قوة الأقلية، كيف تُحدث قلة من الشركات فرقًا كبيرًا في سوق العمل؟
الأربعاء، 27 أغسطس 2025 01:30 م

سوق العمل في الدول النامية
ميرنا البكري
في أي اقتصاد نامي، دائمًا السؤال الذي يشغل الأفراد، من الشركات التي تخلق بالفعل وظائف وأين توجد، وما السبب خلف نجاحها عن غيرها من الشركات؟، والحقيقة أن هناك عدة عوامل تجعل شركة معينة تصبح ماكينة توظيف، ووققًا للتقرير الصادر من البنك الدولي، فهناك نمط متكرر في كل الدول النامية تقريبًا، وإذا تم التعامل مع هذا النمط، فيمكن تحويل الاستثمار الخاص لفرص عمل واسعة وجودتها عالية، وبالتالي بناء اقتصاد أقوى.

الأقلية المبدعة التي تحرك السوق
بحسب التقرير الصادر من البنك الدولي، أقل من 20% من الشركات مسؤولة عن أكثر من نصف الوظائف الجديدة، وهذا ما يُعرف بـ “الشركات عالية النمو”، وهذه موجودة في كل المجالات، كمصانع الطعام في كوت ديفوار وإندونيسيا، وورش الأثاث في إثيوبيا، ومصانع النسيج في البرازيل، وشركات الإلكترونيات في المكسيك، وخدمات مهنية في المجر.
لكن النجاح ليس دائمًا، فواحدة فقط من كل 10 شركات عالية النمو تستطيع تكرار نفس الأداء بعد 3 سنوات، أي النجاح يتطلب إدارة واعية واستراتيجية ذكية.
الشركات الناشئة، محرك التوظيف السريع
ليس من الضروري أن تكون الشركة صغيرة لكي يُقال عليها ناشئة، فالشركات في أول 5 سنوات من عمرها توظف بوتيرة أسرع من الشركة القديمة في الدول النامية، لأنها أكثر مرونة.
وبحسب بيانات البنك الدولي، معظم الشركات التي تنمو وتخلق وظائف كثيرة يكون عمرها صغير، أي لازالت في أول الطريق، ففي البرازيل مثلًا، حوالي 64٪ من الشركات التي نمت سريعًا كان عمرها أقل من 5 سنوات، ونفس الأمر في كوت ديفوار بنسبة 62٪، وفي المجر 61٪. حتى في إثيوبيا وصلت النسبة لـ 43٪، وفي إندونيسيا كانت 35٪، أي ببساطة، الشركات الشابة هي التي لديها الحماس والمرونة التي تجعلها تنمو سريعًأ وتوظف عدد أكبر من الناس.
فالشركات الناشئة تميل أكثر لتوظيف شباب متمكنين في التكنولوجيا، كما تحدث معداتها وعملياتها باستمرار، لكن الخطر يكمن في احتمالية خروجها من السوق سريعًأ، مما يخلق حالة "إما النجاح بسرعة أو الاختفاء"، الذي يحفز في النهاية الابتكار وتفتح وظائف جديدة.
الموقع ليس رفاهية، بل ميزة تنافسية
حتى في زمن العمل عن بُعد، لايزال الموقع الجغرافي عالم هام وفارق، فالشركات التي تُوجد في تجمعات صناعية أو مناطق حضرية متقدمة تستفيد من سهولة الوصول للموردين، توافر عمالة ماهرة، وسرعة تبادل الخبرة والمعرفة.
ربطت تجربة الهند مع مشروع “المربع الذهبي” شبكة طرق ضخمة، أكبر 4 مدن جعلت المصانع الجديدة تنمو بوتيرة أسرع من المصانع القديمة؛ وذلك لأن قدرتها على الوصول لأسواق جديدة توسعت فجأة.
الانفتاح على العالم يضاعف فرص النمو
الشركات التي تدخل أسواق تصدير أو تنضم لسلاسل توريد عالمية تنمو أسرع وتوظف عدد أكثر من العمال، على سبيل المثال:-
إفريقيا:- نتج عن وجود الشركات متعددة الجنسيات بها، زيادة 13% في الوظائف غير الزراعية.
موزمبيق:- تخلق كل وظيفة مباشرة من الاستثمار الأجنبي 5.4 وظيفة غير مباشرة.
كوستاريكا:- الشركات المحلية التي بدأت تتعامل مع شركات عالمية،ارتفعت وظائفها بنسبة 27% في 4 سنوات.
أوروجواي:- الموردين المحليين للشركات الأجنبية هناك، قاموا بتطوير الجودة وزادوا الصادرات.
إثيوبيا وجنوب إفريقيا وفيتنام:- دخول سلاسل القيمة العالمية فجر التوظيف، تحديدًا للشركات الجديدة.
الإدارة القوية والتكنولوجيا، مفتاح الاستمرارية
الشركات التي تمتلك ممارسات إدارية منظمة، لديها إنتاجية أعلى وأجور أفضل، وتستطيع أن تحصل على تمويل بسهولة، فمثلًا:-
في البرازيل، تقوم الشركات عالية النمو بتوظيف أفراد تعليمهم أعلى وتدفع لهم أجور أعلى من المتوسط، وفي بنجلاديش، حسنت الإدارة الجيدة السلامة والامتثال في المصانع.
كما أن التكنولوجيا عامل حاسم، فالإنترنت السريع في كولومبيا، زود التصدير وأيضًا فرص تدريب الموظفين، ومؤخرًا ساعد الإنترنت في إفريقيا، على اندماج الشركات في سلاسل توريد عالمية وزيادة الإنتاجية وخلق وظائف مهارية.
استراتيجية النجاح، استهداف الشركات ذات النمو العالي
لكي يتم تحقيق طفرة في التوظيف، فلابد أن ندعم الشركات التي لديها مؤشرات قوية للنمو، خاصة الشركات الناشئة متوسطة الحجم. فالدعم قد يكون، تمويل بأسهم أو قروض مضمونة، أو ربطها بسلاسل توريد عالمية، مع توفير الإرشاد والتطوير إداري، وتسهيل التسجيل والتراخيص، وبيئة أعمال مرنة تدعم الابتكار.
لكن لابد أن يكون الاستهداف ذكي، وليست كل شركة تطلب دعم تستحقه. فإذا كانت مشكلتها إدارية وليست مالية، فضخ الأموال فيها سيضيع الموارد.
اقرأ أيضًا:
ريادة الأعمال تحت المجهر، كيف تطوّر الاستثمار في الشركات الناشئة بالشرق الأوسط؟
خريطة الصناعات العالمية 2025، قائمة بأكبر القطاعات إيرادات وتوظيف

التوقعات، الأسواق النامية على أعتاب طفرة تشغيلية
إذا تم دمج رأس المال مع الاتصال الجيد، والقدرات الإدارية والتكنولوجية، قد تشهد الدول النامية قفزة ضخمة في خلق الوظائف خلال 5 لـ 10 سنوات، والرابح سيكون من يستطيع ربط الشركات الشابة بالموارد والأسواق بسرعة.
ختامًا، ليست كل شركة ستخلق فرص عمل، لكن هناك قلة مبدعة تستطيع تغيير شكل سوق العمل بالكامل، ويُعد الاستثمار في هذه الشركات مع تمكينها بالتكنولوجيا، والإدارة القوية، والاتصال العالمي، هو أسرع طريق لتحويل رأس المال الخاص لفرص عمل واسعة ومستدامة.
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
تقاطع السياسة مع المال.. خطورة التدخل السياسي في عمل البنوك المركزية
27 أغسطس 2025 10:47 م
مصر تستورد بـ 4.9 مليون دولار، صادرات جوزة الطيب ترتفع بنسبة 9.5% في 2024
27 أغسطس 2025 12:19 م
الرسوم الجمركية.. دواء مُر يهدد الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل
27 أغسطس 2025 08:03 ص
أكثر الكلمات انتشاراً