الخميس، 18 سبتمبر 2025

07:01 م

ترامب يُثير الجدل مجددًا، الإفصاحات الفصلية بين الشفافية وضغوط وول ستريت

الخميس، 18 سبتمبر 2025 05:31 م

وول ستريت

وول ستريت

في خطوة أعادت فتح واحد من أقدم نقاشات وول ستريت، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددًا إلى إلغاء إلزامية التقارير المالية الفصلية للشركات الأمريكية، واقترح استبدالها بالتقارير نصف السنوية. 

منصة ترامب تروث سوشيال TRUTH Social

وجاءت هذه الدعوة عبر منشور له على منصة تروث سوشيال TRUTH Social، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة من شأنها توفير المال وتحرير المديرين التنفيذيين من ضغوط الإفصاحات المتكررة.

لكن ما يبدو في ظاهره مقترحًا تقنيًا يتجاوز مجرد توقيت النشر، يضرب في عمق العلاقة بين الأسواق والمستثمرين، ويطرح تساؤلات حول التوازن الدقيق بين الشفافية، ومناخ الاستثمار طويل الأمد في أكبر سوق مالية في العالم.

 

ما بين الشفافية والتخطيط طويل الأمد

طرح ترامب ليس بجديد، فقد سبق أن طالب خلال ولايته الرئاسية الأولى عام 2018 هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) بدراسة تقليل وتيرة الإفصاحات، وهو اقتراح قوبل آنذاك بكثير من التحفظ.

مؤيدو المقترح يرون فيه تحريرًا للشركات من ثقافة الأرقام الفصلية، التي تجبر الإدارات التنفيذية على اتخاذ قرارات سريعة ترضي الأسواق، حتى لو كانت على حساب الاستثمار في الابتكار أو النمو طويل الأمد.

ويشير هؤلاء إلى أن نموذج الإفصاح نصف السنوي مطبق بالفعل في أسواق مثل الاتحاد الأوروبي وسنغافورة، بل وينسجم مع رؤية الشركات الصينية التي تخطط لعقود وليس لأرباع مالية.

إجبار الشركات على تقديم تقارير مالية ربع سنوية يجعل المديرين يركزون بشكل مبالغ فيه على تحقيق أرقام مرضية للمدى القصير، مما قد يؤثر سلبًا على قرارات استراتيجية مهمة، مثل البحث والتطوير أو التوسع المدروس.

يشكل إعداد تقارير كل ثلاثة أشهر عبئًا محاسبيًا وتنظيميًا ثقيلًا، خاصة على الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي غالبًا ما تفتقر للموارد البشرية والتقنية اللازمة لمواكبة وتيرة الإفصاح العالية.

وول ستريت

فجوة معلوماتية تهدد صغار المستثمرين

لكن على الجهة الأخرى من الطرح، يبرز تحذير قوي من أن تقليل وتيرة الإفصاحات قد يقوض أحد أسس الأسواق المالية الحديثة.. الشفافية.

رئيس قسم الأسواق في شركة Cedra Markets، جو يرق، يؤكد أن الإفصاح الفصلي يمنح المستثمرين وضوحًا مستمرًا حول أداء الشركات، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل التقلبات العالمية، من أسعار الفائدة إلى الحروب التجارية.

ويرى أن التقارير الفصلية، إلى جانب مكالمات الأرباح التي تعقدها الشركات، تمثل فرصة لا تقدر بثمن للمستثمرين والمحللين لاستجواب الإدارات التنفيذية، ومراقبة أية إشارات سلبية أو تحولات في الأداء.

ويخشى من أن يؤدي تقليل الإفصاحات إلى خلق فجوة معلوماتية بين المستثمرين الأفراد والمؤسسات المالية الكبرى، التي تملك أدواتها المستقلة لجمع المعلومات وتحليلها. 

الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى زيادة المضاربات، ويفتح الباب أمام الشائعات، ويقوض من عدالة السوق.

اقرأ أيضًا:

من وول ستريت إلى وادي السيليكون، كيف أعادت قائمة فوربس الجديدة رسم خريطة المليارديرات 2025؟

 

هل يكون التغيير بقرار رئاسي؟

من الناحية القانونية، يشير خبراء الحوكمة إلى أن تطبيق المقترح قد لا يتطلب تعديلًا تشريعيًا من الكونجرس، بل يمكن أن يتم عبر تغيير توجيهات هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، إذا ما تولت قيادتها شخصيات تعين من قبل ترامب في حال فوزه برئاسة جديدة.

لكن في المقابل، فإن مثل هذا التغيير رغم بساطة إطاره القانوني يحمل تبعات ضخمة على طريقة عمل الأسواق، ويحتاج إلى توافق واسع من الجهات التنظيمية والمستثمرين والمؤسسات المالية الكبرى.

البورصة الأمريكية

بين أوروبا والصين.. نماذج مختلفة

من اللافت أن مقترح ترامب استند في جزء منه إلى مقارنة بين الولايات المتحدة والنموذج الصيني، بقوله:" هل سمعتم يومًا العبارة القائلة بأن الصين لديها رؤية لإدارة الشركات تمتد من 50 إلى 100 عام، بينما ندير شركاتنا على أساس ربع سنوي؟ هذا ليس جيدًا".

وفيما يرى البعض في التجربة الأوروبية نموذجًا ناجحًا لتقليل وتيرة الإفصاحات، يحذر آخرون من استنساخ تجارب دون مراعاة السياقات. 

يقول باري بانيستر، كبير استراتيجيي الأسهم في بنك ستيفل: "تقدم الشركات الأوروبية تقاريرها نصف السنوية، ولا أعلم لماذا يرغب الرئيس ترامب في محاكاة أوروبا".

اقرأ أيضًا:

هبوط "ناسداك" في ختام تعاملات الأربعاء بعد خفض أسعار الفائدة

معركة بين عقليتين

الجدل الذي فتحه ترامب يختصر في جوهره معركة بين عقليتين:

عقلية السوق التي ترى في الإفصاحات الفصلية ضرورة لحماية المستثمرين وتعزيز الثقة والشفافية، وعقلية الإدارة التي تطالب بمساحة أكبر للتخطيط الاستراتيجي بعيدًا عن ضغوط الأرقام والمؤشرات قصيرة الأجل.

ومع عودة ترامب إلى الواجهة السياسية، واحتمالية فوزه بولاية ثانية، فإن هذا الجدل لن يبقى حبيس التصريحات، بل قد يتحول إلى سياسات تعيد رسم قواعد الإفصاح المالي في وول ستريت.

فهل تتحول الدعوة إلى سياسة؟ أم يظل الإفصاح الفصلي حجر الأساس في سوق يؤمن بأن المعلومة قوة؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم

Short Url

search