لأول مرة في عهد ترامب.. تأثير قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة على الأسواق العالمية
الخميس، 18 سبتمبر 2025 01:01 ص

الفيدرالي الأمريكي
في خطوة طال انتظارها، خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ولأول مرة منذ تولي الرئيس دونالد ترامب الحكم، أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لينتقل بذلك سعر الفائدة المرجعي إلى نطاق جديد بين 4% و4.25%.
القرار، الذي جاء متماشيًا مع توقعات الأسواق، يمثل تحولاً واضحًا في سياسة البنك المركزي الأمريكي بعد خمسة اجتماعات متتالية تم فيها الإبقاء على المعدلات دون تغيير، وسط تصاعد التحديات في سوق العمل وعودة مؤشرات التضخم للارتفاع.

تحول في نغمة السياسة النقدية
قدم البيان الرسمي الصادر عن لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) إشارات صريحة حول تزايد المخاطر السلبية على الاقتصاد الأمريكي، لا سيما في ما يتعلق بالتوظيف والنشاط الاقتصادي.
وفي لهجة أكثر تشاؤمًا مما عهد في الشهور الماضية، أقر الفيدرالي بأن مكاسب الوظائف قد تباطأت، وأن معدل البطالة ارتفع قليلاً، لكنه لا يزال منخفضًا، فيما أشار إلى استمرار ارتفاع التضخم عند مستويات مرتفعة إلى حد ما.
بدا رئيس الفيدرالي، جيروم باول، أكثر حذرًا خلال المؤتمر الصحفي، قائلاً إن سوق العمل لم تعد بالقوة التي كانت عليها، مؤكدًا أن المخاطر الهبوطية على التوظيف قد ازدادت، وهو ما دفع مسؤولي السياسة النقدية إلى الاقتراب من معدل الفائدة المحايد، في محاولة للمواءمة بين هدفي التوظيف الكامل واستقرار الأسعار.
تأثيرات فورية على الأسواق.. الدولار يتراجع والأسهم ترتفع
رد فعل الأسواق لم يتأخر، مؤشر بلومبرج للدولار الفوري انخفض بنسبة 0.4% مسجلاً أدنى مستوياته منذ مارس 2022، وسط توقعات متزايدة بمزيد من التيسير النقدي خلال الأشهر المقبلة.
في المقابل، ارتفعت معظم العملات الرئيسية أمام الدولار، في حين شهدت مؤشرات الأسهم الأمريكية ارتفاعات ملموسة مدعومة بتوقعات خفضين إضافيين للفائدة قبل نهاية العام الجاري.
وتراجعت عائدات السندات الأمريكية لأجل عامين بدورها إلى ما دون 3.5%، ما يعكس رهانات المستثمرين على استمرار دورة التيسير النقدي، رغم بقاء التضخم عند مستويات مقلقة.
الانقسام داخل الفيدرالي.. صوت معارض لخفض أكبر
اللافت في قرار التصويت هو انقسام داخل اللجنة، حيث صوت العضو الجديد، ستيفن ميران، ضد القرار، مفضلاً خفضًا أعمق بمقدار نصف نقطة مئوية، في دلالة على وجود تباينات حقيقية في تقييم الوضع الاقتصادي داخل أروقة البنك المركزي.
ويشير هذا إلى صعوبة المرحلة المقبلة في إدارة السياسة النقدية في ظل ضغوط سياسية واقتصادية متنامية.

الخليج يتحرك على خطى واشنطن.. تيسير نقدي متزامن
وفي استجابة مباشرة لقرار الفيدرالي، أعلنت عدة بنوك مركزية خليجية، من بينها قطر والسعودية والإمارات والبحرين، خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في تأكيد جديد على قوة الارتباط بين السياسات النقدية في دول الخليج والولايات المتحدة، لا سيما في ظل ربط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي.
وتعد هذه التحركات منسجمة مع التوجه العام لضمان الحفاظ على التنافسية الاقتصادية ودعم النشاط المحلي وسط بيئة عالمية أكثر هشاشة.
اقرأ أيضًا:
قرار أسعار الفائدة الأمريكية يدفع عوائد السندات للقفز بأكثر من 1%
رسائل اقتصادية وسياسية خلف القرار
يأتي قرار الفيدرالي في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي ضغوطًا سياسية متزايدة من إدارة الرئيس ترامب، التي طالما انتقدت سياسة الفائدة المرتفعة، معتبرة إياها عبئًا على الاستثمار والنمو.
إلا أن باول حرص على تأكيد التزام الفيدرالي بالاستقلال التام، رافضًا التعليق على الضغوط السياسية أو على قضايا تتعلق بأعضاء مجلسه.
لكن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، لا شك أن قرار التيسير النقدي سيفسر من جانب البعض على أنه استجابة غير مباشرة للضغوط السياسية، رغم ما حمله البيان من تأكيدات على مراعاة البيانات الاقتصادية الموضوعية فقط.

التوقعات.. خفضان آخران في 2025 وربع نقطة في 2026
أظهر مخطط النقاط الصادر عن الفيدرالي أن أوسط توقعات الأعضاء يشير إلى تخفيضات إضافية بواقع 50 نقطة أساس بنهاية 2025، وخفض جديد بمقدار ربع نقطة في 2026، ما يعكس تحولاً تدريجيًا نحو سياسة أكثر تيسيرًا، وإن بقيت محكومة بمستوى التضخم الذي لا يزال بعيدًا عن المستهدف عند 2%.
في المقابل، أبقى الفيدرالي على توقعاته لتضخم الأسعار الأساسية عند 3.1% بنهاية العام، وهي نفس التقديرات السابقة في يونيو، فيما رفع تقديراته لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.6% في 2025، و1.8% في 2026، ما يعكس تفاؤلاً نسبيًا باستعادة الزخم في المدى المتوسط.
اقرأ أيضًا:
رئيس «الفيدرالي الأمريكي»: نتقبل النقد البناء وتسريح 10% من الموظفين
هل بدأ الفيدرالي فعليًا دورة التيسير؟
رغم أن خفض اليوم يعد الخطوة الأولى فقط، إلا أن له دلالات أعمق تشير إلى بداية دورة تيسير نقدي محتملة، مدفوعة بضعف في سوق العمل واستمرار ارتفاع التضخم خارج السيطرة.
والمفارقة أن الفيدرالي يتخذ هذا المسار في بيئة لا تزال فيها أسعار الفائدة أعلى كثيرًا من مستويات ما قبل جائحة كورونا، ما يحد من مساحة المناورة أمامه.
إن التحديات العالمية، من تباطؤ الصين إلى تشديد السياسة النقدية في أوروبا، تضع الاقتصاد الأمريكي في وضع دقيق، ما يعني أن أي خطأ في التوقيت أو الجرعة قد يفقد الفيدرالي السيطرة على معادلة التوظيف والتضخم.

لحظة فاصلة في السياسة النقدية الأمريكية
يشكل قرار الفيدرالي بخفض الفائدة لحظة فارقة في السياسة النقدية الأمريكية، تأتي في وقت تتداخل فيه العوامل الاقتصادية مع الاعتبارات السياسية.
وبينما ينظر المستثمرون إلى هذه الخطوة كإشارة أولى نحو خفض تدريجي للفائدة، يبقى المسار المستقبلي رهنًا بتطورات سوق العمل، واتجاهات التضخم، واستجابة الاقتصاد الأوسع للتيسير النقدي.
ورغم الارتياح المؤقت في الأسواق، فإن التحدي الأكبر ما زال أمام الفيدرالي، المتمثل في تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي وضبط التضخم، وسط بيئة عالمية متقلبة وتوقعات داخلية غير يقينية.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم
Short Url
مصر تُراهن على السياحة، كيف تُخطط مصر لتحقيق أعلى معدلات الاستثمار؟
16 سبتمبر 2025 09:45 م
المناطق الاقتصادية الخاصة، من الجدران الجمركية إلى المدن الذكية
16 سبتمبر 2025 11:53 ص
أكثر الكلمات انتشاراً