الجمعة، 26 سبتمبر 2025

12:13 م

تكنولوجيا في خدمة السلطة، عندما يتقاطع وادي السيليكون مع طموحات ترامب

الجمعة، 26 سبتمبر 2025 10:35 ص

وادي السيليكون وطموحات ترامب

وادي السيليكون وطموحات ترامب

في وقت تزداد فيه هيمنة التكنولوجيا على كل مفاصل الحياة، تحولت العلاقة بين رواد وادي السيليكون المحافظين والبيت الأبيض إلى ما يشبه تحالفًا استراتيجيًا، تتداخل فيه المصالح الاقتصادية بأجندات سياسية، في مشهد يعيد إلى الأذهان مقولة "من يملك المعلومة، يملك السلطة".

لكن هذه العلاقة، التي تتخذ شكل صفقات ضخمة وتبرعات سياسية وعلاقات شخصية، لم تعد مجرد تحالف نفعي عابر، بل باتت تثير تساؤلات جدية عن مستقبل الديمقراطية، وسيادة القانون، والتوازنات بين السلطة والمال.

وادي السيليكون

استثمارات بـ31 مليار جنيه إسترليني.. صفقة أم نفوذ؟

عندما يرافق كبار التنفيذيين في شركات الذكاء الاصطناعي ترامب إلى مأدبة رسمية في قصر وندسور، محملين بوعود استثمارية بمليارات الجنيهات.

لا تبدو المسألة مجرد زيارة رسمية، فاتفاق الازدهار التكنولوجي، الذي يشمل مشاريع في الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، والطاقة النووية، قد يكون في ظاهره إنجازًا اقتصاديًا، لكن في عمقه، يحمل أبعادًا سياسية واقتصادية مركبة.

الصفقات الموعودة مثل إنشاء مراكز بيانات عملاقة ليست استثمارات فورية، بل التزامات طويلة الأمد، تجعل من الحكومات المتلقية، كحكومة بريطانيا مثلاً، رهينة للمزاج السياسي الأمريكي، لا سيما مع رئاسة ترامب التي تتصف بعدم الاستقرار والعلاقات المتقلبة.

فتات من كعكة عملاقة.. تحذير من الداخل

يشير نيك كليج، النائب البريطاني السابق ونائب رئيس ميتا السابق، في مقال له، إلى أن هذه الصفقات، رغم ضخامتها الظاهرة، لا تمثل سوى الفتات من ثروة وادي السيليكون. 

ما يعني أن رجال التكنولوجيا لا يخسرون شيئًا تقريبًا مقابل ما يكسبونه، النفوذ، والوصول إلى صناع القرار، والتأثير في بيئات تنظيمية مرنة أو متراخية.

من زاوية اقتصادية، تعني هذه التحركات أن الشركات التكنولوجية العملاقة تمارس نوعًا من الدبلوماسية الاستثمارية، مستخدمة أدوات السوق الحرة للضغط على الدول وتوجيه سياساتها، دون الحاجة إلى لوبيات تقليدية أو علاقات رسمية.

اقرأ أيضًا:

وادي السيليكون يضع كل رهاناته في سلة واحدة، هل تنفجر فقاعة الذكاء الاصطناعي؟

أيديولوجيا السوق والتقنية.. لا مكان للإنسان

إن ما يسمى بـ"الحلولية" أو Solutionism، هي نزعة تؤمن بأن لكل مشكلة تقنية قابلة للحل إذا توفرت الخوارزمية المناسبة. 

هذه الرؤية التي يتبناها عدد من رواد التكنولوجيا الكبار، تتجاهل الطبيعة المعقدة للبشر والمجتمعات، وتتعامل مع الأفراد كبيانات، ومع السياسة ككود برمجي.

هذا المنظور ينزع الطابع الاجتماعي والإنساني عن الاقتصاد، ويحوله إلى ساحة تجريبية لنماذج رياضية ومنصات ذكاء اصطناعي، من دون اعتبار للعوامل الثقافية، التاريخية، أو حتى النفسية.

منصات الذكاء الاصطناعي

مخاطر مركزية المعلومات والذكاء الاصطناعي

من أخطر ما يطرحه المقال هو الهيمنة غير المعلنة على تدفق المعلومات، وهيمنتهم على المنصات، وتوجيههم للرأي العام عبر الخوارزميات، هذا يمنحهم قدرة تفوق ما امتلكه الإعلام التقليدي، إذ يمكنهم الآن:

  • توجيه النقاشات العامة.
  • تصفية المعلومات حسب التوجه الأيديولوجي.
  • إنتاج محتوى مزيف مقنع بالذكاء الاصطناعي.
  • عزل المستخدمين داخل فقاعات رأي تؤدي إلى التطرف والانغلاق.

هذا الوضع يعني أن السوق لم يعد حرًا بالمعنى الكلاسيكي، فالخيارات التي يتلقاها المستهلك أو الناخب لم تعد مستقلة، بل خاضعة لآليات رقمية تتحكم بها أقلية نخبوية.

قادة التقنية.. مستثمرون أم صناع قرار؟

الشخصيات مثل من بيتر ثيل إلى ماسك وآلتمان، لا تكتفي بإدارة شركات ناجحة، بل بدأت تلعب أدوارًا سياسية شبه مباشرة، بعضهم يمول جماعات يمينية متطرفة، وآخرون يظهرون في تجمعات تطالب بحل البرلمان أو إعادة هندسة الدولة.

هذا التطور ينذر بخطر تحول النخبة الاقتصادية إلى طبقة حاكمة غير منتخبة، تحت ستار الكفاءة والابتكار، ما قد يقود إلى نماذج من التكنوقراطية الاستبدادية، حيث تدار الدول كما تدار الشركات.

اقرأ أيضًا:

الخوارزميات تقود السوق، صراع العقول بين وادي السيليكون والتنين الصيني

هل الديمقراطية بخطر؟

من وجهة نظر اقتصادية سياسية، يشكل هذا التحالف بين وادي السيليكون واليمين الشعبوي الأمريكي قنبلة موقوتة تهدد التوازنات التقليدية بين رأس المال والسلطة. 

فحين تصبح التكنولوجيا وسيلة لتوجيه الرأي العام، والتأثير في السياسات العامة، وحماية الامتيازات الضريبية والتنظيمية، تكون النتيجة:

  • ضعف الرقابة الحكومية.
  • تآكل الصحافة الحرة.
  • زيادة الفجوة بين النخب والمجتمع.
  • تسليع السياسة وتحويلها إلى منتج رقمي قابل للتعديل.
قادة التقنية

ما بعد الصفقة التكنولوجية؟

الهدية التي قدمها وادي السيليكون لترامب ليست مجرد استثمار بـ31 مليار جنيه، بل هي محاولة لترسيخ نموذج جديد من الحكم، تهيمن فيه شركات التكنولوجيا على الاقتصاد والمعلومات والسياسة معًا.

السؤال الحقيقي لم يعد، هل التكنولوجيا تهدد الديمقراطية؟، بل، هل ما زالت لدينا أدوات اقتصادية وتنظيمية لمحاسبة هذا النفوذ قبل أن يصبح بلا حدود؟.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search