الإغلاق الحكومي يشل واشنطن، الأسواق في حالة ترقب والاقتصاد الأمريكي على حافة الجمود
السبت، 04 أكتوبر 2025 11:13 ص

الإغلاق الحكومي الأمريكي
استيقظ الأمريكيون خلال الأيام القليلة الماضية، على أخبار دخول الحكومة الفيدرالية في حالة شلل رسمي، وحينها بدأت التساؤلات تتصاعد حول مدى تأثير هذا الإغلاق، ليس فقط على الموظفين الفيدراليين، بل على الاقتصاد ككل، والأسواق المالية التي لطالما لعبت على خيط دقيق بين السياسة والنمو.

في ساعات الفجر الأولى من الأربعاء الماضي، دخلت الولايات المتحدة أول إغلاق حكومي رسمي منذ 7 سنوات، بعد فشل الكونجرس في تمرير قانون تمويل مؤقت، مما أدى إلى توقف العمل في عدد من الوكالات الفيدرالية، ودفع مئات آلاف الموظفين إلى إجازات قسرية دون أجور.
وفيما يختلف هذا الإغلاق عن سابقيه من حيث توقيته وتوسع نطاقه السياسي والاقتصادي، إلا أن ما يشغل بال المستثمرين الآن هو: كيف سينعكس ذلك على الأسواق الأمريكية والعالمية؟
ما هو الإغلاق الحكومي؟ ولماذا يحدث؟
يحدث الإغلاق عندما يعجز الكونجرس عن تمرير قوانين التمويل السنوية التي تغذي مؤسسات الحكومة الفيدرالية، أو عندما يفشل في تمرير قرار الاستمرار الذي يمدد التمويل مؤقتًا.
وبحسب قانون "مكافحة العجز" Antideficiency Act، يمنع على الوكالات الفيدرالية إنفاق الأموال دون تفويض تشريعي، ما يؤدي إلى إغلاق فعلي لعدد كبير من العمليات الحكومية.
هذا النوع من الإغلاق ليس نادرًا في التاريخ الأمريكي، لكنه يعد هذه المرة الأوسع منذ الإغلاق القياسي عام 2018–2019، والجديد هذه المرة أن الإغلاق بدأ مع أول أيام السنة المالية، وفي ظل ظروف اقتصادية أقل استقرارًا مما كانت عليه قبل سنوات.

الأسواق في وضع ترقب.. لا انهيار، لكن مخاطر كامنة
رغم عدم حدوث انهيار لحظي في الأسواق مع إعلان الإغلاق، إلا أن حالة الترقب الشديدة وعدم اليقين بدأت تلقي بظلالها، الأسواق كانت تتوقع هذا السيناريو، لذا لم يكن رد الفعل الأولي عنيفًا، لكن استمرار الإغلاق لأسابيع قد يؤدي إلى تآكل الثقة في الاقتصاد الأمريكي، بل واهتزاز شهية المستثمرين للأصول الأمريكية.
يقول "جيمس نايتلي"، كبير الاقتصاديين الدوليين في ING: "الإغلاق الحكومي لا يضرب فقط الموظفين، بل يقطع سلاسل البيانات الاقتصادية، ويزيد من الضبابية أمام صانعي القرار والمستثمرين على السواء".
البيانات الاقتصادية التي يعتمد عليها الاحتياطي الفيدرالي لتحديد مسار أسعار الفائدة قد تتوقف عن الصدور أو تتأخر، خصوصًا تقارير الوظائف والتضخم والنمو.
ومع عدم وضوح الصورة، تصبح قرارات الفائدة رهانات غير مدروسة، ما يدفع الأسواق نحو تقلبات حادة.
اقرأ أيضًا:
«وول ستريت» تغلق مرتفعة مع تجاهل المستثمرين بيانات الوظائف والإغلاق الحكومي
التأثير على الاقتصاد الحقيقي.. من الجيوب إلى النمو
يتجاوز التأثير الاقتصادي مجرد البيانات والأسواق، فالإغلاق يعني فعليًا تجميد جزء من الاقتصاد الأمريكي، بدءًا من موظفي الحكومة الذين يفقدون رواتبهم مؤقتًا، إلى تعطيل خدمات عامة أساسية مثل إصدار جوازات السفر، وعمليات التفتيش الغذائي، وحتى بعض أنشطة البحث العلمي والطبي.
ويحذر الاقتصاديون من أن استمرار الإغلاق أكثر من أسبوعين قد يخصم ما يصل إلى 0.3 – 0.5 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الحالي، بحسب تقديرات بنك جولدمان ساكس.
كما أن ثقة المستهلك بدأت بالفعل في التآكل، إذ تراجع مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك في سبتمبر إلى أدنى مستوياته في خمسة أشهر، وقد يؤدي التدهور في الثقة إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي، وهو المحرك الأكبر للاقتصاد الأمريكي.

سوق العمل يترنح.. والإغلاق يضغط أكثر
يأتي الإغلاق في وقت حساس لسوق العمل الأمريكي، الذي يظهر تباطؤًا تدريجيًا منذ منتصف 2024، وأظهرت بيانات وزارة العمل مؤخرًا أن معدل التوظيف تراجع إلى 3.2% وهو الأدنى منذ يونيو 2024 مع ارتفاع عدد العاطلين عن العمل.
الإغلاق يهدد بتفاقم هذا الوضع، خصوصًا إذا تأخرت التقارير الشهرية أو تعطلت عمليات التوظيف الحكومي، كما أن توقف العقود الفيدرالية يؤثر على الشركات الخاصة المرتبطة بها، ويخلق أثرًا مضاعفًا عبر القطاعات.
السياسة والاقتصاد.. مزيج منفجر
اللافت أن هذا الإغلاق يحمل صبغة سياسية صدامية واضحة، فالرئيس دونالد ترامب يقود الجناح المتشدد داخل الحزب الجمهوري، متمسكًا بقضايا شائكة مثل تمويل الرعاية الصحية وإعادة هيكلة بيروقراطية الدولة، بينما يرفض الديمقراطيون تمرير أي مشروع لا يلبي مطالبهم الاجتماعية.
هذا الصراع جعل من تمويل الحكومة رهينة لجدل أيديولوجي عميق، يدفع ثمنه الاقتصاد والناس معًا.
اقرأ أيضًا:
صعود جماعي لمؤشرات الأسهم الأمريكية بعد أول إغلاق حكومي منذ 7 سنوات
ماذا بعد؟ 3 سيناريوهات محتملة
بحسب مراقبين في واشنطن وول ستريت، هناك 3 مسارات محتملة لما سيأتي:
1. حل سريع خلال أسبوعين: تمرير قرار تمويلي مؤقت، كما حدث مرات عديدة في الماضي، هذا السيناريو سيكون الأقل تأثيرًا على الأسواق.
2. إغلاق طويل يمتد لشهر أو أكثر: وهذا قد يؤدي إلى اهتزاز ثقة المستثمرين، وتراجع حاد في البورصات، وتأجيلات كبيرة في البيانات، وضرر بالغ في النمو.
3. انفجار سياسي: إذا أصر ترامب والتيار المتشدد على مواقفه، فقد نكون أمام معركة ممتدة تشبه أزمة سقف الدين، مع خطر تعرض التصنيف الائتماني الأمريكي لضغوط جديدة.

الأسواق تراقب.. لكن لا تنتظر كثيرًا
الإغلاق الحكومي الأمريكي ليس حدثًا عابرًا، إنه اختبار للثقة ثقة المستثمر في قدرة النظام السياسي الأمريكي على العمل، وثقة المستهلك في الاستقرار الاقتصادي، وثقة الأسواق في شفافية البيانات.
كلما طال أمد الإغلاق، زادت الكلفة، وقد لا نرى الأثر الكامل اليوم أو غدًا، لكن ما لم يتوصل الساسة إلى تسوية، فإن الاقتصاد الأمريكي قد يجد نفسه يدفع فاتورة سياسية باهظة، في وقت لا يتحمل فيه العالم مزيدًا من الاضطرابات.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
تقرير عالمي يؤكد ضرورة النظر إلى الموارد المائية كعامل حيوي في دفع عجلة الاقتصاد
02 أكتوبر 2025 01:57 م
كيف يمكن لمستثمر صغير أن يقلب سوق الأسهم ويعرض مؤسسات كبرى لخسائر فادحة؟
01 أكتوبر 2025 08:55 م
ماذا يعنى نمو الأنشطة غير النفطية للسعودية 55.6%؟ المملكة تتجه لتغيير شكل اقتصادها
02 أكتوبر 2025 12:22 ص
أكثر الكلمات انتشاراً