2025 عام التحولات الكبرى، مفاجآت اقتصادية عالمية تعيد رسم خريطة النفوذ

الأحد، 14 ديسمبر 2025 01:10 م

الاقتصاد العالمي - صورة تعبيرية

لم يكن عام 2025 عامًا عاديًا في مسار الاقتصاد العالمي، بل شكل نقطة انعطاف حقيقية أعادت ترتيب الأولويات، وكشفت عن مفاجآت غير متوقعة، وعمقت التداخل بين الاقتصاد والسياسة والجغرافيا.

ففي الوقت الذي تصدرت فيه البرتغال قائمة أفضل الاقتصادات أداءً في العالم، وفق تصنيف صحيفة The Economist، واصلت الولايات المتحدة احتفاظها بلقب أكبر اقتصاد عالميًا من حيث الحجم، كما تصاعدت في الخلفية أحداث جيوسياسية كبرى هزت الأسواق، وغيّرت اتجاهات الاستثمار، وفرضت واقعًا اقتصاديًا جديدًا يمتد تأثيره إلى ما بعد 2025.

البرتغال في الصدارة.. مفاجأة العام الاقتصادي

في مفاجأة ملحوظة، تصدرت البرتغال قائمة أفضل الاقتصادات في العالم لعام 2025، متفوقة على قوى اقتصادية كبرى مثل الولايات المتحدة والصين، بحسب مسح أجرته صحيفة The Economis، وللعام الخامس على التوالي، قيمت الصحيفة أداء الاقتصادات العالمية استنادًا إلى خمسة مؤشرات رئيسية، تشمل معدلات التضخم ومدى انتشاره، والنمو الاقتصادي، وقوة سوق العمل وفرص التوظيف.

أداء أسواق الأسهم

وجاء تصدر البرتغال مدفوعًا بمزيج نادر من النمو القوي، والتضخم المنخفض، وسوق أسهم واصل تسجيل مكاسب شهرية متتالية، ما منحها المركز الأول عالميًا، فلم تكن البرتغال وحدها في دائرة الضوء، إذ سجلت دول أوروبية أخرى تحسنًا ملحوظًا، حيث عادت اليونان بقوة بعد سنوات من الأزمات، وقدمت إسبانيا أداء اقتصاديًا قويًا، فيما اقتربت إيرلندا من انتزاع الصدارة.

وتراجعت اقتصادات شمال أوروبا، مثل إستونيا وفنلندا وسلوفاكيا، بينما حققت ألمانيا تحسنًا محدودًا ظل دون التطلعات، أما الولايات المتحدة فجاءت في مركز متوسط، تلتها إيطاليا التي واصلت المعاناة من اختلالات هيكلية.

ويشير تاريخ هذا التصنيف إلى أن الدولة التي تتصدر القائمة غالبًا ما تشهد ارتفاعًا في أسواقها المالية بنحو 20% في العام التالي، ما يجعل اللقب مؤشرًا استثماريًا بقدر ما هو إنجاز اقتصادي.

أكبر 5 اقتصادات في العالم خلال 2025

وفي السياق ذاته، كشفت تقديرات Consensus Forecast وموقع Focus Economics عن خريطة أكبر 10 اقتصادات في العالم خلال 2025، والتي ضمت خمس دول أوروبية، وثلاثًا آسيوية، ودولتين من الأمريكيتين.

وتعكس هذه القائمة ثقل الاقتصادات الكبرى من حيث الناتج المحلي الإجمالي، لكنها تكشف في الوقت ذاته فجوة واضحة بين حجم الاقتصاد وجودة أدائه.

1. الولايات المتحدة.. 30.4 تريليون دولار

تواصل الولايات المتحدة تصدرها كأكبر اقتصاد في العالم، مستحوذة على أكثر من ربع الناتج العالمي الاسمي، مع اقتصاد شديد التنوع تقوده التكنولوجيا والتمويل والرعاية الصحية، بناتج المحلي الإجمالي في 2025 بلغ 30.4 تريليون دولار.

وساهمت قوة الدولار وتفوق الأداء الاقتصادي بعد جائحة كورونا في توسيع الفجوة مع الاقتصادات المتقدمة الأخرى، ورغم توقعات نمو تقارب 2% سنويًا حتى نهاية العقد، يواجه الاقتصاد الأميركي تحديات حقيقية، أبرزها اتساع فجوة الدخل، وتقادم البنية التحتية، وارتفاع الدين العام في ظل عجز مالي مستمر.

2. الصين.. 19.6 تريليون دولار

تحافظ الصين على موقعها كثاني أكبر اقتصاد عالميًا، وبلغ ناتج المحلي الإجمالي في 2025 نحو 19.6 تريليون دولار، مستندة إلى قاعدة صناعية ضخمة تقود الإنتاج العالمي للإلكترونيات والآلات، وتدفع بكين بقوة نحو الاكتفاء التكنولوجي، ودعم الصناعات المحلية، وتعزيز موقعها في القطاعات الخضراء، خاصة الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية.

لكن الاقتصاد الصيني يواجه تباطؤًا نسبيًا بفعل تراجع سوق العقارات، وارتفاع ديون الشركات، والتحديات الديموغرافية، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية مع الغرب.

3. ألمانيا.. 5.0 تريليونات دولار

تظل ألمانيا أكبر اقتصاد أوروبي، بقاعدة صناعية قوية تعتمد على شبكة الشركات المتوسطة، ووصل الناتج المحلي الإجمالي في 2025 إلى 5.0 تريليونات دولار، إلا أن نموذجها التصديري يتعرض لاختبارات صعبة، نتيجة المنافسة الصينية، والتحولات التكنولوجية، وأزمة الطاقة، ومنذ 2018، يسجل الاقتصاد الألماني نموًا دون متوسط مجموعة السبع، في ظل تحديات ديموغرافية وسياسية متزايدة.

4. اليابان.. 4.4 تريليونات دولار

رغم احتفاظها بالمركز الرابع عالميًا، بناتج محلي إجمالي في 2025 بلغ نحو 4.4 تريليونات دولار، و تعاني اليابان من ضغوط الشيخوخة السكانية وضعف النمو، مع اعتماد كبير على الصادرات وواردات الطاقة، وأشارت التوقعات إلى استمرار نمو دون 1% سنويًا حتى نهاية العقد.

5. الهند.. 4.3 تريليونات دولار

تواصل الهند تسجيل معدلات نمو مرتفعة، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي في 2025 نحو 4.3 تريليونات دولار، بفضل قطاع الخدمات وتكنولوجيا المعلومات، وقاعدة سكانية شابة، لكن فجوات البنية التحتية، والتعقيدات التنظيمية، وضعف التعليم الشامل، لا تزال تحد من تسارع النمو مقارنة بتجربة الصين في مراحل صعودها.

أحداث هزّت الاقتصاد العالمي في 2025

لم تكن نتائج الأداء والحجم بمعزل عن سياق عالمي مضطرب، إذ شهد عام 2025 سلسلة من الأحداث التي هزت الأسواق وأعادت رسم ملامح النفوذ الاقتصادي.

عودة ترامب.. وتحول في الدور الأمريكي

شهد العام عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مصحوبة بسياسات أكثر تشددًا تجاه التجارة والعولمة، ما أثار قلق الأسواق، ودفع دولًا عدة إلى إعادة تموضع استراتيجي في علاقاتها الاقتصادية.

يوم التحرير.. بداية موجة حمائية جديدة

في أبريل 2025، أعلنت واشنطن حزمة تعريفات جمركية واسعة على واردات من الصين وأوروبا، ما تسبب في تراجعات حادة بأسواق المال، وتصاعد التوترات التجارية، وإعادة تسعير السلع عالميًا.

ضربة إسرائيل لإيران.. الطاقة تحت الضغط

أعاد التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران المخاطر الجيوسياسية إلى واجهة أسواق الطاقة، مع ارتفاع الأسعار وإدراج التوترات الشرق أوسطية مجددًا في معادلة التسعير العالمي.

المعادن النادرة.. ورقة ضغط صينية

فرضت الصين قيودًا على تصدير المعادن النادرة، ما كشف حجم اعتماد الصناعات الأميركية عليها، ودفع واشنطن للبحث عن بدائل مكلفة وبطيئة، قبل الدخول في تهدئة وصفت بالهشة.

الحرب الروسية الأوكرانية.. تصعيد وحدود النفوذ

شهد الصراع مرحلة تصعيد جديدة، مع مكاسب ميدانية روسية، وفشل محاولات الضغط على مستوردي النفط الروسي، ما كشف محدودية التأثير الغربي في تغيير موازين الصراع.

العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي

تعرضت أسواق العملات الرقمية لهزات قوية، متأثرة بتقلبات قطاع الذكاء الاصطناعي وأسهم التكنولوجيا، ما أبرز حساسية الأصول عالية المخاطر لأي تصحيح في الأسواق.

المركزية الغربية وصعود التوازنات الجيو-اقتصادية العالمية – الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي

الاقتصاد العالمي مقبل على مرحلة جديدة خلال 2026

أعاد عام 2025 تعريف مفهوم القوة الاقتصادية، فلم يعد الحجم وحده معيار التفوق، بل الاستقرار، وكفاءة السياسات، والقدرة على إدارة الصدمات، وفي الوقت الذي تتقدم فيه اقتصادات صغيرة بأداء ملحوظ، وتواجه القوى الكبرى تحديات متزايدة، يظل الاقتصاد العالمي مقبلًا على مرحلة أكثر تعقيدًا في 2026، حيث يمتزج الاستثمار بالسياسة، والنمو بالمخاطر.