الخميس، 18 سبتمبر 2025

10:21 م

الفيدرالي يخفض الفائدة وباول يكسب الجولة، هدنة مؤقتة أم صراع على توجه السياسة النقدية؟

الخميس، 18 سبتمبر 2025 07:22 م

جيروم باول وترامب

جيروم باول وترامب

ميرنا البكري

لأول مرة منذ 9 أشهر، قرر الفيدرالي الأمريكي خفض سعر الفائدة بربع نقطة مئوية، ليصل النطاق الجديد ما بين 4% و4.25%.

جاء هذا القرار في وقت حساس للغاية، مع تباطؤ في التوظيف، ومعدل بطالة مرتفع، خاصةً وسط الأقليات، وتحديدًا بين الأمريكيين من أصل إفريقي، وأيضًا مع ضغط سياسي من البيت الأبيض، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، الذي كان يسعى لخفض أكبر من ذلك.

الفيدرالي الأميركي يجهّز للإعصار.. هل يرفع الفائدة 100 نقطة؟
الفيدرالي يخفض الفائدة لأول مرة منذ 9 شهور

 جيروم باول، بين المطرقة والسندان

استطاع جيروم باول، رئيس الفيدرالي، توحيد لجنة منقسمة، وجعل 11 من 12 عضوًا يصوتون لصالح الخفض، وهذا يُعتبر انتصار شخصي كبير له، خاصةً أنه في شهوره الأخيرة في المنصب، ومعرض لضغوط سياسية ضخمة، حيث كان تصريحه واضحا: "لا توجد الآن حلول خالية من المخاطر.. كل خطوة لها ثمن."

 

انقسام داخل الفيدرالي، الفائدة بين الشد والجذب

رغم أن القرار كان بشبه الإجماع، لكن هناك انقسام عميق داخل اللجنة، فـ6 أعضاء يعتقدون أنه لا يوجد خفض آخر هذا العام، والبعض يرى أنه لا بد أن يحدث خفض ثاني وثالث خلال العام الجاري.

وهناك عضو متشدد توقع خفض 125 نقطة أساس قبل ديسمبر، مما يعكس التوتر الكبير بين هدفي الفيدرالي، ولسيطرة على التضخم في مقابل دعم التوظيف.

 

سوق العمل يقدم إشارات، والفيدرالي يستجيب ويخفض الفائدة

الضعف الذي بدأ يظهر في سوق العمل الأمريكي، كان من أهم الأسباب التي جعلت الفيدرالي يخفض سعر الفائدة لأول مرة منذ 9 أشهر.

في شهر أغسطس، لم يضف الاقتصاد الأمريكي إلا 22 ألف وظيفة فقط، مقارنة بـ 79 ألف في يوليو، وهذا رقم قليل للغاية بالنسبة لسوق كبيرة مثل أمريكا. والأسوأ أن هذا الرقم أقل حتى من الحد الأدنى الذي من المفترض أن يحافظ على استقرار معدل البطالة.

كما قال جيروم باول، رئيس الفيدرالي: "المشكلة ليست في الجمارك كما يعتقد البعض، لكن في الهجرة التي قلت بشكل واضح، وعلى المعروض من العمال."

أي ببساطة، عدد المهاجرين قل، وبالتالي قل عدد الأفراد القادرين على العمل، في وقت بدأت الشركات نفسها تتباطئ في التوظيف، فأصبح هناك خلل بين المعروض من العمالة والطلب عليهم.

ومن هنا، قرر الفيدرالي خفض الفائدة كخطوة استباقية لدعم سوق العمل، لأن وظيفته ليست محاربة التضخم فقط، لكن أيضًا الحفاظ على معدل توظيف قوي، وهذا يُسمى "التفويض المزدوج".

هدف هذا القرار تسهيل الاقتراض، وتشجيع الشركات للاستثمار والتوظيف أكثر، في وقت باول نفسه يقول إن سوق العمل "لم يعد مستقرًا كما كان الحال في الماضي"، ولابد من التحرك قبل أن يسوء الوضع.

 

التضخم، ثابت في مكانه، أم لا يزال يرتفع؟

وصل معدل التضخم لـ 2.9% في أغسطس، أعلى من الشهرين الماضيين، ولا زالت الرسوم الجمركية تضغط على الأسعار، لكن باول بعتقد أنها زيادة مؤقتة، وليست بداية "موجة تضخمية طويلة".

لكن هذا ليس رأي الأغلبية، لأن هناك أعضاء في اللجنة تعتقد أن التضخم سيظل مرتفع لفترة أطول.

 السياسة تلعب في الخلفية

التأثير السياسي واضح للغاية، فكان ستيفن ميران، الذي عينه ترامب، كان الوحيد المعارض لأنه يسعى لخفض أكبر، كما أن ليزا كوك، كانت مهددة بالعزل بسبب قضايا قانونية، لكن قضائيًا استطاعت الاستمرار، وأيضًا يهاجم ترامب دائمًا باول علنيًا وهدده بالعزل أكثر من مرة.

وبرغم كل هذا، باول كان واضح: “قراراتنا مبنية على بيانات اقتصادية فقط، وليست سياسة.”

 

كيف يؤثر القرار على العلاقة بين ترامب وباول؟

من الممكن أن يحدث تحسن في علاقتهما، لكنه سيظل تحسنًا مؤقتًا، فمن الممكن أن يرى ترامب بعد هذا القرار أن باول استجاب بعض الشيء لمطالبه، مما يخفف من حرارة النقد العلني، خاصةً إذا لم تسبب النتائج الاقتصادية للقرار أي ضرر، سواءً ارتفاع التضخم أو ضعف تماسك سوق العمل، مما قد يُخفف التوتر، ومن المتوقع أن ترامب سيطلب  تخفيضات أكبر، لكن إذا لم يستجب باول له بالسرعة التي يريدها، سيعود ليهاجمه مرة أخرى، ويزداد التوتر العلني.

إذا ظل باول مستقل في قراراته، قد يعزز هذا من سمعته ويجعل علاقته في الأوساط المالية ومع الرئيس الأمريكي مبنية على الاحترام المتبادل، حتى لو لم تكن ودية بالكامل، لكن إذا استمرت تدخلات ترامب السياسية الواضحة، قد تؤدي إلى تصعيد، فقد يحاول ترامب مرة أخرى، تغيير شخصيات في الفيدرالي (مثل محافظين، أو حتى محاولة إقالة باول إذا حدث)، مما جعل العلاقة أسوأ.

إذا أظهرت البيانات الاقتصادية تحسنًا في التوظيف، وتراجع في معدلات التضخم، هنا يستطيع باول استخدامها كذريعة لتبرير المزيد من التخفيضات، مما قد يجعل ترامب متفائلًا بشكل أكثر، لكن إذا ارتفع التضخم، أو ضعف سوق العمل أكثر من اللازم، قد يضطر باول لأخذ خطوات تحفظية، مما يزعج ترامب الذي يسعى لخفض أسرع، ويزيد النقد ضد باول.

US economy grows at record 33.1%, according to second estimate | Fox  Business
الاقتصاد الأمريكي

 

أبرز النتائج المستخلصة من التحليل

1.قرر الفيدرالي السير في طريق التيسير النقدي بحذر.

2.استطاع باول أن يحافظ على وحدة اللجنة رغم الانقسام.

3.يعكس سوق العمل إشارات ضعف، وهذا السبب الرئيسي للخفض.

4.التضخم ليس خارجًا عن السيطرة، لكنه غير مطمئن أيضًا.

5.تظل الضغوط السياسية مسببة ضغط في القرارات المقبلة.

لم يكن قرار خفض الفائدة مجرد خطوة اقتصادية، بل كان اختبار حقيقي لتوازن حساس بين السياسة والاقتصاد، بين ضغوط البيت الأبيض واستقلالية الفيدرالي، الأيام المقبلة ستبين إذا كان هذا القرار بداية تهدئة، أم مجرد هدنة مؤقتة في صراع أكبر على توجه السياسة النقدية في أمريكا.

اقرأ أيضًا:-

الأموال الساخنة تقترب, ما تأثير قرار الفيدرالي الأمريكي على السوق المصرية؟

لأول مرة في عهد ترامب.. تأثير قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة على الأسواق العالمية

Trump vs. Powell: se reanuda la confrontación y la lucha por la Fed
ما مصير العلاقة بين باول وترامب؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search