ترامب يطعن آدم سميث في صميم «رأسماليته» ويعلن وفاة نظريته
الخميس، 25 سبتمبر 2025 12:48 ص

ترامب يطعن آدم سميث
منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، شهد العالم تحولات جذرية في السياسة الاقتصادية الأمريكية، لم تتوقف عند حدود الداخل، بل طالت قواعد اللعبة الاقتصادية الدولية، وعلى رأسها مبادئ التجارة الحرة والعولمة، التي لطالما شكلت حجر الزاوية في الرأسمالية الغربية منذ القرن الثامن عشر.

والسؤال المحوري الذي بات يطرح بإلحاح: هل يضع ترامب نهاية لمنظومة اقتصادية أرساها آدم سميث، أم أنه يعيد تشكيلها وفق شروط جديدة تمليها المصالح الأمريكية الخالصة؟
ترامب والرأسمالية.. القطيعة مع آدم سميث
لا خلاف أن آدم سميث، مؤسس النظرية الكلاسيكية للرأسمالية، رأى في التجارة الحرة وتخصص الدول في إنتاج السلع ذات "الميزة النسبية" الطريق الأمثل للازدهار.
وقد أكد في كتابه الشهير "ثروة الأمم" أن الدولة لا يجب أن تنتج محليًا ما يمكن استيراده بأرخص مما يكلفها إنتاجه، لكن ترامب، بعكس هذا المنظور، اعتمد رسومًا جمركية ضخمة ورفع شعار "أمريكا أولاً"، متهمًا العولمة بسرقة الثروة الأمريكية.
هذه القطيعة مع مبدأ الأسواق المفتوحة تعد طعنًا مباشرًا في صميم فلسفة سميث، وتنذر بتحول الرأسمالية من نظام تنافسي ليبرالي إلى رأسمالية حمائية استبدادية، تتحرك وفق إملاءات السلطة السياسية وليس منطق السوق.

هل انتهت العولمة فعلاً؟
إحدى أبرز تداعيات سياسات ترامب هي تفكيك تدريجي للعولمة، عبر حرب تجارية مع الصين، وقيود على سلاسل الإمداد، وخفض الاعتماد على الخارج.
هذا النهج يعبر عن عودة الدولة القومية كفاعل اقتصادي مركزي، بعد عقود من تهميش دورها لصالح السوق العالمي المفتوح.
العولمة التي بدأت بقوة مع اتفاقيات التجارة الحرة (NAFTA، WTO) باتت تتراجع أمام موجة من الحمائية الاقتصادية، مما يعيدنا إلى مناخ ما قبل الحرب العالمية الثانية، حين كانت السياسات القومية تتغلب على المصالح الدولية.
اقرأ أيضًا:
«بريتون وودز» واقتصاد عالمي على أنقاض الركام، كيف فاز الدولار بمعركة لم تطلق فيها رصاصة؟
رأسمالية ترامب.. من السوق إلى السلطة
لا يخفي ترامب إعجابه بالسلطة المركزية ولا يجد حرجًا في استخدام الأدوات الاقتصادية كأذرع سياسية، فالرأسمالية عنده ليست منظومة مؤسساتية تنضبط بـ"اليد الخفية" للأسواق، وإنما مشروع قوة وهيمنة.
يمكن وصف نهجه بأنه رأسمالية الأهرام، حيث تتراكم السلطة والثروة في قمة الهرم، بينما تتراجع فرص المنافسة الحرة.
في هذا السياق، تبرز التناقضات، ترامب يناهض اللوائح التنظيمية (كلاسيكية رأسمالية)، لكنه يفرض تعريفات وقرارات مركزية على الاحتياطي الفيدرالي (استبدادية اقتصادية)، ويضيق على اندماجات الشركات الكبرى رغم تحالفه مع كبار رجال الأعمال.

هل يستفيد الناس أم الأقلية؟
رغم ترويج ترامب لسياساته بوصفها حامية للعمال الأمريكيين، إلا أن النتائج الفعلية تكشف أن المستفيدين الأساسيين هم كبار الصناعيين، والشركات التي استفادت من الحماية الجمركية، أما المواطن العادي، فقد واجه:
- ارتفاع الأسعار نتيجة فرض الرسوم الجمركية.
- تقليص تنوع السلع المستوردة.
- انتقام تجاري من دول أخرى قلص صادرات أمريكا.
ما يحدث هو إعادة هيكلة داخلية تعزز من نفوذ الرأسمالية الاحتكارية (أو الأوليغارشية)، تحت شعار وطني وشعبوي.
اقرأ أيضًا:
نبوءة «كينز» تعود للحياة، هل يمنحنا الذكاء الاصطناعي وقتًا أكثر وعملاً أقل؟
MAGA.. رأسمالية بشروط ترامب
شعار ترامب "اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى" (MAGA) لم يكن فقط رسالة سياسية، بل كان غطاءً لإعادة تشكيل الرأسمالية الأمريكية.
لم يعد الحديث عن اقتصاد تنافسي بقدر ما هو عن اقتصاد سيادي، تحركه نزعة وطنية، وتسنده هياكل من القوة التنفيذية.
وهنا يتقاطع خطاب ترامب مع تيارات يسارية مناهضة للعولمة، في مفارقة سياسية مذهلة، تجعل من سياسات اليمين المتطرف ذات أوجه اشتراكية من حيث التأميم غير المباشر والرفض للاندماجات الكبرى وإن كانت نابعة من نية مختلفة.

أي رأسمالية يريدها ترامب؟
ترامب لا يبدو ملتزمًا بالرأسمالية النظرية الكلاسيكية، بل يميل إلى ما يمكن تسميته بـ"الرأسمالية الشعبوية"، رأسمالية تبرر تدخل الدولة عندما يخدم هذا التدخل مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية، لكنها ترفض القيود الأخلاقية والتنظيمية عندما تمس حرية رأس المال المحلي.
اقتصاد ترامب أقرب إلى الاقتصاد المختلط المحافظ، وهو تحفيز رأسمالي للأعمال، وحماية للصناعة، وإضعاف للنظام الضريبي التقدمي، وتمكين لمصالح رأس المال القومي مقابل تقليص الاندماج العالمي.
ماذا لو عاد آدم سميث؟
لو قدر لآدم سميث أن يرى سياسات ترامب الجمركية، لانبرى لانتقادها باعتبارها:
- تشويهًا للأسواق.
- إهدارًا لثروات المستهلكين.
- تحفيزًا للاحتكار والركود.
- دعوة لحروب تجارية تضر الجميع.
لكن ربما كان سيجد بعض الألفة في دفاع ترامب عن ريادة الأعمال العائلية، وموقفه من التنظيم الحكومي المفرط.
ومع ذلك، يظل افتقار ترامب للشفافية والعدالة، كما شدد سميث في “نظرية المشاعر الأخلاقية” نقطة جوهرية تجعل من تجربته نموذجًا مضادًا لرأسمالية سميث، لا امتدادًا لها.

هل انتهت رأسمالية آدم سميث؟
سياسات ترامب لا تنهي الرأسمالية بقدر ما تعيد تعريفها:
- من عولمة الأسواق إلى سيادة الدولة.
- من حرية التجارة إلى الحماية الوطنية.
- من تنافس السوق إلى تحكم الدولة ورجال الأعمال الأقوياء.
إنها رأسمالية القوة والسيادة لا السوق والحرية، أما العولمة، فقد دخلت مرحلة الانكماش لا الموت، والعالم أمام مفترق طرق: إما أن يقاوم هذا التحول الشعبوي نحو الرأسمالية الاستبدادية، أو أن يعيد صياغة النظام الدولي بشكل أكثر توازنًا وشمولاً.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
سوق الكيوي يسجل 7.71 مليار دولار، ونيوزيلندا تصدر 47% من الإجمالي العالمي
23 سبتمبر 2025 05:00 م
القطاع الصناعي يستعيد أنفاسه، قرارات حكومية جديدة لتخفيف أعباء الصناعة (تفاصيل)
23 سبتمبر 2025 02:50 م
16 ألف مطار في أمريكا، أكبر دول العالم في عدد المطارات خلال 2025.. كم تمتلك مصر؟
23 سبتمبر 2025 12:43 م
أكثر الكلمات انتشاراً