شيكات توزيع أرباح الرسوم الجمركية، مكافأة مالية أم قنبلة تضخمية؟

الجمعة، 15 أغسطس 2025 03:42 م

دونالد ترامب

في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي تحولات جذرية في السياسة التجارية، تبرز فكرة جديدة تثير جدلاً واسعًا بين الاقتصاديين وصناع القرار، وهو شيكات رد الرسوم الجمركية.

فمنذ تبني الرئيس دونالد ترامب نهجًا حمائيًا متشددًا، ارتفعت الرسوم الجمركية إلى مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

ورغم أن هذه السياسات كانت تهدف بالأساس إلى إحياء الصناعة الأمريكية وتخفيض الدين العام، إلا أن الإدارة الأمريكية بدأت تفكر في استخدام جزء من هذه الإيرادات الجمركية لتمويل مدفوعات نقدية مباشرة للأسر الأمريكية في خطوة قد تبدو شعبوية، لكنها تحمل في طياتها مخاطر اقتصادية جسيمة.

شيكات مغرية.. ولكن بثمن اقتصادي باهظ

صرح الرئيس ترامب مؤخرًا بأن الولايات المتحدة تجني الكثير من المال من الرسوم الجمركية، حتى أنه لمح إلى إمكانية توزيع عائدات على الشعب الأمريكي.

سيناتور جوش هاولي، السياسي الأمريكي، التقط الفكرة سريعًا وقدم مشروع قانون باسم "قانون إعادة العائدات للعامل الأمريكي"، يقضي بمنح شيكات لا تقل عن 600 دولار لكل بالغ وطفل معال، وقد يصل المبلغ إلى 2400 دولار للعائلة المكونة من أربعة أفراد.

لكن وفقًا لعدد من الاقتصاديين، فإن هذه الفكرة قد تكون بمثابة صب الزيت على نار التضخم، كما زاد التحذير من أن منح شيكات في وقت ترتفع فيه الأسعار بسبب الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة، وأن الخطر الأكبر يكمن في إشعال فتيل تضخم مزمن.

مزيج خطير.. تضخم، تحفيز، ونقص في العمالة

الاقتصاد الأمريكي اليوم لا يعيش حالة طوارئ اقتصادية تستدعي تحفيزًا ماليًا، كما كان الحال أثناء جائحة كوفيد-19 أو الأزمة المالية العالمية، فمعدل البطالة لا يزال منخفضًا عند 4.2%، والأسواق المالية تحلق بالقرب من مستوياتها القياسية.

لكن هذا لا يعني أن الوضع وردي، بالعكس، فالسوق يعاني من نقص في العمالة الماهرة وتباطؤ في النمو السكاني والهجرة ما يعني أن زيادة الطلب الاستهلاكي من خلال الشيكات دون تعزيز العرض قد يؤدي إلى نقص في السلع وارتفاع أكبر في الأسعار، وربما إلى دوامة تضخمية يصعب كبحها.

يمكن تشبيه تلك الفكرة بتقديم "الحلوى قبل تناول السبانخ"، وأن الإنفاق الاستهلاكي الممول عبر هذه الشيكات لن ينتج شيئًا سوى مزيد من ارتفاع الأسعار.

بإنفاق غير مسبوق، الولايات المتحدة تدخل عصر الاقتصاد المدفوع بالذكاء الاصطناعي

من يدفع الثمن حقًا؟

رغم حديث الإدارة الأمريكية عن أرباح من الرسوم الجمركية، فإن الحقيقة الاقتصادية تؤكد أن المستهلك الأمريكي هو من يتحمل العبء الأكبر، عبر أسعار أعلى للسلع المستوردة.

والدليل، شركات كبرى مثل وولمارت، نايكي، وفورد أعلنت عن زيادات في الأسعار لتعويض أثر الرسوم، ورغم ذلك، فإن البيت الأبيض لا يزال يروج لفكرة أن هذه الإيرادات يمكن أن تعاد للمواطنين على شكل شيكات في تحرك يراه بعض الخبراء بأنه مزايدة سياسية لا تخلو من شراء أصوات.

بل تشعب الأمر ليصل إلى الوضع السياسي، حيث تم وصف الأمر بأنه "أدنى أشكال المزايدة السياسية"، وهنا يكمن سؤال جوهري، هل الهدف هو شراء رضا الناخبين عبر إنفاق يفوق ما تحققه الرسوم؟.

بين الدين العام والسياسات المستدامة

ترامب برر خطته بإصراره على أن الإيرادات الجمركية ستُستخدم لسداد الدين الوطني، إلا أن إعادة توجيه هذه الأموال على شكل شيكات سيقوض هذا الهدف.

ومع وجود عجز مالي ضخم سببه التخفيضات الضريبية وحزم الإنفاق السابقة، فإن توزيع الأموال بهذا الشكل قد يزيد من الفجوة المالية بدلًا من تقليصها.

ولذلك، فإن آخر ما تحتاجه الولايات المتحدة الآن هو توزيع هذه الأموال، بل يجب استخدامها لسد العجز وليس لإطلاق جولة إنفاق جديدة.

الاقتصاد الأمريكي في مواجهة العواصف العالمية، قوة حقيقية أم هشاشة خفية؟

شيكات رد الرسوم مغامرة محفوفة بالمخاطر

في الظاهر، شيكات رد الرسوم قد تبدو كأنها انتصار للفئات المتوسطة والعاملة، خاصة في ظل الضغوط المعيشية وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

لكن اقتصاديًا، فإنها تمثل مغامرة محفوفة بالمخاطر، قد تعمّق الاختلالات التضخمية وتزيد من أعباء الدين العام، بدلًا من حلها.

وفي حين أن الهدف السياسي من هذه الفكرة واضح، فإن التكلفة الاقتصادية قد تكون باهظة، وربما تدفع أمريكا نحو أزمة تضخمية جديدة لا يمكن حلها بشيك آخر، وهنا السؤال، هل تعتقد أن توزيع الشيكات هو دعم مستحق أم تهديد للاقتصاد؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.