عودة ترامب بقواعده، زلزال جديد يهدد النظام الاقتصادي العالمي
السبت، 04 أكتوبر 2025 08:30 م

دونالد ترامب
في الوقت الذي كان فيه العالم يتهيأ لالتقاط أنفاسه بعد سنوات من الأزمات المتلاحقة، من الجائحة إلى التضخم والحروب التجارية، جاءت عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي الأمريكي لتثير من جديد تساؤلات عميقة.

هل نحن بصدد نهاية الليبرالية الاقتصادية العالمية؟ هل يمكن للنظام الاقتصادي العالمي أن يتحمل أربع سنوات أخرى من السياسات الشعبوية المتقلبة؟ الإجابة ليست مطمئنة.
ترامب في الحكم.. قواعد جديدة للعبة
في ولايته الأولى (2017-2021)، لم يكن دونالد ترامب مجرد رئيس يتبنى أفكارًا قومية داخلية، بل كان أيضًا رمزًا لما يمكن أن نسميه "الانعزالية الاقتصادية العدوانية".
أطلق حروبًا تجارية مع الصين، وأعاد التفاوض على اتفاقيات كبرى مثل نافتا، وانتقد منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي، متهمًا إياهما بخدمة مصالح النخب العالمية على حساب العمال الأمريكيين.
الآن، مع عودته المرتقبة، يخطط ترامب لما هو أكثر جذرية:
فرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات تقريبًا، وإعادة صياغة العلاقات الاقتصادية مع الحلفاء الأوروبيين والآسيويين بمنطق “ادفعوا مقابل الحماية”.
تشجيع سياسة “الاستقلال الاقتصادي التام” من خلال نقل سلاسل التوريد إلى الداخل الأمريكي، واستخدام الدولار كسلاح تفاوضي، والضغط على الاحتياطي الفيدرالي لضبط السياسة النقدية بما يخدم الأهداف السياسية لا الاقتصادية
النتيجة.. اهتزاز أركان النظام العالمي
لأكثر من 70 عامًا، كان الاقتصاد العالمي يدور في فلك منظومة تقودها الولايات المتحدة، تقوم على حرية التجارة، واستقرار الدولار، ودور المؤسسات الدولية في تنظيم التدفقات المالية وحل الأزمات.
لكن وفق رؤية ترامب، فإن هذه المنظومة تكبل الاقتصاد الأمريكي ولا تخدم مصالحه.
وهكذا، يتحدث عدد من الخبراء، مثل الاقتصادي الأمريكي “آدم بوسن” عن تحول جذري في دور واشنطن، ولم تعد "الراعي العالمي للنظام"، بل أصبحت "تتاجر بأمن شركائها" وتفرض عليهم شروطًا اقتصادية مجحفة.
بوسن يشبه الوضع الجديد بـ"العلاقات التي تقوم على الابتزاز لا على التحالفات المستقرة".
اقرأ أيضًا:
كيف يواصل الاقتصاد الأمريكي العزف رغم العواصف؟(فيديو)
الدولار في مهب الريح
الدولار، الذي ظل لعقود هو العملة العالمية بلا منازع، مهدد اليوم بفقدان مكانته كملاذ آمن، فالسياسات الترامبية لا تتردد في استخدام الدولار كأداة ضغط، ما أثار قلق البنوك المركزية حول العالم.
الدول بدأت في تقليل اعتمادها على الدولار في التجارة والاحتياطي، وبرز اتجاه واضح نحو تنويع العملات.
الصين، على سبيل المثال، تعزز استخدام اليوان في التبادل التجاري مع آسيا وإفريقيا، روسيا والهند تسعيان لاتفاقيات تجارية بعملاتهما المحلية، حتى دول مثل البرازيل وجنوب إفريقيا بدأت تنضم لهذا التوجه.
ورغم أن الدولار ما زال يهيمن بنسبة تفوق 58% على احتياطيات البنوك المركزية العالمية، إلا أن هذه النسبة في انخفاض مستمر منذ 20 عامًا، وتسارع التراجع في أعقاب العقوبات الأمريكية التي طالت عدة دول بعد استخدام الدولار كسلاح سياسي.
الأسواق الناشئة.. بين المطرقة والسندان
بالنسبة للدول النامية، فإن عودة ترامب تمثل خطرًا مضاعفًا، من جهة، ارتفاع الرسوم الجمركية والتقلبات في سعر الدولار ترفع كلفة الاستيراد وتزيد أعباء الديون المقومة بالعملة الأمريكية.
ومن جهة أخرى، الانكفاء الأمريكي عن المؤسسات الدولية يعني أن أدوات الإنقاذ التقليدية، مثل تمويلات صندوق النقد، قد تصبح أكثر تعقيدًا أو مشروطة بشروط سياسية صارمة.
بل إن هناك خشية حقيقية من أن تندلع أزمة ديون عالمية جديدة، مشابهة لما حدث في الثمانينيات، حين ارتفعت أسعار الفائدة الأمريكية فجأة، ما دفع دولًا كثيرة إلى الإفلاس.
اقرأ أيضًا:
ترامب: أستحق جائزة نوبل للسلام ولا نريد استخدام القوة النووية
العالم يعيد رسم خرائطه الاقتصادية
إزاء هذه التحولات، بدأت كثير من الدول تفكر في بناء بدائل متعددة:
- تحالفات اقتصادية إقليمية خارج المظلة الأمريكية، مثل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) في آسيا
- أنظمة دفع بديلة تعتمد على العملات المحلية أو العملات الرقمية
- محاولات لإصلاح النظام المالي الدولي من خلال تقليل هيمنة الدولار على تسعير السلع والمعاملات التجارية
وفي الوقت الذي تستعد فيه دول أوروبية وآسيوية لتقلبات عودة ترامب، تعاني بعض الاقتصادات النامية من غياب أدوات الدفاع.
فالخطر ليس فقط في السياسات الترامبية، بل في عدم القدرة على التنبؤ التي صارت السمة الأساسية لعلاقات الاقتصاد العالمي.

مستقبل غامض ونظام يتغير
ترامب ليس مجرد رئيس يحمل وجهات نظر اقتصادية متشددة، بل يمثل تيارًا جديدًا يرى أن مصلحة أمريكا تقتضي تفكيك النظام الاقتصادي الذي بنته منذ الحرب العالمية الثانية.
هذا التيار لا يؤمن بالعولمة، ولا بالتعاون الدولي، بل بالصفقات الثنائية، و"أمريكا أولًا" بأي ثمن.
في المقابل، تتغير موازين القوى، تبرز الصين والهند والبرازيل وروسيا كأقطاب بديلة، ولم يعد الاقتصاد العالمي ساحة مفتوحة، بل ساحة صراع محتدم بين نماذج متباينة.
هل يصمد النظام المالي الدولي أمام هذه العواصف؟ هل يتراجع دور الدولار؟ وهل تستطيع الدول النامية أن تتكيف مع نظام جديد لا تملك فيه وزنًا كافيًا؟
أسئلة تفرض نفسها بقوة، ولكن إجابتها قد ترسم ملامح الاقتصاد العالمي لعقود قادمة.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
تقرير عالمي يؤكد ضرورة النظر إلى الموارد المائية كعامل حيوي في دفع عجلة الاقتصاد
02 أكتوبر 2025 01:57 م
كيف يمكن لمستثمر صغير أن يقلب سوق الأسهم ويعرض مؤسسات كبرى لخسائر فادحة؟
01 أكتوبر 2025 08:55 م
ماذا يعنى نمو الأنشطة غير النفطية للسعودية 55.6%؟ المملكة تتجه لتغيير شكل اقتصادها
02 أكتوبر 2025 12:22 ص
أكثر الكلمات انتشاراً