الأربعاء، 12 نوفمبر 2025

05:01 م

اللمعان المخادع، كيف تحول الذهب من ملاذ آمن إلى مقامرة عالمية؟

الأربعاء، 12 نوفمبر 2025 03:00 م

اكتشاف الذهب

اكتشاف الذهب

تحليل/ كريم قنديل

منذ أكثر من قرن، هز اكتشاف الذهب في وادي "كلوندايك" شمال كندا العالم، حين تدافع عشرات الآلاف نحو الشمال بحثًا عن الثروة، ولم يصل معظمهم إلى هدفهم، لكنهم تركوا درسًا خالدًا، الخوف من فوات الفرصة أقوى من أي يقين اقتصادي.

اليوم، يعيد العالم المشهد ذاته، ولكن بأدوات حديثة، فبدلاً من الفؤوس والمناجم، أصبح الاندفاع نحو السبائك، وصناديق الاستثمار، وأسهم شركات التعدين، وكأن "حمى كلوندايك" القديمة عادت في ثوب رقمي ومالي جديد.

طوابير الذهب من آسيا إلى الغرب

في هانوي، وقفت سيدة أربعينية منذ الفجر أمام محل للذهب بعد محاولات فاشلة للشراء خلال الأسبوع ذاته، وفي سيدني، اصطف العشرات في الشوارع المالية كما لو أنهم ينتظرون هاتف آيفون جديد.

هذا المشهد ليس محليًا، بل عالمي، فقد قفز سعر الذهب بأكثر من 50% منذ بداية عام 2025، وارتفعت أسهم الشركات العاملة في التعدين بأكثر من 100%، وفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي، الطلب الاستثماري وحده يمثل 40% من الطلب العالمي، يليه طلب البنوك المركزية بنسبة 17%، وهو ما يعكس تحول الذهب إلى ملاذ مؤسسي لا يقتصر على الأفراد فحسب.

اقرأ أيضًا:

بنوك عالمية تتوقع استمرار وصول الذهب إلى مستويات قياسية

عبر التاريخ.. صعود يعقبه هبوط

تاريخ الذهب حافل بالدورات الصاعدة التي تنتهي بانهيارات حادة، ففي السبعينيات، وبعد انهيار اتفاقية بريتون وودز، قفز الذهب من 35 إلى 850 دولارًا للأوقية، مدفوعًا بالتضخم وصدمات النفط، لكن رفع الفائدة إلى 19% في عهد بول فولكر أطاح بالسوق ليهبط السعر إلى نحو 300 دولار.

وفي الفترة بين 1999 و2011، ارتفع الذهب من 253 إلى 1920 دولارًا بفعل أزمات الإنترنت والركود والأزمة المالية العالمية، قبل أن يتراجع 45% إلى 1050 دولارًا مع عودة السياسة النقدية المتشددة، كل دورة تنتهي بالطريقة نفسها: حين يرتفع الدولار وتسحب السيولة، يسقط الذهب من عليائه.

الذهب الخام

دورة 2025.. ملامح مختلفة وسياق جديد

ورغم التشابه الظاهري مع الماضي، فإن الدورة الحالية تحمل عناصر جديدة تغير قواعد اللعبة: طلب قياسي من البنوك المركزية: منذ عام 2020، اشترت البنوك المركزية حول العالم نحو 3900 طن من الذهب، وهي أكبر موجة شراء منذ عقود، ففي عام 2022 وحده، بلغ الشراء 1082 طنًا، مقابل متوسط سنوي تاريخي لا يتجاوز 473 طنًا.

تغير الدوافع السياسية والاقتصادية: العقوبات الأمريكية واستخدام الدولار كسلاح مالي دفعا دولًا مثل الصين وروسيا والهند إلى تحويل جزء من احتياطياتها إلى الذهب.

وخفضت الصين حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية إلى 730 مليار دولار فقط، ورفعت احتياطياتها الذهبية إلى 2303 أطنان، أما روسيا فرفعت مخزونها إلى 2329 طنًا، مستفيدة من ارتفاع الأسعار بعد حرب أوكرانيا.

تحول في النظام المالي العالمي: لم يعد الذهب فقط أداة تحوط ضد التضخم، بل رمزًا لتحدي هيمنة الدولار، ومكونًا رئيسيًا في نظام نقدي متعدد الأقطاب تقوده تكتلات مثل بريكس+.

اقرأ أيضًا:

سعر الذهب يسجل أعلى مستوياته خلال 3 أسابيع، ما السبب؟

هل ينهار الذهب من جديد؟

السؤال الذي يشغل الأسواق هو: هل يكرر الذهب سيناريو الانهيارين الكبيرين لعامي 1980 و2011؟ الإجابة الأقرب حتى الآن، أن الاحتمال ضعيف، للأسباب التالية:

  • أسعار الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة ما تزال منخفضة مقارنة بتلك الفترات التاريخية.
  • السياسات النقدية الحالية تميل إلى التيسير وليس التشديد، وهو ما يدعم الطلب على الأصول غير المدرة للفائدة كالذهب.
  • التوترات الجيوسياسية المستمرة (الصين، تايوان، أوكرانيا، الشرق الأوسط) تدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة.

لكن في المقابل، فإن أي تحول مفاجئ في السياسات النقدية أو تراجع حاد في المخاطر العالمية قد يؤدي إلى تصحيح سعري مؤقت بنسبة 10 إلى 20%، دون أن يصل إلى الانهيارات الكارثية السابقة.

الذهب

الذهب بين الطمع والخوف

تاريخ الذهب ليس مجرد أرقام على الشاشات، بل حكاية عن النفس البشرية بين الخوف والطمع، فكل موجة صعود تغري بالمزيد، وكل هبوط يعيد السؤال الأبدي: هل انتهى الملاذ الآمن؟، لكن المشهد اليوم أعمق من مجرد دورة سعرية، فالبنوك المركزية نفسها أصبحت المستثمر الأكبر، والدول تتعامل مع الذهب كوسيلة سيادة مالية، لا كأصل استثماري فحسب.

بين الماضي والمستقبل

لا تبدو دورة الذهب الحالية على وشك الانهيار مثلما حدث في الثمانينيات أو 2011، لكنها تظل رهينة السياسات النقدية العالمية ومسار الدولار، الذهب اليوم في قلب تحول تاريخي في النظام المالي العالمي، حيث تتراجع الثقة بالعملات الورقية وتعود العملة الأصلية لتفرض حضورها مجددًا، ففي عالم تتسارع فيه الأزمات والتقلبات، ربما لا يبحث الناس عن الثراء فحسب، بل عن اليقين في معدن لا يصدأ مع الزمن.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search