من النفط إلى التكنولوجيا، منافسة شديدة على رقائق الذكاء الاصطناعي تحت إشراف أمريكا
الخميس، 15 مايو 2025 02:23 م

الذكاء الاصطناعي في السعودية
كتب/ كريم قنديل
في مشهد يعكس تغيرًا جوهريًا في الجغرافيا السياسية للتكنولوجيا، تمهد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الطريق أمام تحالف استراتيجي جديد بين الولايات المتحدة وحليفين رئيسيين في الخليج، هما السعودية والإمارات.

محور هذا التحالف ليس النفط أو السلاح، بل الذكاء الاصطناعي، وبينما تتسابق الدول الكبرى لامتلاك مفاتيح الثورة التقنية القادمة، يبدو أن واشنطن قررت تغيير قواعد اللعبة لصالح حلفائها في المنطقة، مدفوعة بمصالح اقتصادية، واستراتيجية، وشهية شركات التكنولوجيا العملاقة.
الخليج في قلب ثورة الرقائق
لم تعد رقائق الذكاء الاصطناعي مجرد مكونات إلكترونية، بل أصبحت العملة الصعبة في سباق النفوذ التكنولوجي العالمي، ومن هذا الباب، تأتي الاتفاقيات المرتقبة التي ستتيح للسعودية والإمارات الوصول إلى الذهب الجديد المتمثل في شرائح "إنفيديا" و"إيه إم دي"، الرائدة عالميًا في تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
السعودية، من خلال شركتها الوطنية "هيوماين"، تدخل المنافسة بقوة، فالشركة الناشئة حديثًا نجحت في إبرام صفقات ضخمة، ستحصل بموجبها على مئات الآلاف من شرائح إنفيديا المتطورة خلال خمس سنوات، تبدأ بـ18 ألف وحدة من سلسلة GB300 Grace Blackwell، وهي من أكثر معالجات الذكاء الاصطناعي تقدمًا عالميًا.
اقرأ أيضًا:
المترجم الفوري بالذكاء الاصطناعي، ثورة تكنولوجية بوجه اقتصادي متعدد اللغات
استثمارات الذكاء الاصطناعي تتصدر الصفقات بين السعودية وأمريكا
في الوقت ذاته، أعلنت إيه إم دي عن مشروع مشترك مع هيوماين بقيمة 10 مليارات دولار لإنشاء مراكز بيانات تمتد من السعودية إلى الولايات المتحدة.

شركات أميركية تتدافع إلى الخليج
وراء هذه الصفقات، تقف أسماء أميركية عملاقة، أمازون عبر ذراعها للحوسبة السحابية AWS، تدخل في شراكة مع هيوماين لاستثمار أكثر من 5 مليارات دولار في منطقة ذكاء اصطناعي في المملكة.
المشروع يتضمن تطوير سوق للوكلاء الذكيين يخدم الحكومة السعودية، كما أن شركة Global AI الأميركية، التي أسسها خبراء سابقون في وادي السيليكون، تستعد لضخ استثمارات بمليارات الدولارات في تعاون مع هيوماين، لبناء مراكز بيانات تعتمد على رقائق إنفيديا، تبدأ من نيويورك وتمتد لاحقًا إلى الخليج.
حتى شركات الشبكات مثل سيسكو دخلت على الخط، مؤكدة أنها ستدمج خبرتها العالمية مع طموحات المملكة الجريئة، في حين أطلقت STV، أكبر شركة رأس مال جريء في السعودية، صندوقًا جديدًا بقيمة 100 مليون دولار لتمويل الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي، بدعم من جوجل.
اقرأ أيضًا:
صندوق الاستثمارات العامة يعزز منظومة الذكاء الاصطناعي من "هيوماين" الرائدة
الشرق الأوسط في سباق الذكاء الاصطناعي، هل سيقود أم سيكون تابعًا؟
الإمارات تتحرك وشرائح إنفيديا في قلب المعركة
في الإمارات، الصفقات ليست أقل طموحًا، والإدارة الأميركية تدرس السماح للإمارات باستيراد أكثر من مليون شريحة إنفيديا متقدمة، في خطوة تُعد تراجعًا كبيرًا عن قيود إدارة بايدن السابقة.
الصفقة، التي ما زالت قيد التفاوض، ستتيح دخول 500 ألف شريحة سنويًا حتى 2027، تُخصص 20% منها لشركة G42 الإماراتية، والباقي لشركات أميركية تبني مراكز بيانات داخل الدولة.
اللافت أن أوبن إيه آي، صاحبة تشات جي بي تي، تدرس هي الأخرى توسيع وجودها في الإمارات، مما يعكس تحول الخليج إلى نقطة جذب أساسية في خارطة الذكاء الاصطناعي العالمية.
ترامب يزيل القيود ونهاية عهد بايدن التنظيمي
لم تكن هذه الصفقات لتحدث لولا التغير في السياسات التنظيمية الأميركية، إدارة ترامب ألغت رسميًا قاعدة نشر الذكاء الاصطناعي التي فرضت في عهد بايدن، والتي صنفت الدول إلى ثلاث فئات بحسب أحقية الوصول إلى الرقائق الأميركية.
هذا القرار، الذي جاء نتيجة ضغوط من شركات مثل إنفيديا واعتراضات من حلفاء واشنطن في الخليج، يمهد لسياسة جديدة قائمة على التفاوض الثنائي، ما يسمح بمرونة أكبر واستثمارات أوسع.
بين الطموح والمخاوف الصين حاضرة في الخلفية
لكن ليس كل شيء ورديًان قرار ترامب بفتح السوق الخليجي أمام الرقائق المتقدمة أثار اعتراضات داخل الكونجرس، خاصة من لجنة الصين، المخاوف تتركز على إمكانية تسرب التكنولوجيا الحساسة إلى الصين، عبر العلاقات غير الواضحة بين شركات مثل G42 الإماراتية وهواوي.
اقرأ أيضًا:
«منازل ذكية ومدن مستدامة»، كيف يواجه الذكاء الاصطناعي تحديات التكلفة والخبرة؟
"ثيرابوت"، الذكاء الاصطناعي يدخل عيادة العلاج النفسي، وعود الرعاية ومخاطر السوق
وزارة التجارة الأميركية شددت بدورها على أن استخدام رقائق "أسيند" من هواوي يُعد انتهاكًا لضوابط التصدير، مما يبرز التوازن الدقيق الذي تحاول واشنطن الحفاظ عليه، وهو دعم الحلفاء، دون التسبب في اختراقات استراتيجية من الخصوم.

دبلوماسية الذكاء الاصطناعي
الرهان الأميركي الجديد تبلور حول تحويل الخليج من مستهلك للتكنولوجيا إلى شريك استراتيجي في إنتاجهان إنها دبلوماسية الرقائق، حيث لا تنفع التحالفات التقليدية ما لم تُدعم بالبنية التحتية والمراكز الحوسبية والبيانات.
تحول الذكاء الاصطناعي إلى ميدان تنافس عالمي حاد، وتبدو واشنطن مصممة على أن يكون حلفاؤها في الخليج في الطليعة، عبر تسهيلات تنظيمية وصفقات بالمليارات، تفتح إدارة ترامب الباب أمام السعودية والإمارات للتحول إلى مراكز رئيسية للابتكار التقني.
لكن هذه الخطوة، رغم مكاسبها الاقتصادية والسياسية، قد تُشعل أيضًا سجالات داخلية وخارجية حول أمن التكنولوجيا وحدود التصديرن في كل الأحوال، المنطقة تدخل مرحلة جديدة، مرحلة من يملك الرقاقة، يملك النفوذ.
Short Url
من التحديات للفرص، 8 حلول تجعل المرأة شريك اقتصادي حقيقي
15 مايو 2025 04:19 م
«عودة تسلا إلى نادي التريليون» بين الحقائق القاتمة والحماسة السوقية الزائدة
15 مايو 2025 03:20 م
أوبك تلعبها بحذر، تثبيت توقعات الطلب على النفط رغم انخفاض النمو الاقتصادي العالمي
15 مايو 2025 02:03 م


أكثر الكلمات انتشاراً