«قطار الحلم» على قضبان الاستثمار، السعودية تسابق الزمن نحو اقتصاد رقمي شامل
الأربعاء، 05 نوفمبر 2025 07:51 م
قطار السعودية الجديد- أرشيفية
بمجرد أن تطأ قدماك مقر مبادرة مستقبل الاستثمار في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، حتى يلفت انتباهك مشهد لم يكن عاديًا، عربة فاخرة مطلية بالذهب والنقوش العربية، تحمل اسم حلم الصحراء، مشروع القطار الفاخر الذي تديره الخطوط الحديدية السعودية (سار) بالشراكة مع شركة أرسينالي الإيطالية.
القطار ليس مجرد وسيلة نقل سياحية، بل رمز لرؤية وطنية تسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين التاريخ والتقنية، وبطول يتجاوز 1300 كيلومتر، يبدأ تشغيله التجريبي قبل نهاية 2025، كنسخة سعودية فاخرة من قطار الشرق السريع الأوروبي، ولكن برؤية مستوحاة من الصحراء، تلك التي تتحول اليوم إلى مختبر لصناعة المستقبل.
مستقبل الاستثمار من قلب الرياض
داخل القاعات، يتجسد مشهد غير مسبوق في العالم العربي، أكثر من 8 آلاف مشارك من أكثر من 100 دولة، بينهم رؤساء حكومات، ومديرو صناديق سيادية، ومؤسسو شركات ناشئة، وصحفيون ومفكرون.
في إحدى الجلسات، جلست على طاولة واحدة مجموعة من القادة الاقتصاديين الذين يديرون مجتمعين أصولًا تتجاوز 23 تريليون دولار، أي ما يعادل ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تلك الطاولة لم تكن تناقش مستقبل الاستثمار فقط، بل كانت تصنعه فعليًا من قلب الرياض.

داخل قاعة تعرض أحدث تقنيات البناء ثلاثي الأبعاد، يعلن رئيس صندوق الاستثمارات العامة (PIF) عن استراتيجيات جديدة تمتد إلى العقد القادم، وفي القاعة الكبرى، يتحدث ترامب جونيور عن الشراكة السعودية الأمريكية، يليه نائب الرئيس الصيني الذي يشدد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين الرياض وبكين، وهذا المزيج بين الشرق والغرب لم يكن مجرد رمزية دبلوماسية، بل تجسيد لرؤية السعودية كمحور توازن اقتصادي عالمي جديد.
اقرأ أيضًا:
صناعة اللياقة في السعودية، استثمارات بمليارات الريالات تستهدف 40% من السكان بحلول 2030
تقلبات الاقتصاد العالمي
من أبرز ما ميز جلسات المبادرة هذا العام هو التحول الواضح في لهجة المؤسسات المالية العالمية تجاه العملات الرقمية، فكبار المصرفيين من رؤساء بلاك روك وجي بي مورجان إلى ترامب الابن، أجمعوا على أن التحول إلى الأنظمة المشفرة لم يعد سؤالًا عن الاحتمال، بل عن التوقيت.
لاري فينك، الرئيس التنفيذي لبلاك روك، الذي تدير شركته أكثر من 12 تريليون دولار من الأصول، قال إن "الذهب والبيتكوين باتا وجهين لعملة واحدة، ملاذات آمنة ضد تقلبات الاقتصاد العالمي".

ذكاء اصطناعي بحجم التريليون
من العملات المشفرة إلى الذكاء الاصطناعي، كان لافتًا أن المملكة أعلنت بوضوح مستقبل الاستثمار السعودي والتكنولوجي”، فصندوق الاستثمارات العامة الذي تجاوزت أصوله تريليون دولار، ضخ خلال الأعوام الأخيرة مليارات الدولارات في شركات الذكاء الاصطناعي والتقنيات العميقة، وأحدثها شركة "Humain" التي أطلقت في مايو 2025، لتطوير حلول ذكاء اصطناعي تتحدث بالعربية وتبنى محليًا، وقبلها "آلات" في 2024 لتأسيس منظومة تصنيع إلكتروني متقدم، ودعم الصندوق مبادرات مثل TAQINA للبحث والتطوير، وSITE للأمن السيبراني والحوسبة السحابية، فضلًا عن صناديق رأس المال الجريء Prosperity7 برأسمال 7 مليارات دولار وWA’ED نصف مليار دولار، لتسريع نمو الشركات الناشئة المحلية والعالمية.
ولا يمكن تجاهل استثمار الصندوق في شركة "لوسيد" للسيارات الكهربائية، التي دشنت أول منشأة تجميع في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، في خطوة ترسخ مكانة السعودية كقاعدة تصنيع للسيارات الكهربائية في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضًا:
حرب صامتة على شرائح الذكاء الاصطناعي، الصغار يحترقون والعمالقة يجمعون الغنائم
القطاع الخاص يدخل المشهد
رغم حجم التوسع الاستثماري الحكومي، ولكن ربما قد حان الوقت أن تقلل الحكومة والصندوق من دورهما في زرع البذور، وأن يفسح المجال للقطاع الخاص ليقود النمو، وبهذا تضع الرياض ملامح المرحلة المقبلة، الانتقال من اقتصاد تقوده الدولة إلى اقتصاد يقوده السوق، إذ تتولى الشركات المحلية والعالمية استكمال ما بدأته الحكومة من بنية تحتية وتمويل أولي.

ثلاثية الطاقة ومستقبل التوازن
ناقش المنتدى أيضًا ما يعرف بـ ثلاثية الطاقة: أمنها، واستدامتها، وعدالتها، فبينما تواصل السعودية ريادتها في سوق النفط، تؤكد رؤيتها 2030 على تنويع مصادر الطاقة، من الهيدروجين الأخضر إلى الطاقة الشمسية ومشاريع الكربون المنخفض، وتلك التحولات لا تغير فقط خريطة الطاقة، بل تعيد رسم موازين النفوذ الجيو اقتصادي في العالم.
وسط صخب الصفقات والأرقام، كان هناك صوت إنساني لافت عبّر عنه ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، في افتتاح المؤتمر: %66 من الناس يشعرون بأن حياتهم جيدة، لكن فقط 37% متفائلون بمستقبل العالم، وأضاف: “يجب أن تسهم التكنولوجيا في سد هذه الفجوة، لكنها لن تفعل إلا إذا كانت متاحة للجميع.”

مع اختتام مبادرة مستقبل الاستثمار، خرجت الرياض بثلاث رسائل رئيسية يمكن اعتبارها ملخصًا لاستراتيجيتها في العقد القادم:
- الذكاء الاصطناعي أصبح البنية التحتية الجديدة للاقتصاد.
- العملات المشفرة وتقنية البلوك تشين ليست مستقبلًا بعيدًا، بل واقعًا يتشكل الآن.
- السعودية لم تعد مجرد مصدر للنفط، بل أصبحت صانعة للقرار الاقتصادي العالمي.
قطار استثماري يعبر العالم
القطار الجديد استثماري يعبر العالم، عندما يتحول حلم الصحراء إلى استعارة دقيقة لرحلة المملكة نفسها من الرمال إلى الرقمنة، ومن الثروة الطبيعية إلى الثروة المعرفية، ولم يكن مشهد القطار في بهو المؤتمر أكثر من مجرد عرض هندسي، كان إعلانًا رمزيًا بأن الصحراء التي كانت مهدًا للحضارة، يمكن أن تكون أيضًا مصنعًا للمستقبل.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
يوم استثماري تاريخي، 31 مليار دولار تُضَخ في القاهرة والساحل الشمالي
05 نوفمبر 2025 05:06 م
36 يومًا من الشلل الإداري، كيف وصلت أمريكا لأطول إغلاق في تاريخها؟
05 نوفمبر 2025 02:10 م
قفزة "مليارية" في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تفاصيل
05 نوفمبر 2025 09:21 ص
أكثر الكلمات انتشاراً