-
صفقة كبرى تخفي أزمة أعمق.. إنفيديا وإنتل، استثمار ضخم أم محاولة لتأجيل الانهيار؟
-
بصورة البطاقة وحتى 2.5 مليون جنيه، التمويل العقاري من البنك الأهلي بفائدة 8%
-
رئيس شعبة الأدوية في حوار لـ«إيجي إن»: هيئة الدواء تشترط تسعيرة جبرية ونستهدف زيادة التصدير لـ3 مليارات جنيه
-
«بريتون وودز» واقتصاد عالمي على أنقاض الركام، كيف فاز الدولار بمعركة لم تطلق فيها رصاصة؟
«بريتون وودز» واقتصاد عالمي على أنقاض الركام، كيف فاز الدولار بمعركة لم تطلق فيها رصاصة؟
الجمعة، 19 سبتمبر 2025 04:03 م

حكاية بريتون وودز
في خضم الحرب العالمية الثانية، وقبل أن تنطفئ نيرانها بأشهر قليلة، اجتمع ممثلو 44 دولة في فندق ماونت واشنطن بمدينة بريتون وودز الأمريكية في يوليو 1944، هذا الاجتماع لم يكن للحديث عن الحرب، بل عن المستقبل الذي يليها، عن اقتصاد عالمي جديد يبنى على أنقاض الركام، ونظام نقدي ينقذ التجارة العالمية من الكساد والفوضى التي غلفت سنوات ما بين الحربين.

لكن خلف الصورة الرسمية لهذا المؤتمر، كانت هناك قصة صراع شرس لم يكتب عنها كثيرًا، دارت بين رجلين، جون ماينارد كينز، العقل الاقتصادي البريطاني الشهير، وهاري ديكستر وايت، الموظف المغمور في وزارة الخزانة الأمريكية، والذي لم يكن في دائرة الضوء، لكنه كان في قلب الحدث، بل صانعًا له.
نهاية إمبراطورية.. بداية هيمنة
كان البريطانيون يحلمون بالحفاظ على نفوذهم الاقتصادي والسياسي، فالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لم تكن مستعدة بعد للتخلي عن عرشها.
أما الأمريكيون، فكانوا يرون أن زمن لندن انتهى، وأن واشنطن باتت الأحق بقيادة الاقتصاد العالمي، وهذا هو جوهر معركة بريتون وودز.
جون ماينارد كينز، الذي مثل بريطانيا في المؤتمر، أراد نظامًا ماليًا مرنًا يعطي الدول النامية فرصة للنمو دون الوقوع في فخ الديون والعجوزات، واقترح إنشاء عملة احتياطية دولية جديدة اسمها البانكور.
لكن الأمريكيين، ممثلين بهاري وايت، كانوا قد حسموا الأمر سلفًا، الدولار سيكون هو المحور، والذهب سيكون ظله.
اقرأ أيضًا:
الفيدرالي يخفض الفائدة وباول يكسب الجولة، هدنة مؤقتة أم صراع على توجه السياسة النقدية؟
هندسة الهيمنة.. بالدولار لا بالذهب فقط
على الورق، اتفقت الدول على نظام نقدي دولي جديد يقوم على قاعدة الذهب والدولار، بحيث يظل الدولار مرتبطًا بالذهب، فيما تربط باقي العملات بالدولار، وهكذا، وللمرة الأولى في التاريخ، تتحول عملة وطنية إلى عملة احتياطية دولية.
لكن ما لم يذكر آنذاك، هو أن وايت ببراعة ليلية مريبة استبدل في اللحظات الأخيرة عبارة الذهب في مسودة الاتفاق بـ"الذهب والدولار الأمريكي"، دون علم كامل من باقي الوفود.
وتحديدًا الوفد البريطاني الذي لم تتح له فرصة مراجعة النص النهائي، بل أجبر تحت ضغط ضيق الوقت وظروف السفر على التوقيع.
كان ذلك التغيير البسيط كفيلاً بتغيير وجه النظام النقدي العالمي لعقود.
_1787_034819.jpg)
بريتون وودز.. الاتفاق الذي أطاح بالإسترليني
بموجب النظام الجديد، التزمت الولايات المتحدة بتحويل الدولارات إلى ذهب بسعر 35 دولارًا للأونصة، مما أعطى للدولار وزنًا مماثلاً للذهب في السيولة والقبول الدولي، فصارت الدول تخزن الدولارات كاحتياطيات بدلاً من الذهب، وسرعان ما بدأ الدولار ينتزع الصدارة من الإسترليني.
في البداية، بدا وكأن الإسترليني ما يزال صامدًا، ففي عام 1947، مثل أكثر من 80% من الاحتياطيات الرسمية العالمية.
لكن السنوات التالية حملت التحول الكبير، وبحلول عام 1955، تجاوز الدولار نظيره البريطاني، وفرض نفسه عملة الاحتياط الأولى، بل قاد النظام النقدي العالمي برمته.
اقرأ أيضًا:
أمريكا والهروب من الديون، هل يلجأ ترامب للعملات المشفرة والذهب؟
ديبلوماسية تحت ظلال الحرب
من المفارقات الساخرة أن أحد أبطال هذا الانتصار الأمريكي هاري وايت، تبين لاحقًا أنه كان عميلاً للاتحاد السوفييتي، بحسب وثائق ومعلومات ظهرت لاحقًا.
ورغم ذلك، لم يغير ذلك من حقيقة أنه أنجز المهمة التي أوكلت إليه، ألا وهيا ترسيخ الدولار في قلب النظام العالمي.
أما كينز، فرغم براعته الفكرية، كان يتفاوض وهو محاصر بدين بريطاني هائل للولايات المتحدة، وخسرت بلاده، لا فقط فرصة قيادة النظام المالي، بل حتى في جعل لندن مقرًا للمؤسسات الدولية الجديدة، والتي استقر الأمر بأن تكون أمريكية العقيدة والموقع، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

نظام مات.. لكن الفكرة باقية
رغم أن نظام بريتون وودز انتهى رسميًا في 15 أغسطس 1971، عندما أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون فك ارتباط الدولار بالذهب، فإن إرثه لم يمت.
كل أزمة مالية عالمية تعيد صدى ذلك المؤتمر العتيد، وكل اضطراب اقتصادي يعيد الحديث عن بريتون وودز جديد.
لقد حقق النظام في سنواته الأولى نجاحًا ملحوظًا، فقدم استقرارًا نقديًا، وساعد في انتشال أوروبا واليابان من الدمار، وساهم في طفرة تجارية عالمية غير مسبوقة، لكنه عكس أيضًا اختلالاً جوهريًا، وهو الهيمنة المطلقة للدولار، وانفراد أمريكا بقيادة الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضًا:
الذكاء الاصطناعي يقتحم أعالي البحار.. هل يشكل طوق نجاة لصناعة الشحن البحري؟
هل آن أوان بريتون وودز جديد؟
مع الأزمات المتكررة من الأزمة المالية 2008 إلى جائحة كوفيد-19، وصولاً إلى تقلبات الأسواق بسبب الحروب التجارية والجيوسياسية عاد الحديث مجددًا عن ضرورة إعادة النظر في بنية النظام المالي العالمي.
لكن الواقع يقول، القمة لا تسع اثنين.
الدولار، حتى اليوم، لا يزال يحكم اللعبة، فهل يمكن لنظام نقدي جديد أن يولد؟ أم أن التاريخ يعيد نفسه، لكن هذه المرة بعملة أخرى.. اليوان الصيني ربما؟
_1787_034728.jpg)
لم يكن مجرد مؤتمر اقتصادي
بريتون وودز لم يكن مجرد مؤتمر اقتصادي، كان لحظة حاسمة أعادت تشكيل موازين القوى في العالم، فبينما كان الجنود يحررون أوروبا من النازية، كان الاقتصاديون في نيوهامبشير يعيدون رسم خريطة النفوذ المالي، بهدوء.. ولكن بعمق أكبر من ضوضاء السلاح.
ويبقى السؤال: من سيربح المعركة القادمة؟ ومن سيتحكم في مستقبل المال؟ الزمن كفيل بالإجابة، لكن بريتون وودز علمنا أن من يكتب القواعد.. يكتب التاريخ.
اقرأ أيضًا:
هيمنة الدولار تهتز، الفيدرالي محاصر والعالم يعيد تموضعه ماليًا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
روبوتات التمريض المدعومة بالذكاء الاصطناعي.. حل مبتكر لأزمة نقص الكوادر الطبية
18 سبتمبر 2025 07:31 ص
لأول مرة في عهد ترامب.. تأثير قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة على الأسواق العالمية
18 سبتمبر 2025 01:01 ص
مصر تُراهن على السياحة، كيف تُخطط مصر لتحقيق أعلى معدلات الاستثمار؟
16 سبتمبر 2025 09:45 م
أكثر الكلمات انتشاراً