مليارات يجمعها ترامب.. أين تذهب عائدات تلك الرسوم الجمركية؟
السبت، 23 أغسطس 2025 01:30 م

العائدات من الرسوم الجمركية
في ظل استمرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية واسعة على الواردات، تتجه الأنظار مجددًا نحو مصير العائدات المتولدة من هذه السياسة التي أثارت جدلاً واسعًا داخل الأوساط الاقتصادية والسياسية.

ليس فقط بسبب تأثيرها المباشر على التجارة، بل أيضًا لتساؤلات مشروعة حول كيفية استخدام هذه الأموال، هل تذهب فعلاً إلى تحسين المالية العامة؟ أم أن فاتورتها الحقيقية تدفع من جيوب الأمريكيين؟
إيرادات غير مسبوقة.. لكن
في يوليو الماضي، سجلت عائدات الرسوم الجمركية رقمًا قياسيًا بلغ أكثر من 29 مليار دولار، لترتفع الحصيلة السنوية حتى منتصف أغسطس إلى 156.4 مليار دولار، وفق بيانات وزارة الخزانة الأمريكية.
وتوقع المسؤولون، وعلى رأسهم وزير الخزانة سكوت بيسنت، أن تتجاوز الإيرادات هذا العام حاجز الـ300 مليار دولار، ما يعد قفزة هائلة مقارنةً بالعام 2024 الذي لم تتجاوز فيه الإيرادات الجمركية 98 مليار دولار.
لكن هذه الأرقام، وإن بدت ضخمة، تخفي وراءها حقائق أكثر تعقيدًا تتعلق بمصدر هذه الأموال وتوزيعها وتأثيرها الاقتصادي على المدى القصير والطويل.

خفض الدين.. أولوية مرحلية
تصر إدارة ترامب على أن العائدات ستستخدم في المقام الأول لسداد الدين الفيدرالي، الذي بلغ حتى منتصف أغسطس نحو 37.2 تريليون دولار، ما يشكل ضغطًا هائلاً على الاقتصاد الأمريكي ومصداقيته المالية عالميًا.
كما يرى بيسنت أنه يجب التركيز بشدة على سداد الدين، عن طريق استخدام جزءًا من الرسوم الجمركية لذلك، وربما يتم تعويض الشعب الأمريكي في مرحلة لاحقة.
هذا التوجه يتماشى مع الخطاب الاقتصادي المحافظ لإدارة ترامب، التي تسعى إلى تقليص العجز مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، ورفع مستوى الاستقرار المالي قبل الحديث عن أي إنفاق اجتماعي أو تحفيز داخلي.
اقرأ أيضًا:
شيكات توزيع أرباح الرسوم الجمركية، مكافأة مالية أم قنبلة تضخمية؟
من يدفع الثمن؟ الشركات أم المواطن؟
رغم تباهي الإدارة الحالية بارتفاع العوائد الجمركية، فإن الواقع على الأرض يشي بأن هذه الأموال لا تأتي من الخارج، بل من الداخل الأمريكي.
فالشركات الأمريكية هي التي تدفع الرسوم عند استيراد السلع، ثم تنقل التكلفة للمستهلكين عبر رفع الأسعار، وبذلك، فإن المواطن الأمريكي هو الذي يتحمل فعليًا العبء الضريبي لهذه السياسة.
الرسوم الجمركية أصبحت ضريبة غير مباشرة على الأمريكيين، والحكومة تخفي أن عائدات هذه الرسوم تأتي في النهاية من جيوب المواطنين والشركات، وليس من دول أخرى كما يروج.

أداة غير كافية لتعويض الضرائب
يؤكد تقرير صادر عن الإذاعة الوطنية الأمريكية أن الرسوم الجمركية، رغم نموها، لا تزال تشكل فقط 2.7% من الإيرادات الفيدرالية، وقد ترتفع إلى نحو 5% في حال استمرار تطبيق السياسات الحالية.
لكن حتى هذه النسبة لا تقترب من تعويض الإيرادات المتأتية من ضرائب الدخل، وهو ما يجعل الطرح الذي لوح به ترامب حول إمكانية الاستغناء عن ضرائب الدخل عبر الرسوم الجمركية أمرًا بعيد المنال في ظل المعطيات الحالية.
اقرأ أيضًا:
الفيزياء تطمئنك والاقتصاد يخدعك، من يدفع ثمن رسوم ترامب الجمركية؟
بين الأهداف المعلنة والواقع الاقتصادي
بينما تسوق إدارة ترامب للرسوم الجمركية كأداة لحماية الاقتصاد الوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص الاعتماد على الخارج، ولكن هذه السياسة، وإن أدت إلى تحقيق بعض الإيرادات الاستثنائية، فإنها لم تحدث أثرًا جذريًا في بنية العجز أو الدين العام، بل إن التكاليف الجانبية على القطاع الخاص والمستهلك قد تفوق العوائد المباشرة على الخزينة.
ففي الوقت الذي تلوح فيه الإدارة بخفض الدين، يؤكد الخبراء أن العجز الفيدرالي يقدر بـ1.4 تريليون دولار هذا العام، أي ما يفوق بأضعاف عائدات الرسوم الجمركية المتوقعة.

استراتيجية قصيرة النفس؟
حتى اللحظة، تبدو سياسة الرسوم الجمركية بمثابة حل مؤقت في كتاب إدارة ترامب الاقتصادي، يستخدم لإبراز القدرة على توليد موارد ذاتية دون رفع الضرائب المباشرة.
لكنها في الواقع لا تمثل بديلاً دائمًا، ولا تغني عن الإصلاحات الهيكلية المطلوبة لمعالجة العجز والدين على المدى الطويل.
وعليه، فإن السؤال الحقيقي لا يتعلق فقط بكيفية إنفاق عوائد الرسوم الجمركية، بل بما إذا كانت هذه السياسة قابلة للاستمرار دون أن تفرغ جيوب المواطنين وتقيد حركة السوق الأمريكي.
في عالم الاقتصاد، ما يجمع يدفع، والرسوم الجمركية ليست هدية من السماء، بل ضريبة مؤجلة تخصم من رفاهية المواطن الأمريكي، وإن جاءت مختبئة خلف شعارات السيادة الاقتصادية.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الهند تحت ضغط الرسوم الجمركية الأمريكية، المفاوضات مستمرة وسط تحديات اقتصادية
23 أغسطس 2025 02:07 م
الأنظار تتجه إلى جاكسون هول.. وول ستريت تتراجع قبل كلمة باول المرتقبة
22 أغسطس 2025 02:34 م
أكثر الكلمات انتشاراً