-
وزير الاتصالات: تمكين الشباب رقميًا بوابة مصر للمنافسة في سوق العمل العالمي
-
مشروع استثماري جاهز للانطلاق، مارينا اليخوت الجديدة تفتح أبوابها للمستثمرين (تفاصيل)
-
من يقود اقتصاد الأثرياء، ترتيب الدول الأكثر جذبًا للمليارديرات في 2025
-
بعد دعوة الرئيس السيسي لزيادة العدد لـ1000 مدرسة، كيف بدأت فكرة المدارس اليابانية في مصر؟
بين ثمن التقدم وخسائر التبعات الاقتصادية، كارثة الطاقة النووية وصدمة المليارات
السبت، 06 ديسمبر 2025 08:24 م
تشيرنوبيل
يشير التاريخ إلى أن طموح البشرية في تسخير قوة الذرة لتوليد الطاقة الكهربائية يأتي بتكلفة اقتصادية وبشرية وبيئية باهظة وغير محسوبة في كثير من الأحيان.
سلسلة الكوارث النووية التي شهدها العالم، والمصنفة على مقياس الأحداث النووية الدولي (INES)، ليست مجرد حوادث تقنية، بل هي نقاط تحول جذرية كشفت عن نقاط الضعف الكامنة في البنية التحتية، ونظم الإدارة، والثقة العامة في قطاع حيوي.
إن تحليل هذه الأحداث يلقي الضوء على التكاليف المباشرة وغير المباشرة، قصيرة وطويلة الأجل، التي ترسم صورة معقدة للتحديات الاقتصادية لاستدامة الطاقة النووية.

التكلفة الفورية والضرر الأولي.. صدمة المليارات
عندما يقع حادث بمستوى INES 7 مثل كارثتي تشيرنوبيل (1986) وفوكوشيما (2011)، فإن أول مظهر للتكلفة يكون عبر الخسائر الفورية.
في تشيرنوبيل، كانت التكلفة المباشرة للحادث والإخلاء والاحتواء الأولي ضخمة على الاتحاد السوفيتي، مما أثقل كاهل اقتصاده المتدهور بالفعل.
أما في فوكوشيما، وبعد زلزال وتسونامي اليابان العظيم عام 2011، فإن الأضرار المادية للمفاعلات الثلاثة العاملة كانت بداية القصة.
تدمير المفاعلات يعني خسارة فورية لأصول تقدر بمليارات الدولارات. فقد تم إغلاق المفاعلات في الموقع، وفي حالة تشيرنوبيل، تم إنشاء منطقة حظر (Exclusion Zone) واسعة، مما أدى إلى تجميد النشاط الاقتصادي في منطقة جغرافية كبيرة.
زادت تكاليف الإخلاء وإعادة التوطين، حيث اضطرت اليابان إلى إجلاء عشرات الآلاف من السكان (47,000 في حالة فوكوشيما)، وهي عملية تنطوي على تكاليف نقل وإقامة مؤقتة ودعم معيشي طويل الأجل، مما يشكل عبئاً على الميزانية الوطنية لسنوات.
التكاليف الطويلة الأجل.. إرث الأجيال
تعتبر التكاليف الأطول أمدًا هي الأكثر تدميرًا للاقتصاد، حيث تمتد لآلاف السنين في شكل معالجة النفايات المشعة، وتكاليف الرعاية الصحية، وخسارة الإنتاجية الزراعية والصناعية.
إن عملية إزالة الوقود النووي والنفايات المشعة وأكثر من مليون طن من المياه المشعة من موقع فوكوشيما ستستغرق ما بين 30 إلى 40 عامًا، وتتطلب عشرات الآلاف من العمال.
هذه العملية هي مشروع اقتصادي هائل ومكلف للغاية، وغالبًا ما تتجاوز تكاليفه التكلفة الأصلية لبناء المحطة، وفي حالة تشيرنوبيل، لا تزال أعمال الاحتواء مستمرة حتى اليوم.
يؤدي التلوث الإشعاعي إلى ارتفاع معدلات السرطان والتشوهات الجينية بين الأجيال القادمة، وعلى الرغم من صعوبة تتبع الأعداد الدقيقة للوفيات والأمراض المرتبطة بالإشعاع، فإن علاج هذه الأمراض ورعاية المتضررين يشكل ضغطًا دائمًا على نظام الرعاية الصحية الحكومي لعقود طويلة، مما يؤثر على مخصصات الإنفاق العام الأخرى.
تتضرر سُمعة المنتجات الزراعية والغذائية من المناطق المحيطة بالكوارث النووية، حتى لو لم تكن ملوثة بشكل مباشر.
توقف مبيعات الحليب في محيط حادث ويندسكيل (Windscale Fire) في بريطانيا 1957 يوضح هذا التأثير المباشر على القطاع الزراعي.

ضربة الثقة.. العامل الاقتصادي غير المنظور
ربما يكون التأثير الاقتصادي الأعمق للكوارث النووية هو "ضربة الثقة" التي يتلقاها القطاع بأكمله.
حادث جزيرة ثري مايل (Three Mile Island) في الولايات المتحدة عام 1979 لم يسفر عن وفيات، ولكنه أدى إلى تآكل ثقة الجمهور الأمريكي في الطاقة النووية.
النتيجة الاقتصادية الفورية كانت تجميد بناء العديد من محطات الطاقة النووية الجديدة ورفع مستوى اللوائح والضوابط، مما زاد من تكلفة التشغيل والتأخير في المشاريع، وأبطأ نمو الصناعة لسنوات طويلة.
يتبع كل كارثة نووية رئيسية (تشيرنوبيل، فوكوشيما) تشديد للوائح العالمية والمحلية، مما يعني زيادة في الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي لجميع محطات الطاقة النووية حول العالم لتعزيز معايير السلامة.
هذه التكاليف تنتقل في النهاية إلى المستهلكين أو تؤدي إلى تقليل الربحية الاستثمارية للقطاع.
خسائر السمعة الدولية، ففي حالة حادث كيشتيم (Kyshtym) في روسيا عام 1957 (Level 6)، والذي حدث في منشأة ماياك السرية، فإن التكتم والسرية أديا إلى تدهور الثقة ليس فقط في الطاقة النووية ولكن في الأنظمة السياسية نفسها.
التستر على الحوادث يعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بمجرد انكشاف الحقيقة.
دروس من حوادث المستويات الأقل.. الإهمال هو الثمن الأغلى
حتى الحوادث ذات المستويات الأقل على مقياس INES تظهر هشاشة الإدارة البشرية والاقتصادية.
الأخطاء البشرية القاتلة، حوادث مثل SL-1 في الولايات المتحدة 1961، وبوينس آيرس في الأرجنتين 1983، والناتجة عن أخطاء تشغيلية أو إهمال بسيط في إجراءات الصيانة أو إعادة التكوين، تسببت في وفيات مباشرة وتكاليف إخلاء واحتواء.
هذه الحوادث تؤكد على أن الاستثمار في التدريب الصارم وإجراءات السلامة هو استثمار اقتصادي ضروري لتقليل مخاطر التوقف المكلف والخسائر البشرية.
كارثة جويانيا في البرازيل 1987، التي نتجت عن إهمال مصدر مشع طبي مهجور (Cs-137)، لم تكن مرتبطة بمفاعل طاقة، بل بسوء إدارة النفايات.
هذه الحادثة تظهر أن التكاليف الاقتصادية للسلامة النووية تمتد إلى ما وراء محطات الطاقة لتشمل جميع جوانب استخدام المواد المشعة، بما في ذلك التخزين والتخلص الآمن.
إهمال التخلص من النفايات يمكن أن يؤدي إلى تلوث واسع وتكاليف تنظيف ضخمة، كما حدث في جويانيا حيث تم اختبار 112 ألف شخص للتلوث.

المعادلة الاقتصادية للطاقة النووية
الطاقة النووية، بطبيعتها، تقدم ميزة اقتصادية جذابة، من توليد كميات هائلة من الطاقة الخالية من الكربون تقريباً من منظور التشغيل المباشر.
ومع ذلك، فإن السجل التاريخي لكوارث مثل تشيرنوبيل وفوكوشيما وكيشتيم يثبت أن هذه الميزة تأتي مع مخاطر ذيل أسود (Black Swan Risks) تكون تكاليفها غير خطية وغير قابلة للتنبؤ.
إن قطاع الطاقة النووية يجب أن يتجاوز تكاليف البناء والتشغيل، ليشمل بالضرورة التكاليف الكاملة للاحتواء، والتفكيك على مدى عقود، والدعم الصحي طويل الأجل، والخسارة الاقتصادية للأراضي والسمعة.
وهذه التكاليف الإضافية، التي تنفق عادةً من الميزانيات الحكومية، تحول ما كان من المفترض أن يكون مصدراً نظيفاً وفعالاً للطاقة إلى عبء اقتصادي ثقيل على الأجيال القادمة.
لذلك، فإن التقدم المستمر في تصميم المفاعلات، كما ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأنظمة الأمان والحوكمة هو ضرورة اقتصادية للحفاظ على ثقة المستثمرين والمجتمعات في هذا المصدر المثير للجدل.
اقرأ أيضًا:
بعد مرور 80 عامًا.. هيروشيما تصرخ في وجه العالم
الحرب الإيرانية الإسرائيلية، الشرق الأوسط يقترب من كارثة نووية
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الذكاء الاصطناعي يبتلع كميات هائلة من النحاس، وتحذيرات من فجوة في السوق خلال العقد القادم
06 ديسمبر 2025 02:58 م
نماذج عالمية ناجحة في السياحة الحلال، أبرز الدول الرائدة واستراتيجياتها الاقتصادية
06 ديسمبر 2025 12:05 ص
طفرة مشاريع وتوظيف، مصر ضمن أكبر الاقتصادات العربية في مؤشر مديري المشتريات
06 ديسمبر 2025 11:56 ص
أكثر الكلمات انتشاراً