"إنفيديا في قلب العاصفة"، صفقات الخليج تعيد رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي العالمي

الإثنين، 19 مايو 2025 08:14 م

إنفيديا والرقائق الإلكترونية

كتب/ كريم قنديل

في عالم يشتد فيه التنافس الجيوسياسي والاقتصادي على صدارة تقنيات المستقبل، تبرز شركة إنفيديا الأميركية كلاعب محوري يتربع على قمة سوق الرقائق الذكية.

ومع إعلان صفقات ضخمة في منطقة الخليج خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم تعد إنفيديا مجرد مزود تقني، بل تحولت إلى ذراع استراتيجية لتصدير النفوذ التكنولوجي الأميركي، في مواجهة صعود الصين وتكثيف الطلب العالمي على الذكاء الاصطناعي.

لماذا أصبحت الرقائق الذكية في قلب صراع الذكاء الاصطناعي العالمي؟ — **الرقائق الذكية**

الخليج يرسم ملامح مشهد جديد للذكاء الاصطناعي

من الرياض إلى أبوظبي، تتسابق العواصم الخليجية لاحتلال موقع ريادي في الاقتصاد الرقمي العالمي، ومع التزام السعودية وحدها بضخ نحو 600 مليار دولار ضمن استثمارات متعددة أبرزها البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، تدخل منطقة الخليج رسميًا، حلبة الكبار في معركة الريادة الرقمية.

فشركة إنفيديا، التي أعلنت عن بيع مئات الآلاف من رقائقها المتقدمة في صفقات غير مسبوقة مع السعودية وشركة Humain، الناشئة المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة، باتت تشكل العمود الفقري لهذا الطموح الخليجي.

وتشمل الخطة بناء مصانع ذكاء اصطناعي بقدرة 500 ميجاوات، تعتمد بشكل شبه حصري على وحدات معالجة إنفيديا المتطورة.

أمريكا تفتح أبواب الرقائق أمام G42 و«هيوماين».. ثورة ذكاء اصطناعي في الإمارات والسعودية — **شركة G42 للرقائق الذكية**

صفقات ترامب، نقطة تحول استراتيجية أم قفزة عابرة؟

وتفتح الصفقات التي أبرمت خلال جولة ترامب الخليجية أبوابًا جديدة أمام إنفيديا، ليس فقط من حيث الأرباح والتوسع، بل في تعزيز موقعها السياسي، ضمن شبكة النفوذ الأميركي في المنطقة.

ويرى مراقبون أن إلغاء قيود التصدير التي فرضتها إدارة بايدن على رقائق الذكاء الاصطناعي، يمهد الطريق أمام إنفيديا لاحتكار سوق المنطقة، وخصوصًا مع إعلان الإمارات عن مفاوضات لاستيراد نصف مليون شريحة سنويًا حتى 2027م، يتم تخصيص نسبة منها لشركة G42.

من النفط إلى الخوارزميات، الخليج يراهن على الهيمنة الرقمية في العقد المقبل

بإنشاء مركز أبحاث في شنغهاي، «إنفيديا» توسع حضورها في الصين

خريطة نفوذ تتبدل من وادي السيليكون إلى الخليج

إن ما يجري هو تحول استراتيجي في مركز الثقل الرقمي العالمي، فلم تعد مراكز الابتكار مقتصرة على أميركا والصين، بل باتت السعودية والإمارات تلعبان دورًا متقدمًا في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي، عبر ضخ استثمارات ضخمة، وتوفير بنية تحتية مرنة، واستقطاب شركات التكنولوجيا العملاقة.

الجدير بالذكر أن إنفيديا وجدت في الخليج شريكًا جريئًا، يملك التمويل والطموح والرغبة في استيراد التكنولوجيا وتوطينها، كما أن تسارع وتيرة الصفقات، بالتوازي مع ارتفاع سعر سهم الشركة بنسبة 16% خلال أسبوع واحد فقط، يوضح حجم الرهان الذي يضعه المستثمرون على هذا التوسع الإقليمي.

بإنجاز تاريخي.. القيمة السوقية لـ«إنفيديا» تتخطى حاجز 3 تريليونات دولار متقدمة على «آبل» — **إنفيديا**

القيمة السوقية والتنافس الثلاثي بين مايكروسوفت، إنفيديا، وأبل

ومع تجاوز القيمة السوقية لإنفيديا 3.3 تريليون دولار، لم تعد الشركة مجرد قصة نجاح في سوق التقنية، بل أحد أركان مثلث القوة في وول ستريت، إلى جانب مايكروسوفت وأبل.

وهذه القفزة تقترن بصعود سريع في ثروة الرئيس التنفيذي جينسن هوانج، التي بلغت 118 مليار دولار، ليصبح بين أغنى 15 شخصية في العالم، لكن الأهم من الأرقام هو ما تعنيه هذه التحركات على المستوى الاستراتيجي، فدخول الخليج على خط إنتاج وتطوير الرقائق، يعزز استقلاليته التكنولوجية، ويفتح أمام إنفيديا سوقًا واعدة، تتيح لها تفادي قيود التصدير المستقبلية نحو أسيا.

الذكاء الاصطناعي يصنع المليارديرات، ثروة رئيس "إنفيديا" ترتفع من 80 إلى 120 مليار دولار

3 تريليونات دولار قيمة سوقية، «إنفيديا» تتحدى القواعد التقليدية للتقييم بنمو 50% سنويًا

الخليج بوابة إنفيديا إلى الهيمنة العالمية

إن ما يجري يمثل المرحلة الثانية من صعود إنفيديا، حيث يتحول توسعها من كونه مدفوعًا بالاستهلاك الفردي في ألعاب الفيديو، إلى كونه محركًا للبنية التحتية العالمية للذكاء الاصطناعي، فالخليج يوفر لإنفيديا ليس فقط الأسواق، بل أيضًا القدرة على بناء شبكات حوسبة عملاقة، ستكون حجر الأساس للثورة الرقمية القادمة.

والاستثمار في الذكاء الاصطناعي الخليجي لا يدعم فقط إنفيديا، بل يُعيد تشكيل العلاقة بين التكنولوجيا والاقتصاد العالمي، ويمنح المنطقة بطاقة عبور نحو نادي الدول المؤثرة رقميًا، مع إمكانية توطين صناعات جديدة مستقبلًا، مثل تصميم وتصنيع الرقائق محليًا.

تأثير الذكاء الاصطناعي في مجال التوظيف لإدارة الموارد البشرية - المصرفيون — **الذكاء الاصطناعي**

هل إنفيديا لا زالت في الدور المهمش

ولم تعد إنفيديا مجرد شركة تكنولوجيا، بل أصبحت رمزًا للتحول في توازنات القوة الاقتصادية، فالخليج من جانبه، لم يعد سوقًا استهلاكيًا فقط، بل بات فاعلًا رئيسيًا في إعادة تشكيل النظام الرقمي العالمي، وبين هذا وذاك، تتولد فرصة تاريخية لتعزيز شراكات استراتيجية، قد ترسم ملامح العقد المقبل تكنولوجيًا وجيوسياسيًا.

هل تقود هذه الصفقة إنفيديا إلى المركز الأول عالميًا؟ الأرقام تقول نعم، لكن الجغرافيا تقول إن الطريق يمر عبر الخليج.

Short Url

أخبار متعلقة