الخميس، 30 أكتوبر 2025

03:40 م

اقتصاد عالمي بـ124 تريليون دولار، ازدهار رقمي أم فخ ديون يهدد 2026؟

الخميس، 30 أكتوبر 2025 01:00 م

الدين العالمي

الدين العالمي

على مشارف عام 2026، يقف العالم أمام مشهد اقتصادي مزدوج الملامح، أرقام لامعة تشير إلى اتساع الناتج المحلي الإجمالي العالمي لمستوى تاريخي يبلغ 123.6 تريليون دولار، يقابلها عبء ديون متضخم يلوح بخطر كبح النمو القادم، وبينما يحتفل الاقتصاديون بموجة الانتعاش بعد عقد من الأزمات المتتالية، من الجائحة إلى التضخم العالمي، فإن السؤال الأهم يظل مطروحًا: هل تمضي الاقتصادات الكبرى في طريق التعافي الحقيقي، أم أن العالم يقترب من ذروة ديون جديدة قد تعصف بمكتسباته؟

ناتج قياسي.. لكنه مشوب بالحذر

يؤكد تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في أكتوبر أن 2026 سيكون عام النمو الأكبر في التاريخ الحديث من حيث القيمة الاسمية للناتج العالمي، في إشارة إلى متانة الاقتصاد الكلي رغم تباطؤ بعض المؤشرات.

وتتصدر الولايات المتحدة المشهد الاقتصادي بناتج متوقع قدره 31.8 تريليون دولار، أي ما يعادل تقريبًا مجموع اقتصادات الصين وألمانيا والهند مجتمعة. هذا التمركز يعكس استمرار هيمنة واشنطن على الدورة الاقتصادية العالمية، مدعومةً بقوة الاستهلاك الداخلي، والريادة في التكنولوجيا والطاقة، رغم ضغوط العجز المالي وارتفاع الدين العام.

لكن في المقابل، يحذر محللون من أن الوفرة الرقمية قد تخفي هشاشة مالية متنامية، إذ يقف خلف كل دولار من الناتج العالمي نحو 96 سنتًا من الدين الحكومي في المتوسط، وهي نسبة مرتفعة تاريخيًا.

الدين العام

جبل الديون يعود للارتفاع

بعد أن بلغت نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي ذروتها عند 98.7% في عام 2020 خلال جائحة كوفيد-19، تراجعت تدريجيًا في الأعوام التالية بفضل النمو والتقشف، لكنها تعكس منحنى صاعدًا جديدًا في 2026 لتصل إلى 96.8%، مقارنة بـ94.7% في العام الحالي.

ويرجع هذا الارتفاع إلى تكاليف الاقتراض المرتفعة نتيجة لرفع أسعار الفائدة في معظم الاقتصادات الكبرى لمواجهة التضخم، بالإضافة إلى تباطؤ النمو الحقيقي الذي يحد من قدرة الحكومات على زيادة الإيرادات الضريبية أو تحقيق فوائض مالية. في المحصلة، يقف العالم أمام معادلة صعبة: “ناتج أكبر.. لكن دين مهول”.

اقرأ أيضًا:

سرقة ثروات الشعوب، خطة أمريكا السرية لتصفير الديون وتأثيرها على الاقتصاد العالمي

الدول الكبرى بين الهيمنة والعبء

من حيث الحجم، تظل الولايات المتحدة والصين وألمانيا والهند واليابان ضمن نادي الاقتصادات الخمسة الأولى، لكن ترتيبها من حيث المديونية يعكس تباينًا صارخًا في النماذج الاقتصادية.

ما زالت اليابان أكثر دول العالم مديونية بنسبة تبلغ 226.8% من ناتجها المحلي، وهي نتيجة عقود من التحفيز المالي المستمر لمواجهة الانكماش وتحديات الشيخوخة السكانية. أما الولايات المتحدة، فديونها تتجاوز 128.7% من ناتجها، ما يعكس تكاليف الاقتراض الضخمة والإنفاق الفيدرالي الواسع، وفي المقابل، تحتفظ الصين بنسبة دين عند 102.3% فقط، رغم ضخامة اقتصادها، مستفيدة من أدوات التمويل المحلي وسيطرة الدولة على النظام المصرفي.

الديون

دول نامية تحت ضغط مزدوج

تظهر البيانات أن الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية تحمل عبئًا متزايدًا من الديون، بمتوسط يبلغ 75.8% من الناتج المحلي الإجمالي، في وقت تواجه فيه ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وتراجع تدفقات رؤوس الأموال.

ويبرز في هذا السياق وضع السودان، الذي يسجل نسبة دين تبلغ 172.4%، مدفوعة بعقود من الصراعات الداخلية وضعف الإيرادات، في حين تأتي البحرين بنسبة 146.4% نتيجة لضغوط الموازنة العامة وارتفاع تكاليف الدعم. على الجانب الآخر، تمثل اليونان حالة فريدة من التعافي، إذ نجحت في تقليص ديونها من 210% في 2020 إلى 141.9% في 2026، بفضل سياسات التقشف والنمو السياحي المتجدد، مما جعلها نموذجًا لاستعادة الاستدامة المالية رغم الإرث الثقيل لأزمة الديون الأوروبية.

اقرأ أيضًا:

الديون الأمريكية تتخطى 38 تريليون دولار وسط شلل حكومي غير مسبوق

ديون ليست كلها سوداء.. سنغافورة نموذج مختلف

ورغم أن سنغافورة تظهر ضمن قائمة الدول الأعلى مديونية بنسبة 176.3% من ناتجها، فإن طبيعة هذا الدين تختلف جذريًا، فالدولة المدينة هنا ليست متعثرة، بل تستثمر دينها في صناديق سيادية ومشروعات طويلة الأجل عالية العائد. إنه دين استثماري منتج، يستخدم كأداة مالية لتحقيق تراكم رأسمالي مستقبلي، وليس لتمويل عجز تشغيلي.

الديون

فجوة الثروة.. ازدهار غير متكافئ

ورغم تضخم الناتج العالمي، فإن الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة تتسع أكثر من أي وقت مضى، ففي حين يبلغ نصيب الفرد في ليختنشتاين 246.7 ألف دولار سنويًا، لا يتجاوز في بعض الدول النامية 400 دولار فقط، ويظهر ذلك أن النمو العالمي ما زال نموًا انتقائيًا، يتركز في الدول المتقدمة بينما تتراجع حصص الدول منخفضة الدخل في الناتج العالمي.

هذه الفوارق تطرح تساؤلات حول عدالة توزيع الثروة العالمية، ومدى قدرة النظام المالي الدولي على معالجة التفاوت المتصاعد في الدخل والإنتاجية.

ملامح عام 2026.. نمو فوق أرض رخوة

المشهد العام للاقتصاد العالمي في 2026 يمكن تلخيصه في ثلاث نقاط رئيسية:

1. نمو قوي بالأسعار الاسمية مدفوعًا بتراجع التضخم واستقرار أسعار الطاقة.

2. عبء ديون متزايد يهدد بموجة ضغط جديدة على المالية العامة في الاقتصادات المتقدمة.

3. تفاوت متصاعد في توزيع الثروة والنمو بين الشمال والجنوب الاقتصادي.

ومع بقاء أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة نسبيًا، فإن أي تباطؤ إضافي في النمو قد يجعل خدمة الدين أكثر صعوبة، خاصة بالنسبة للأسواق الناشئة المثقلة بالالتزامات الخارجية.

الديون العالمية

ازدهار قابل للانفجار

قد يبدو الاقتصاد العالمي في 2026 أقوى على الورق، لكن خلف الأرقام البراقة تختبئ قنابل ديون مؤجلة، وإن الاستدامة المالية العالمية لم تعد تقاس بحجم الناتج فقط، بل بقدرة الحكومات على السيطرة على الدين وتحويله إلى استثمار منتج.

وما لم تترجم الوفرة الاقتصادية الحالية إلى إصلاحات مالية وهيكلية جادة، فإن العالم قد يدخل في العقد القادم وهو يحمل نفس الإرث الذي حاول نسيانه منذ أزمة 2008: اقتصاد ضخم.. لكنه هش، ومكسو بالديون من القاعدة إلى القمة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search