واشنطن تصعد ضد بكين، من الرابح الحقيقي في سباق رقائق هواوي؟

الجمعة، 23 مايو 2025 05:43 م

شركة هواوي

تحليل/ كريم قنديل

في مشهد يُذكر ببدايات الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، عادت شركة هواوي إلى واجهة الصراع التكنولوجي بين القوتين العالميتين، ولكن هذه المرة في ميدان أكثر حساسية، الذكاء الاصطناعي.

تقرير: «هواوي» الصينية تطور شريحة ذكاء اصطناعي جديدة لمنافسة «إنفيديا» الأميركية — **شركة هواوي**

فبعد سنوات من الكمون النسبي، أطلقت واشنطن تحذيرًا شديد اللهجة ضد استخدام رقاقات هواوي، من طراز Ascend 910C و910D، ملوحة بعقوبات جنائية تطال كل من يتعامل معها، داخل الولايات المتحدة أو خارجها.

لماذا هذا التصعيد الآن؟

الجواب ببساطة، لأن هواوي عادت أقوى، لم تخرج الشركة الصينية من ركام العقوبات الأميركية فقط، بل عادت بمنظومة ذكاء اصطناعي تقول إنها تنافس شرائح إنفيديا الأميركية، العمود الفقري حاليًا لثورة الذكاء الاصطناعي العالمية.

في نظر واشنطن، هذا ليس مجرد تطور تكنولوجي، بل تهديد استراتيجي لمنظومة التفوق الصناعي الأميركي، وخصوصًا بعد أن بدأت هواوي بتسليم نظامها CloudMatrix 384 للسوق الصينية، وهو نظام يعتمد على تجميع مئات من شرائح Ascend في بنية ضخمة قادرة على معالجة كم هائل من البيانات.

ما الذي يُقلق واشنطن فعليًا؟

لا تنبع مخاوف واشنطن من تفوق هواوي التقني فحسب، بل من الطريق الذي سلكته الشركة لتحقيق هذا التفوق، إذ تشير تقديرات أميركية إلى احتمال استخدام هواوي تكنولوجيا أميركية محظورة، إما عبر التهريب أو من خلال تحليل واستنساخ رقائق إنفيديا المتقدمة.

لكن واشنطن هذه المرة قررت أن ترفع السقف، فتوجيه التهديد بالعقوبات الجنائية هو إعلان غير مباشر بأن المعركة خرجت من إطار المنافسة الاقتصادية إلى ميدان الأمن القومي.

شركة Nvidia تتفوق على Apple و Microsoft لتصبح الشركة الأكثر قيمة في العالم - Economy Plus — **إنفيديا**

بين الطفرة الصينية والواقع التقني

نجحت هواوي بالفعل في تجاوز عنق الزجاجة، لكنها لم تخرج من دائرة التحديات بعد، فعلى الرغم من الأداء العالي لمنظومتها CloudMatrix، يرى خبراء أن هذا التقدم غير مستدام على المدى الطويل، بسبب غياب البيئة البرمجية المتكاملة التي تمتلكها إنفيديا، والاعتماد المفرط على بنى ضخمة تستهلك طاقة عالية وتتطلب إدارة هندسية معقدة.

بلغة الأرقام، تكلف منظومة هواوي نحو 8.2 ملايين دولار، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف تكلفة نظام NVL72 من إنفيديا، ما يحد من قدرتها على المنافسة خارج السوق الصينية.

كيف تنظر الصين إلى المواجهة؟

لا يبدو أن بكين تخفي استياءها من التصعيد الأميركي الأخير، وقد اعتبرت وزارة التجارة الصينية أن الإجراءات الأميركية تهدد استقرار سلاسل التوريد العالمية لأشباه الموصلات.

ومثلما دعمت هواوي في السابق، يبدو أن الصين مصممة على تحويل الشركة إلى رمز الاستقلال التكنولوجي، حتى وإن أدى ذلك إلى تقسيم السوق العالمية إلى نصفين، نصف أميركي ونصف صيني.

كيف يسهم الصراع التكنولوجي بين واشنطن وبكين في تصعيد الأزمة بين الطرفين؟ : CNN الاقتصادية — **صراع تكنولوجي**

الرهان الأكبر هو السيطرة على المستقبل

في الخلفية، لا تدور المعركة حول شريحة أو منتج، بل حول التحكم في أعصاب الاقتصاد الرقمي الجديد، فشرائح الذكاء الاصطناعي ستكون أساس الثورة المقبلة في مجالات تمتد من الأمن إلى الطب، ومن الصناعة إلى الإعلام.

الولايات المتحدة تدافع عن تفوقها بيد من حديد، بينما تراهن الصين على حرب استنزاف تكنولوجية طويلة المدى، تعيد بها رسم خريطة النفوذ الصناعي العالمي.

وفي قلب هذه الحرب تقف هواوي، التي تحولت من مجرد شركة اتصالات إلى لاعب جيو اقتصادي يعيد تشكيل المشهد.

تصعيد واشنطن ضد هواوي ليس تكتيكًا عابرًا، بل هو جزء من استراتيجية احتواء أشمل للنهضة التقنية الصينية، وبينما تعزز الصين تموضعها الداخلي، تحاول أميركا عزل التأثير الخارجي لتقنيات هواوي، وفي هذا الشد والجذب، لا أحد يضمن من سيربح الحرب، لكن الأكيد أن سباق الذكاء الاصطناعي لن يكون نزهة لأحد.

Short Url

أخبار متعلقة