الإثنين، 13 أكتوبر 2025

06:42 م

كيف أعادت هجمات 11 سبتمبر رسم ملامح الاقتصاد العالمي؟

الأحد، 12 أكتوبر 2025 04:10 م

قواعد اللعبة المالية

قواعد اللعبة المالية

في صباح يوم الثلاثاء، الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، لم يكن العالم يدرك أن لحظات قليلة ستعيد تشكيل خارطة الاقتصاد العالمي لعقود قادمة، فبينما كانت الطائرات تصطدم ببرجي مركز التجارة العالمي، كان الاقتصاد الأمريكي يواجه ما هو أبعد من هجومٍ إرهابي؛ كان يواجه بداية تحولٍ ماليٍّ عميق أعاد صياغة أولويات الإنفاق، وغيّر سلوك الأفراد والشركات، وأعاد ترتيب مفاهيم الأمن والربحية على حدٍّ سواء.

هجمات 11 سبتمبر

زلزال اقتصادي.. من لحظة الصدمة إلى عقود من التغيير

بلغت الخسائر الأولية المباشرة في نيويورك وحدها نحو 64 مليار دولار، لكن الرقم الحقيقي كان أكبر من ذلك بكثير، فعلى مدى عشرين عامًا، أنفقت الولايات المتحدة ما بين 6 و8 تريليونات دولار على الحروب والاستجابة الأمنية. هذه النفقات لم تكن مجرد بنود مالية طارئة، بل أدت إلى تغييرات هيكلية طويلة الأمد في الاقتصاد الأميركي والعالمي.

مع توقف النشاط الاقتصادي لساعات وأيام، أغلق “وول ستريت” أبوابه لأول مرة منذ عقود، وعندما أعادت الأسواق فتح أبوابها، كانت الخسائر فادحة، خاصة في قطاعات مثل الطيران والتأمين، التي شهدت نزيفًا فوريًا استمر سنوات لاحقة.

الطيران أول المصابين.. والتعافي لم يكن سهلًا

تلقى قطاع الطيران أقسى الضربات، فخلال أسابيع فقط، انخفض الطلب لأكثر من 30%، واستمرت النسبة في الانخفاض على المدى الطويل بنحو 7.4% مقارنة بمستويات ما قبل الهجمات. 

شركات طيران عملاقة أعلنت إفلاسها، وآلاف الوظائف اختفت، وتغيرت قواعد اللعبة بالكامل بظهور إدارة أمن النقل (TSA) وتكثيف الإجراءات الأمنية في كل مطار حول العالم، لكن التأثير لم يقتصر على المطارات، فقد تغير سلوك المسافرين أنفسهم، وظهرت أنماط جديدة للسفر أقل اعتمادًا على الرحلات الجوية، وأكثر حساسية لمخاطر الأمن.

الطيران الأمريكي

انهيار حاد لقطاع السياح 

في قلب نيويورك، وتحديدًا حول موقع "جراوند زيرو"، كانت الآثار المباشرة أكثر إيلامًا، آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة توقفت عن العمل، بينما انهارت السياحة، والمطاعم والمتاحف والفنادق شهدت تراجعًا حادًا في الحجوزات، حتى بعد مرور سنوات، ظل التعافي هشًا، يتأرجح مع كل توتر أمني أو إنذار محتمل.

خسائر بالمليارات .. شركات التأمين أمام واحدة من أكبر الكوارث في التاريخ 

وجدت شركات التأمين نفسها أمام واحدة من أكبر الكوارث في التاريخ من حيث الكلفة، عشرات المليارات ذهبت لتعويض الأضرار، ما أدى إلى إعادة هيكلة نماذج التسعير وزيادة أقساط التأمين على المخاطر الكارثية. كذلك ظهرت تغييرات جوهرية في قطاع إعادة التأمين، دفعت نحو تركيز أكبر على تقييم المخاطر الأمنية والسياسية.

سوق العمل.. تراجع هنا وازدهار هناك

وفقد نحو 600 ألف وظيفة مباشرة خلال الأشهر الأولى بعد الهجمات الإرهابية، إذ شهد سوق العمل الأمريكي تحولات واضحة، وكانت نيويورك تحديدًا في عين العاصفة، حيث تضررت قطاعات مثل الضيافة والثقافة والخدمات المالية بشكل كبير، وفي المقابل، ظهرت فرص عمل جديدة في مجالات الأمن والاستخبارات وإعادة الإعمار.

وبرز الطلب على مهارات جديدة تتعلق بالتحليل الأمني، واللوجستيات، والتقنيات المرتبطة بمكافحة الإرهاب.

الطاقة والنفط

الطاقة والنفط.. توترات تنعكس على الأسعار

على رغم أن أسعار النفط لم تتأثر فوريًا، فإن ما تلا الهجمات من حروب وتدخلات عسكرية أدّى إلى تقلبات كبيرة في أسعار الطاقة، إذ ارتفعت تكلفة تأمين الشحن، إلى جانب تزايدت مخاوف المستثمرين من انكشاف الأسواق على التوترات الجيوسياسية، خصوصًا في مناطق مثل الخليج العربي.

عشرات المليارات من الدولارات لإعادة الإعمار 

وفي محيط مركز التجارة العالمي، استغرقت عمليات التنظيف والهدم وإعادة الإعمار سنوات، وكلفت عشرات المليارات من الدولارات، لكن المثير أن الشركات بدأت بعد ذلك في إعادة التفكير في توزيع مواقعها الجغرافية، مبتعدة عن المراكز المالية الكبرى لصالح نماذج أكثر لامركزية، خوفًا من تهديدات مستقبلية محتملة.

سياسات مالية جديدة.. وديون ضخمة

ردًا على الأزمة، خفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة إلى مستويات قياسية، وضخ مليارات الدولارات في السوق لمنع الانهيار، وعلى رغم نجاح هذه الخطوات في احتواء الكارثة، فإنها خلفت عجزًا متراكمًا في الميزانية العامة، لا تزال تبعاته مستمرة حتى اليوم.

وأسهمت الأزمة في ولادة وزارة الأمن الداخلي، ورفعت موازنات الدفاع والاستخبارات بشكل غير مسبوق، لتتحول الولايات المتحدة من دولة ذات أولويات اقتصادية مرنة إلى دولة مهووسة بالأمن والسيطرة على التهديدات.

انهيار سلاسل الإمداد

تحولات سلوكية.. من السفر إلى سلاسل الإمداد

خارج الأرقام، كان هناك تحول سلوكي عميق، حيث باتت الشركات أكثر حذرًا في توزيع سلاسل الإمداد الخاصة بها، وأصبحت أكثر اهتمامًا بالمرونة وتقليل الاعتماد على النقاط الحرجة. أما الأفراد، فقد تغيرت عاداتهم الاستهلاكية، وازداد تركيزهم على الأمان والاحتراز.

ماذا بعد؟ توصيات لمواجهة صدمات المستقبل

بعد 24 عامًا على الهجمات، بات واضحًا أن الصدمة كانت لحظة تأسيسية في الاقتصاد العالمي الحديث، وبحسب خبراء اقتصاد، فإن الطريق إلى حماية الاقتصاد من صدمات مماثلة يمر عبر:

  • إنشاء صناديق طوارئ مرنة.
  • تعزيز سلاسل الإمداد المحلية والدولية.
  • تنظيم العلاقة بين الأمن والعائد الاقتصادي.
  • دعم الشركات الصغيرة في مواجهة الكوارث.
  • الاستثمار في البنية الرقمية والعمل عن بعد.
الاقتصاد الأمريكي

من الحطام خرج اقتصاد جديد.. أكثر حذرًا وأقل اندفاعًا

هجمات 11 سبتمبر لم تغير فقط شكل السماء في نيويورك، بل أعادت رسم صورة الاقتصاد العالمي، من الطيران إلى التأمين، ومن الوظائف إلى الأسواق، ومن سلوك الأفراد إلى بنية الدولة.. كل شيء تأثر.

وفيما لا تزال بعض الجروح مفتوحة حتى اليوم، فإن الدروس التي قدمتها تلك اللحظة تبقى جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الاقتصاد السياسي الحديث. 

اقرأ أيضًا:

الإغلاق الحكومي يشل واشنطن، الأسواق في حالة ترقب والاقتصاد الأمريكي على حافة الجمود

«أنتم مدينون لي»، ترامب ينصب نفسه المنقذ لـ«تيك توك»، ما القصة؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search