التصعيد في الشرق الأوسط، رياح جيوسياسية تُعيد تشكيل التوقعات الاقتصادية العالمية
الجمعة، 20 يونيو 2025 09:00 ص

التصعيد في الشرق الأوسط
بينما تتصاعد نذر المواجهة بين إسرائيل وإيران، تقف الأسواق العالمية على أطراف أصابعها، تترقب ما إذا كانت شرارة الحرب ستتوسع لتشعل نارًا في الاقتصاد العالمي.

وحتى الآن، لا تزال ردود الفعل المالية خافتة، ولكن تحت هذا السكون الظاهري، تتراكم مؤشرات تقلب قد يُعيد رسم خريطة التوقعات الاقتصادية في الشهور المقبلة.
أسعار النفط.. المؤشر الأكثر حساسية
في قلب هذه المعادلة الجيوسياسية، يبرز خام برنت كأول المتأثرين. منذ الضربات الصاروخية الأولى، قفز سعر البرميل إلى نحو 76 دولارًا، بزيادة 8 دولارات عن مستواه السابق.
ورغم أن هذه القفزة لا تُقارن بالارتفاعات الجنونية في أزمات سابقة، إلا أن المسار التصاعدي يعكس تصاعد مخاوف السوق من احتمال إغلاق مضيق هرمز، الذي يعبر من خلاله نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، في هذا السيناريو، سيتلقى العالم صدمة في أسعار الطاقة، وسيكون التضخم أول الضحايا.
اقرأ أيضًا:
الدولار يرتفع بدفعة من تزايد المخاوف بشأن الشرق الأوسط
الأسواق المالية.. هدوء ما قبل العاصفة
حتى اللحظة، كان تأثير التصعيد العسكري على مؤشرات الأسهم والسندات العالمية محدودًا، أصول الملاذ الآمن مثل الذهب والفرنك السويسري لم تشهد قفزات غير اعتيادية، ما يشير إلى أن المستثمرين ما زالوا يراهنون على احتواء الصراع.
لكن هذا الهدوء قد لا يدوم، خاصةً إذا اتسعت رقعة الحرب أو تدخلت قوى كبرى مثل الولايات المتحدة بشكل مباشر، حينها قد يتغير المزاج الاستثماري بشكل درامي.

النمو العالمي.. تباطؤ يلوح في الأفق
بعيدًا عن تأثيرات الحرب، كانت التوقعات الأساسية للنمو تشير بالفعل إلى تباطؤ محتمل بعد ربع أول قوي في العديد من الاقتصادات الكبرى، صحيح أن جولة التوقعات لشهر يونيو شهدت بعض التحسن بفضل انحسار التوترات التجارية وتحسن الأوضاع المالية.
لكن هذا الزخم يبدو هشًا، مؤشرات مديري المشتريات (PMIs) تواصل إرسال إشارات تحذير، فبينما ارتفعت قليلاً في مايو، إلا أنها لا تزال دون مستوياتها التاريخية، ما يعكس ضعف زخم النمو العالمي.
اقرأ أيضًا:
عالم نووي يكشف احتمالات الضربة النووية بمنطقة الشرق الأوسط
التضخم والرسوم الجمركية.. خليط معقد من الضغوط
في الولايات المتحدة، أظهرت بيانات أسعار المستهلك لشهر مايو بعض الإيجابية، لكنها قد تكون مضللة، الرسوم الجمركية الجديدة لم تُترجم بعد بالكامل إلى الأسعار، بينما بدأت أسعار المنتجين بالفعل في عكس الضغوط.
ومن اللافت أن مؤشر أسعار المدخلات والمخرجات في قطاع الخدمات الأمريكي سجل أعلى ارتفاع له منذ سنوات، ما ينبئ بموجة تضخمية قد تظهر في النصف الثاني من 2025.
وفي المقابل، تواصل الصين مواجهة ضغوط انكماشية، ما دفع بالمحللين إلى خفض توقعاتهم لتضخم أسعار المستهلك هناك.
هذا التباين في الاتجاهات التضخمية بين أكبر اقتصادين في العالم يعكس عمق حالة عدم اليقين التي تسود المشهد العالمي.

الدولار الأمريكي يضعف رغم الفائدة المرتفعة
على غير المتوقع، عاد مؤشر الدولار الفعلي إلى التراجع، حتى قبل اندلاع التوترات الأخيرة، فقد أخفقت موجة التفاؤل المؤقتة التي صاحبت تراجع الرسوم الجمركية في إبريل في دعم العملة الأمريكية، ويبدو أن المستثمرين الأجانب بدأوا في فقدان شهية اقتناء الأصول الأمريكية، رغم استمرار أسعار الفائدة المرتفعة.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا الضعف قد يساعد في تخفيف السياسة النقدية خارج الولايات المتحدة، مما يوفر هامشًا لتعويض الآثار السلبية للصراعات التجارية والجيوسياسية، شرط أن يظل التصعيد تحت السيطرة.
اقرأ أيضًا:
الشرق الأوسط في مرمى الهجمات السيبرانية، تهديد أمني أم معركة جيوسياسية؟
هل نحن أمام أزمة جديدة؟
ربما لا تكون الأسواق قد دخلت مرحلة الخطر بعد، لكن المؤشرات لا تُطمئن، الصراع بين إسرائيل وإيران، إذا ما خرج عن نطاق السيطرة، قد يُشعل سلسلة من الصدمات في أسعار الطاقة وسلاسل الإمداد العالمية، وفي الوقت ذاته، تترقب الأسواق قرار الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية في يوليو، ما يزيد من تعقيد المشهد.
في هذا السياق، يبدو الاقتصاد العالمي كمن يسير فوق حبل مشدود، أي زلة سواء من الشرق الأوسط أو من واشنطن قد تكون كافية لقلب التوقعات رأسًا على عقب.
Short Url
"القهوة"، سلعة استراتيجية تُحرك اقتصادات الدول النامية
20 يونيو 2025 04:44 م
الشرق الأوسط على حافة الهاوية، تصعيد إيران وإسرائيل يربك الاقتصاد العالمي
20 يونيو 2025 04:11 م
رغم التوترات، التضخم يواصل الهبوط عالميًا
20 يونيو 2025 02:29 م


أكثر الكلمات انتشاراً