الاقتصاد الأمريكي في مواجهة العواصف العالمية، قوة حقيقية أم هشاشة خفية؟

الثلاثاء، 22 يوليو 2025 12:58 ص

الاقتصاد الأمريكي

رغم المؤشرات الإيجابية التي تظهر على السطح، يتضح من قراءة معمقة أن الاقتصاد الأمريكي يعاني من هشاشة كامنة قد تهدد استقراره في المستقبل القريب.

فبينما تتباهى الإدارة الأمريكية والنخبة المالية بنمو سوق العمل، وتحقيق الشركات الكبرى لأرباح قوية، هناك تفاصيل دقيقة تؤكد وجود تحديات جوهرية يصعب تجاهلها.

المؤشرات الإيجابية.. قوة على السطح

شهد سوق العمل في يونيو 2025 نموًا وظيفيًا فاق التوقعات، وانخفضت معدلات البطالة إلى مستويات منخفضة، ما عزز ثقة المستهلكين، حسب مؤشر جامعة ميشيغان.

كما أن أرباح الشركات الكبرى، وخصوصًا في قطاع التكنولوجيا، حققت نتائج أفضل من المتوقع، مما رفع مؤشرات الأسهم إلى مستويات قياسية، وسط ترحيب المستثمرين.

كما أن الإنفاق الاستهلاكي ما زال مدعومًا بارتفاع الأجور والإجراءات التحفيزية الحكومية، مما يعطي انطباعًا عامًا عن اقتصاد مرن وقادر على التكيف مع الأجواء الضبابية التجارية والمالية.

العجز يصل لـ 1.4 تريليون دولار، الاقتصاد الأمريكي ينتظر "إنعاش" الرسوم الجمركية

الهشاشة الخفية.. واقع مؤرق

مع ذلك، تكشف البيانات التفصيلية أن معظم الوظائف الجديدة التي أضيفت في الأشهر الأخيرة تتركز في قطاعات تقليدية مثل الصحة والتعليم والحكومة، التي تعتبر أقل ديناميكية ونموًا مقارنة بقطاعات التكنولوجيا والصناعة.

بل إن بعض القطاعات بدأت تفقد وظائفها، مع تراجع جودة بيانات سوق العمل بسبب انخفاض معدلات الاستجابة وتعديلات سلبية لاحقة.

أما سوق الإسكان، فيعاني بشدة من تأثير ارتفاع أسعار الفائدة، حيث يضطر المشترون لأول مرة إلى تخصيص نسبة أكبر من دخلهم لتسديد أقساط الرهن العقاري، في سيناريو يشبه إلى حد كبير فقاعة 2006.

إضافة إلى ذلك، ارتفعت نسبة القروض العقارية ذات الفوائد المرتفعة بشكل ملحوظ، ما يزيد من مخاطر تعثر المستهلكين.

كما أن الإنفاق الاستهلاكي بين الأسر ذات الدخل المنخفض يشهد تراجعًا واضحًا منذ نهاية 2024، نتيجة تضخم الأسعار وارتفاع الفائدة، وهو ما يقلق الخبراء بشأن استدامة الطلب المحلي، خاصة مع نفاد مدخرات الأسر ذات الدخل المرتفع التي كانت تدعم السوق لفترة بعد جائحة كورونا.

الأسواق المالية.. انفصال عن الواقع

على الرغم من الأداء القياسي لمؤشرات الأسهم الكبرى مثل S&P 500 وناسداك، يلاحظ المحللون أن هذا النجاح المالي يستند إلى هيمنة عدد قليل من شركات التكنولوجيا الكبرى التي تشكل وزنًا كبيرًا في المؤشرات.

بينما تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بالاقتصاد المحلي، من ضعف واضح، ما يخلق تباينًا بين الأسواق المالية والاقتصاد الحقيقي.

ترامب يُشيد بأدائه في ملف المهاجرين والاقتصاد الأمريكي ويبرر الرسوم الجمركية

تحذيرات من المستقبل

إن الاقتصاد الأمريكي يعاني من هشاشة بنيوية ناتجة عن مستويات ديون قياسية، سواء على صعيد بطاقات الائتمان أو الدين الحكومي، وهو ما يجعل النمو الحالي هشًا وغير مستدام.

وإذا استمرت السياسات النقدية الضاغطة أو تعرض الاقتصاد لصدمات خارجية مفاجئة، مثل أزمات جيوسياسية أو تصعيد في النزاعات التجارية، خصوصًا مع الصين والاتحاد الأوروبي.

إن آثار الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية لم تظهر بالكامل بعد، وأنها قد تؤدي إلى ضغوط تضخمية وتباطؤ في النمو خلال الأشهر القادمة، خصوصًا إذا استنفدت الشركات مخزوناتها من السلع المستوردة سابقًا.

قوة مع هشاشة

يبدو الاقتصاد الأمريكي اليوم وكأنه يسير على حافة توازن دقيق بين مرونة نسبية تجعله قادرًا على تحمل الصدمات قصيرة المدى، وهشاشة كامنة قد تظهر في أي لحظة بفعل تراكم الديون، تراجع جودة الوظائف، وضغوط على الإنفاق الاستهلاكي وسوق الإسكان.

وبينما يواصل المستثمرون الاحتفاء بالأرقام القياسية للأسواق المالية، فإن مسؤولية صانعي القرار تكمن في مواجهة هذه الهشاشة بوضوح وفعالية قبل أن تتحول المخاطر المحتملة إلى أزمات حقيقية تؤثر على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للولايات المتحدة والعالم.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.