الإثنين، 25 أغسطس 2025

05:22 ص

البيت الأبيض في عهد ترامب، منبر رسمي أم حساب ميمات ساخر؟

الأحد، 24 أغسطس 2025 07:46 م

حساب ترامب الساخر

حساب ترامب الساخر

في مشهد لم يعتده العالم من مؤسسة بحجم البيت الأبيض، تحولت منصات التواصل الاجتماعي التابعة لأعلى سلطة تنفيذية في الولايات المتحدة إلى ما يشبه حسابات ميمات ساخرة، تختلط فيها الصور المفبركة بتقنيات الذكاء الاصطناعي مع لقطات ثقافة البوب Popular Culture، والمزاح السياسي اللاذع.

الصور المفبركة بتقنيات الذكاء الاصطناعي

هذا التوجه الجديد في التواصل، الذي بات سمة بارزة في ولاية دونالد ترامب الثانية، يعكس تحولًا عميقًا ليس فقط في شكل الرسائل السياسية، بل في طبيعة الخطاب الرسمي ذاته. 

فمن بابا الفاتيكان المزيف إلى سوبرمان بنكهة "حرب النجوم"، مرت صور ترامب عبر فلاتر الثقافة الشعبية بأسلوب ساخر ومثير للجدل، يهدف فيما يبدو إلى جذب جمهور شبابي، أكثر انخراطًا في منصات مثل TikTok وX "تويتر سابقًا".

 

استراتيجية تواصل تعرف بمفهوم تيك توك

يرى خبراء الإعلام أن ما يحدث ليس مجرد انحراف عابر، بل انعكاس لاتجاه أوسع في السياسة الرقمية الأمريكية، حيث تتراجع المنشورات النصية الرصينة أمام موجات الفيديوهات القصيرة والميمات السريعة الانتشار. 

وفي هذا السياق، يصف الباحث جوشوا تاكر الظاهرة بـ"مفهوم تيك توك" الجديد، حيث لا تحظى الجدية دائمًا بالأولوية، بل تفضل السرعة والتفاعل الشعبي الآني.

لكن في البيت الأبيض، يبدو أن هذه المقاربة ليست فقط تكتيكًا تقنيًا، بل خيارًا أيديولوجيًا، فوفقًا لأليكس بروزويتز، الرئيس التنفيذي لشركة إكس ستراتيجيز، والموالي لترامب، والذي يدير غرفة حرب ترامب وحسابات @TeamTrump، أن أسلوب ترامب في التواصل أكثر انسجامًا مع بقية البلاد، معتبرًا أن الرئيس لا يناور ولا يقرأ نصوصًا معدة مسبقًا، بل يخاطب الناس كما هو.

الصور المفبركة بتقنيات الذكاء الاصطناعي

مزيج من الجرأة والفوضى

تقول مصادر مطلعة على نهج إدارة ترامب أن الفارق بين الولايتين الأولى والثانية واضح، ففي الأولى، كانت الحسابات الرقمية أكثر تحفظًا، تنشر بيانات رسمية ومحتوى يبرز السياسات. 

أما الآن، فالفوضى الخلاقة هي القاعدة، والارتجال سيد الموقف، منشورات يومية تلاحق الأخبار العاجلة، تريندات الإنترنت، أو حتى ردود فعل على مقاطع إعلامية.

وربما أبرز ما يظهر مدى التداخل بين السياسي والترفيهي هو نشر البيت الأبيض فيديو باستخدام أغنية "Daddy’s Home" للمغني آشر، بعد أن أُطلق على ترامب لقب "Daddy" من قبل أمين عام الناتو. 

ومع أن الفيديو أُزيل لاحقًا لانتهاكه حقوق الملكية، إلا أنه جسد الطريقة الجديدة التي يقارب بها البيت الأبيض صورته العامة.

اقرأ أيضًا:

مليارات يجمعها ترامب.. أين تذهب عائدات تلك الرسوم الجمركية؟

استقطاب لا يخلو من التهكم

الاستراتيجية الجديدة لا تخلو من تهكم مباشر على الخصوم السياسيين، فالميمات التي تسخر من الديمقراطيين، والردود الساخرة على طلبات الإعلام، وحتى الصور المعدلة لسياسيين معارضين، تحولت إلى سلاح بحد ذاته. 

مثال على ذلك نشر صور لتوم هومان، الملقب بـ"قيصر الحدود"، كشمس برنامج "تيليتابيز"، مازجًا بين الطفولة والهجرة في خطاب مفعم بالرمزية.

وفي تصعيد واضح، بدأ المكتب الإعلامي لحاكم كاليفورنيا الديمقراطي جافين نيوسوم بالرد بنفس الأسلوب، مقلدًا نبرة ترامب، ساخرًا من لغته وأسلوبه، في محاولة واضحة لمجاراة التيار. 

ويبدو أن النتائج الرقمية تشجع هذا المسار، إذ حققت حسابات نيوسوم الملايين من الانطباعات الجديدة منذ بداية أغسطس.

الصور المفبركة بتقنيات الذكاء الاصطناعي

حسابات رسمية بصبغة شخصية

المفارقة الكبرى أن هذا التحول في التواصل يمحو إلى حد كبير الفاصل بين ما هو رسمي وما هو شخصي، فقد استخدمت حسابات البيت الأبيض لبث حفل افتتاح ملعب جولف تابع لترامب في اسكتلندا، في خلط واضح بين الدور الرئاسي ومشاريع ترامب التجارية.

هذا التداخل ليس بجديد تمامًا على ترامب، لكنه بات الآن جزءًا مؤسسيًا من استراتيجية البيت الأبيض الرقمية، وفي ظل تزايد أعداد المتابعين والمشاهدات إلى 18 مليون متابع جديد و2.5 مليار مشاهدة، لا يبدو أن أحدًا في الإدارة يرى سببًا لتغييره.

 

مخاوف من تفريغ السياسة من مضمونها

رغم الأرقام الكبيرة، يحذر بعض الخبراء من خطر فقدان الرسالة السياسية لوزنها الحقيقي وسط الضجيج الرقمي، فبين ميم وآخر، قد تضيع إنجازات السياسات أو تتلاشى خلف السخرية، كما عبر أحد المطلعين على سير العمل الرقمي قائلاً: "اللحظة تنجح، لكن الرسالة لا تدوم".

والأخطر من ذلك هو أن وسائل التواصل باتت قناة لإطلاق اتهامات خطيرة دون أدلة، كما حدث عندما نشر ترامب مقطعًا مفبركًا يظهر اعتقال باراك أوباما، متهمًا إياه بالخيانة.

اقرأ أيضًا:

من التعريفات إلى العقوبات، كيف غير ترامب قواعد اللعبة التجارية في العالم؟

من يحدد ما هو رئاسي اليوم؟

في ظل هذا التحول، يطرح سؤال جوهري، هل نحن أمام تطور طبيعي في طريقة تواصل المؤسسات مع جيل جديد من الناخبين؟ أم أننا نعيش لحظة انحدار في رصانة الخطاب السياسي؟

ما يحدث في البيت الأبيض اليوم قد لا يكون مجرد انعكاس لشخصية دونالد ترامب، بل مؤشرًا على تغيرات أعمق في صميم الممارسة السياسية الأمريكية، حيث يعاد تعريف الرئاسية نفسها بعيون الجيل الرقمي.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search