتماد على رقائق إنفيديا لتدريب النماذج، واستخدام المعالجات المحلية في مرحلة الاستدلال، وهي المرحلة التي يتم فيها تطبيق النموذج المدرب لاتخاذ قرارات أو تقديم تنبؤات.

اقرأ أيضًا:

بإنشاء مركز أبحاث في شنغهاي، «إنفيديا» توسع حضورها في الصين

3 تريليونات دولار قيمة سوقية، «إنفيديا» تتحدى القواعد التقليدية للتقييم بنمو 50% سنويًا

الرهان المحلي من Cambricon إلى الرقائق الخاصة

بجانب هواوي، تسعى شركات ناشئة مثل Cambricon وHygon إلى سد الفجوة، فيما تعمل كل من علي بابا وبايدو على تطوير رقائقهما الخاصة. 

ورغم الفجوة الواضحة مقارنة بأداء رقائق Blackwell من إنفيديا، إلا أن هذه المبادرات تمثل رأس المال التكنولوجي الجديد للصين، حتى وإن كانت لا تزال في طور التأسيس.

غير أن ما يعوق تسريع التحول هو تأخر الإنتاج المحلي، فحتى الآن، لا يزال العرض أقل من الطلب، كما أن إنفيديا نفسها رغم إعلانها نيتها تطوير رقائق متوافقة مع القيود الأمريكية للصين لم تقدم بعد أي نموذج نهائي، مع اعتراف مديرها التنفيذي جينسن هوانج بأن الخيارات محدودة وليس لدينا شيء حاليًا.

إنفيديا والرقائق الإلكترونية

 

تداعيات أوسع.. من الاقتصاد إلى الجغرافيا السياسية

يمتد تأثير هذا التحول إلى ما هو أبعد من مجرد أداء الشركات، إذ إن تكاليف الفرصة البديلة كبيرة، فالقيود لا تُهدد فقط إيرادات إنفيديا التي باتت تعتمد على السوق الصينية كمصدر رئيسي للنمو، بل تُعيد رسم توازنات القوة في السباق العالمي على الذكاء الاصطناعي. 

في الوقت الذي تسعى فيه أمريكا إلى خنق قدرات الصين التكنولوجية، ترد بكين بتسريع سياسة الاستقلال التكنولوجي، وهو مسار محفوف بالمخاطر، لكنه قد يُعيد تعريف مستقبل الاقتصاد الرقمي العالمي.

 

المستقبل المحلي رغم الأشواك

تدخل الصين اليوم مرحلة ما بعد إنفيديا بإرادة مفروضة لا اختيارية، صحيح أن البدائل المحلية لا تزال في طور النضج، وأن التكاليف قصيرة الأمد مرتفعة، لكن المعادلة أصبحت واضحة، الاعتماد على الذات لم يعد خيارًا، بل ضرورة سيادية. 

وبينما قد تستغرق الصين سنوات لإعادة بناء منظومة متكاملة قادرة على منافسة الغرب، فإن مسارها أصبح مرسومًا، ومع كل رقاقة تُنتج داخل حدودها، تقل المسافة الفاصلة بين التبعية والريادة.

Short Url

showcase
showcase
search