الاقتصاد العالمي بين هدنة مؤقتة واحتمال العاصفة المقبلة
الخميس، 12 يونيو 2025 08:30 م

الاقتصاد العالمي
في مشهد يعج بالتحذيرات والمؤشرات المتضاربة، يتأرجح الاقتصاد العالمي فوق خيط رفيع بين التباطؤ والركود، وسط بيئة مالية وتجارية يغلفها الضباب ويحفها القلق.

وبينما تُطلق واشنطن وبكين هدنة تجارية مؤقتة قد تبدو كاستراحة محارب، لا تخفي المؤسسات الدولية الكبرى مخاوفها من العاصفة المقبلة التي تلوح في الأفق، فيما يترقب المستثمرون ما إذا كانت هذه الهدنة بداية استقرار أم مجرد هدوء يسبق الانفجار.
البنك الدولي يدق ناقوس الخطر
بتقدير غير مسبوق، خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2025 إلى 2.3% فقط، وهو أدنى مستوى منذ 17 عامًا خارج فترات الركود.
ورغم محاولة التهدئة بين واشنطن وبكين، يشير البنك إلى أن النزاع التجاري القائم بين أكبر اقتصادين في العالم قد يكلف الاقتصاد العالمي نحو 1.5 تريليون دولار خلال العام الجاري وحده.
التداعيات لا تقف عند حدود النمو، بل تطال قطاعات صناعية بأكملها، تكاليف استيراد المعادن في الولايات المتحدة ارتفعت بشكل جنوني، وقطاع السيارات الأوروبي يعاني من انكماش حاد في الطلب، فيما يتساءل المستثمرون عن حجم الندوب التي ستتركها هذه الحرب على جسد الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضًا:
توقعات الاقتصاد العالمي 2025، تباطؤ واسع ونمو متباين بين الدول الكبرى
بين التهديدات والخدمات، الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل الاقتصاد العالمي
هدنة هشة ومكاسب مؤقتة
الهدنة التي أُعلنت مؤخرًا، والتي تمتد حتى أغسطس، تشمل تخفيف القيود الأميركية على تصدير أشباه الموصلات مقابل استئناف الصين لتصدير المعادن النادرة.
ورغم أن الاتفاق يحمل ملامح تهدئة، إلا أن هشاشته تجعله أقرب إلى حقنة مخدرة منها إلى علاج فعال، فما لم يتحول هذا التفاهم المؤقت إلى التزام طويل الأمد، فإن الأسواق قد تجد نفسها سريعًا أمام جولة جديدة من التصعيد.

لا ركود ولكن تباطؤ مؤكد
إن ما يشهده العالم هو تلبك اقتصادي لا يرقى بعد إلى مستوى الركود الشامل، لكنه يشير بوضوح إلى تباطؤ لا مفر منه، ونمو الاقتصاد العالمي قد لا يتجاوز 1% في 2025، وهو رقم مقلق يعكس هشاشة البيئة الاقتصادية الحالية.
الضغوط تتوزع على عدة محاور، التضخم المتسارع، عوائد السندات الأميركية التي بلغت 5%، والتقلبات اليومية في أسواق الأسهم التي باتت تتفاعل بشكل آني مع أي خبر سلبي.
نقطة الضوء الوحيدة في سوق العمل الأميركي
رغم الصورة القاتمة، يبرز سوق العمل الأميركي كعنصر تماسك نادر، فقد أضاف الاقتصاد الأميركي 139 ألف وظيفة جديدة في مايو، ما يشير إلى بقاء النبض الاقتصادي على قيد الحياة، وإن كان ضعيفًا.
كما أن نتائج أعمال الشركات الأميركية الكبرى، وإن تراجعت نسبيًا، لا تزال تُظهر قدرة على الصمود، في وقت تتأرجح فيه الأسواق بين التفاؤل والحذر.
اقرأ أيضًا:
أقوى 10 موانئ الشحن في الصين التي تُحرك الاقتصاد العالمي
"القبة الذهبية" درع أميركا الفضائي يعيد تشكيل سباق التسلح ويهدد موازين الاقتصاد العالمي
صعود الائتمان الخاص كبديل استثماري
من رحم الأزمة، يبرز الائتمان الخاص كواحد من أكثر القطاعات الاستثمارية حيوية في الفترة الحالية، ففي ظل تشدد البنوك بعد أزمة 2008، تضاعف حجم هذا السوق ست مرات منذ 2010 ليبلغ 2 تريليون دولار، مع توقعات بوصوله إلى 3 تريليونات بحلول 2028.
إن هذا القطاع بات ملاذًا لكبار المستثمرين، من صناديق التقاعد إلى الحكومات، بفضل عوائد تصل إلى 10% سنويًا، وهو ما يفوق بكثير عوائد السندات التقليدية.
اللافت أن مستثمرين من الشرق الأوسط باتوا أكثر توجهًا نحو هذا النوع من الأدوات الاستثمارية، لمرونته وابتعاده عن تقلبات الأسواق العامة.

عودة العقار ولكن بحذر
المفاجأة تأتي من القطاع العقاري، الذي عاد إلى الواجهة بعد عامين من التصحيحات الحادة، وتشير بيانات Nuveen إلى بدء تمويل مشاريع نوعية بأسعار مغرية، خصوصًا في ظل تراجع كبير في أسعار العقارات العالمية منذ 2022.
أغسطس مفترق طرق
جميع الأنظار تتجه الآن إلى أغسطس، موعد انتهاء الهدنة التجارية بين بكين وواشنطن، عندها سيتضح إن كان العالم بصدد عبور الأزمة نحو استقرار نسبي، أم أن الجولة القادمة من النزاع التجاري ستسحب معه الاقتصاد العالمي نحو مزيد من التباطؤ أو حتى الركود.
Short Url
الجنرال الخفي، كيف يحكم الذكاء الاصطناعي ميدان الحرب واقتصادها؟
13 يونيو 2025 03:49 م
الشرق الأوسط يترنّح تحت الضربات، فهل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد؟
13 يونيو 2025 02:20 م
الممرات المائية، شرايين التجارة العالمية تحت ضغط الجغرافيا والتوترات
13 يونيو 2025 12:46 م


أكثر الكلمات انتشاراً