الاقتصاد الأمريكي على مفترق طرق، تباطؤ في الواردات وتراجع بالشحن وسط تصاعد التعريفة الجمركية
الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025 10:29 م

الاقتصاد الأمريكي
تعيش سلاسل الإمداد الأمريكية حالة من التحول والتقلبات غير المسبوقة مع دخول الربع الأخير من عام 2025، فبعد أن شهد النصف الأول من العام موجة من التحميل المسبق للسلع تحسبًا لرسوم جمركية مرتقبة، تأتي الأشهر الأخيرة لتؤكد أن تلك الوتيرة لم تكن مستدامة، وأن تبعات السياسات التجارية الجديدة بدأت تؤثر سلبًا، لا سيما في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي وتضاؤل أدوات الرصد الاقتصادي الرسمي.

هبوط مفاجئ في واردات السلع الصناعية.. تراجع يعكس عمق الأزمة الصناعية
تكشف بيانات بوليصات الشحن التي تعد من أهم مصادر البيانات البديلة في ظل غياب الإحصاءات الحكومية الرسمية عن انخفاض ملحوظ في الواردات الأمريكية بنسبة 5.8% على أساس سنوي خلال سبتمبر 2025.
ولم يكن هذا التراجع عشوائيًا، بل كان متركزًا في قطاعات حيوية مثل السلع الرأسمالية، وبشكل خاص المكونات الكهربائية، وهو ما يعكس استمرار حالة الضعف في النشاط الصناعي الأمريكي.
ويفسر هذا التراجع أيضًا بانتهاء موجة “التحميل المسبق” وهي استراتيجية اعتمدتها الشركات للاستيراد المكثف قبل دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ، وخاصة تلك المرتبطة بقانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) والمادة 232 من قانون التجارة الأمريكي.
واليوم، ومع انقضاء الحاجة إلى التخزين المسبق، تنتقل الشركات إلى مرحلة أكثر تحفظًا، ترتكز على إعادة التفاوض بشأن الأسعار وخفض التكاليف استعدادًا لعام 2026.
موسم الذروة بلا ذروة.. انهيار غير مسبوق في دورة الشراء الموسمية
عادةً ما يشهد شهرا أغسطس وسبتمبر ارتفاعًا كبيرًا في الواردات استعدادًا لموسم العطلات في الولايات المتحدة، إلا أن 2025 جاء مخالفًا لكل التوقعات.
فقد انخفضت واردات الإلكترونيات الاستهلاكية والسلع الترفيهية بنسبة 1.6% في سبتمبر مقارنة بأغسطس، في حين أن المتوسط التاريخي للزيادة في هذه الفترة يبلغ حوالي 7.1%.
هذا التراجع الحاد يشير إلى أن الطلب الاستهلاكي الأمريكي قد دخل مرحلة تباطؤ حاد، ما قد تكون له تداعيات كبيرة على مبيعات موسم العطلات، وبالتالي على الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من العام، الذي يعد محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي الأمريكي.

الإغلاق الحكومي يعمق التحديات.. غياب البيانات يفتح المجال للبدائل
الإغلاق الحكومي الأمريكي، الذي يتوقع أن يستمر حتى منتصف أكتوبر، حد بشكل كبير من توفر البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة والجمارك.
في هذا السياق، تلجأ الجهات التحليلية إلى ما يعرف بـ"المرآة التجارية"، وهي استراتيجية تعتمد على بيانات الدول المصدرة إلى الولايات المتحدة لرصد حركة التجارة الأمريكية بشكل غير مباشر.
وحتى 6 أكتوبر، كانت هذه البيانات تغطي ما يقارب 45% من حجم التجارة الأمريكية لشهر أغسطس، مع توقع اكتمال الغالبية العظمى منها بحلول 16 أكتوبر، ومع ذلك، تبقى الصورة غير مكتملة، ما يزيد من درجة عدم اليقين في التقديرات الاقتصادية.
اقرأ أيضًا:
الإغلاق الحكومي الأمريكي يتسبب في شلل سوق الرهن العقاري بـ 7 مليارات دولار
سياسات تجارية في مهب الريح.. المحكمة العليا على خط المواجهة
الربع الأخير من 2025 سيحمل معه قرارات سياسية حاسمة قد ترسم ملامح التجارة الأمريكية للسنوات المقبلة، فقد حددت المحكمة العليا الأمريكية جلسة في 5 نوفمبر للنظر في قانونية الرسوم الجمركية المفروضة بموجب قانون IEEPA.
وعلى الرغم من أن هناك احتمالية لإعلان هذه الرسوم غير دستورية، إلا أن الإدارة الأمريكية ما تزال تملك أدوات بديلة، مثل المادة 301 التي تستخدم عادةً لفرض رسوم على الدول التي تنتهك حقوق الملكية الفكرية أو تمارس سياسات تجارية غير عادلة.

قمة "أبيك" وأمل التهدئة التجارية مع آسيا
كل الأنظار تتجه كذلك إلى قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، المزمع عقدها في كوريا الجنوبية نهاية أكتوبر، حيث أعلن مسؤولون في إدارة ترامب أن هناك اتفاقيات تجارية مرتقبة مع دول آسيوية، بما في ذلك الصين.
هذه الاتفاقيات قد تؤدي إلى خفض الرسوم الجمركية وتقليص حالة عدم اليقين التي تحيط بالأسواق منذ سنوات، لا سيما وأن الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا والإلكترونيات تعد من أكثر المتضررين من التصعيدات التجارية المتكررة بين واشنطن وبكين.
اقرأ أيضًا:
كيف أعادت هجمات 11 سبتمبر رسم ملامح الاقتصاد العالمي؟
قطاع الشحن البحري يترنح.. السوق يتفاعل مع التباطؤ قبل وقته
الضغوطات لم تقف عند حدود الشركات والمصانع، بل امتدت إلى قطاع الشحن البحري، الذي يعاني من فائض في الطاقة الاستيعابية وتراجع حاد في الطلب.
فبحسب بيانات S&P Global، سجلت أسعار الشحن من شمال آسيا إلى الولايات المتحدة مستويات أدنى من تلك المسجلة في ديسمبر 2023.
وهو ما يعكس توقعات السوق بضعف إضافي في الواردات خلال الربع الأخير من العام، وخصوصًا مع اقتراب رأس السنة القمرية في 17 فبراير 2026، والتي عادةً ما تشهد ذروة في الطلب على السلع المصنعة آسيويًا.
ومن اللافت أن التباطؤ لا يرتبط فقط بالطلب الخارجي، بل يعكس تحولًا في استراتيجيات شركات التجزئة الأمريكية نفسها، التي بدأت في وقف أو حتى عكس عمليات بناء المخزون التي كانت قد بدأت في بداية العام.
هذا التوجه ينبئ بأن الطلب على الواردات سيظل ضعيفًا، على الأقل حتى منتصف 2026.

نحو عام من الغموض والضبابية
بمزيج من العوامل السياسية والاقتصادية، ومن ضمنها الإغلاق الحكومي، وتذبذب السياسات التجارية، وضعف الطلب الصناعي والاستهلاكي، يواجه الاقتصاد الأمريكي تحديًا كبيرًا في إدارة المرحلة الانتقالية المقبلة.
الربع الرابع من عام 2025 قد لا يكون فقط نهاية لعام اقتصادي مضطرب، بل بداية لمرحلة جديدة من إعادة التوازن بين السياسات الحمائية والاحتياجات الفعلية للاقتصاد الأمريكي، في وقت تتزايد فيه التحديات العالمية وتتصاعد فيه الأصوات الداعية لإعادة التفكير في سلاسل الإمداد العالمية.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
انتعاشة منتظرة، كيف يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على قناة السويس؟
14 أكتوبر 2025 08:23 م
ثورة في النقل الفاخر بدبي، سيارات طائرة تحلق فوق نخلة جميرا دون طيار محترف
14 أكتوبر 2025 05:43 م
التحول الرقمي في الخدمات المالية، طريق العدالة الاقتصادية للمجتمعات المُهمشة
09 أكتوبر 2025 03:26 م
أكثر الكلمات انتشاراً