الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025

01:50 ص

هيمنة إيلون ماسك على الفضاء والإنترنت، إنجاز هندسي أم بداية لكارثة مدارية؟

الإثنين، 10 نوفمبر 2025 11:28 م

إيلون ماسك وسبيس إكس

إيلون ماسك وسبيس إكس

قبل أقل من عقد من الزمن، كان الفضاء الخارجي ميدانًا للدول العظمى فقط، لكن اليوم، باتت السيطرة على مدار الأرض المنخفض في يد رجل واحد، وهو إيلون ماسك.

فبعد إطلاق القمر الصناعي رقم 10 آلاف ضمن شبكة ستارلينك، أصبحت شركته سبيس إكس تتحكم بما يقرب من ثلثي الأقمار الاصطناعية النشطة حول الكوكب، وهو رقم يثير الإعجاب والقلق في آنٍ واحد.

ماسك، الذي لطالما قدم نفسه كمنقذ للبشرية وطموح لاستيطان المريخ، صار أيضًا أكثر الشخصيات نفوذًا في السماء، ليس فقط من خلال النقل الفضائي، بل عبر التحكم بشريان الإنترنت العالمي الذي يربط ملايين المستخدمين، والجيش الأوكراني، والمؤسسات الحكومية، والمرافق الحيوية حول العالم.

إيلون ماسك وسبيس إكس

البرنامج الفضائي للأرض كلها

بحسب بيانات شركات الإطلاق، من المتوقع أن تنفذ سبيس إكس خلال العام الحالي ما يقارب 90% من إجمالي عمليات الإطلاق الفضائي في العالم، ما يجعلها عمليًا البرنامج الفضائي للأرض، كما وصفها ماسك نفسه في تغريدة على منصة إكس.

لكن هذا النفوذ الضخم يحمل في طياته مفارقة مقلقة: كيف يمكن للبشرية أن تعتمد على بنية تحتية فضائية حيوية يديرها شخص واحد؟

فمنذ الحرب الروسية الأوكرانية، تحولت شبكة ستارلينك إلى ركيزة الاتصالات العسكرية الأوكرانية، مكنت الجيش من التحكم بالطائرات المسيرة وتنسيق الضربات. 

غير أن ماسك نفسه رفض تفعيل الخدمة فوق القرم بحجة تجنب التصعيد، وهو قرار فردي كان كفيلاً بتغيير مجرى المعارك، بل والمصائر السياسية، وبهذا المعنى، لم يعد الفضاء مجرد بيئة تشغيلية، بل أداة ضغط جيوسياسي في يد رجل واحد.

اقرأ أيضًا:

بسبب مهمة الهبوط على القمر، صدام علني بين "إيلون ماسك" ورئيس "ناسا"

الكثافة المدارية.. حين يصبح الفضاء مكبًا من الخردة

تاريخيًا، كانت الأقمار الاصطناعية تعد بالمئات، أما اليوم، فيدور في مدار الأرض أكثر من 8500 قمر نشط، معظمها من ستارلينك، ووفق تقديرات وكالة الفضاء الأوروبية، قد يقفز العدد إلى 100 ألف قمر بحلول عام 2030، مع دخول مشاريع منافسة مثل كويبر لجيف بيزوس، والشبكات الصينية المدعومة من الدولة.

هذا التوسع الجامح يرفع خطر ما يعرف بمتلازمة كيسلر، وهي سيناريو كارثي يحدث عندما يؤدي اصطدام واحد إلى سلسلة من الاصطدامات المتتالية، منتجة سحابة من الحطام الفضائي تجعل المدار المنخفض غير قابل للاستخدام لعقود.

حادثة العام 2019 بين قمر وكالة الفضاء الأوروبية وستارلينك كانت جرس إنذار، فلو لم تنجح المناورة في اللحظة الأخيرة، لكان الاصطدام أطلق مئات الآلاف من الشظايا وأدى إلى شلل جزئي في البنية التحتية المدارية للأرض.

متلازمة كيسلر

تهديد خفي.. الغلاف الجوي يدفع الثمن

إلى جانب خطر الاصطدامات، تتزايد المخاوف من الآثار البيئية للأقمار الاصطناعية المحترقة عند عودتها إلى الغلاف الجوي.

فالعمر التشغيلي لأقمار ستارلينك لا يتجاوز خمس سنوات، ما يعني أن قمرًا أو قمرين يسقطان يوميًا نحو الأرض، مولدين جزيئات معدنية دقيقة ترفع حرارة الطبقات العليا من الغلاف الجوي بما يصل إلى 1.5 درجة مئوية، وفق دراسة أجرتها الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).

هذه الجسيمات، وإن كانت غير مرئية، قد تؤثر على دورة المناخ العالمية، وتزيد من عدم استقرار الطبقة الأيونوسفيرية التي تلعب دورًا حيويًا في الاتصالات والملاحة الجوية.

 

اقرأ أيضًا:

ستارلينك تمهد لعصر الجيجا بايت بطفرة في الإنترنت الفضائي

الفوضى التنظيمية.. سباق بلا ضوابط

يرى مراقبون أن الفضاء أصبح اليوم أشبه بـ"الإنترنت في التسعينيات": سباق محموم بلا قواعد واضحة، فالقوانين الدولية، مثل معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، لم تصمم للتعامل مع آلاف الأقمار الخاصة التي تملكها شركات تجارية.

ويحذر خبراء من أن غياب إطار تنظيمي عالمي يتيح لأصحاب الثروات والجهات الخاصة التصرف كما يشاؤون، سواء بتغيير مسارات الأقمار أو تعطيل خدمات الاتصال عن مناطق معينة. 

هذا ما دفع مسؤولين أوروبيين إلى الدعوة لإنشاء منظمة دولية لتنظيم المدار الأرضي على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ناسا

التكنولوجيا المتقدمة لا تعني الأمان الكامل

من الإنصاف القول إن سبيس إكس تعد من أكثر الشركات تطورًا في إدارة أقمارها، فهي تستخدم تقنيات التجنب الذاتي للاصطدامات وتعلن بشفافية مواقع أقمارها، وهو ما لا تفعله بعض الشركات المنافسة. 

لكن، كما يشير الدكتور سياماك هيسار، خبير حطام الفضاء في ناسا، فإن الاعتماد على النماذج الحالية للتنبؤ بمسار سقوط الأقمار لا يزال غير دقيق، بسبب التغير المستمر في النشاط الشمسي وكثافة الغلاف الجوي.

بكلمات أخرى، حتى أكثر أنظمة العالم ذكاءً لا يمكنها منع الكارثة بشكل كامل، بل فقط تأجيلها.

اقرأ أيضًا:

رغم الانفجارات الهائلة، سبيس إكس تنطلق نحو تجربة جديدة لصاروخ «ستارشيب»

بين العبقرية والخطر الوجودي

إيلون ماسك بلا شك أعاد رسم خريطة الفضاء، وفتح الباب أمام اتصالات أسرع وأكثر شمولًا، لكنه أيضًا ألغى التوازن التاريخي بين الدول والقطاع الخاص في السيطرة على المدار الأرضي.

وإذا لم توضع ضوابط دولية صارمة لإدارة هذا القطاع، فقد يتحول الفضاء من رمز للتقدم البشري إلى ساحة فوضى مدارية تهدد الاتصالات، والملاحة، والأمن العالمي.

والمفارقة أن ماسك، الذي يحلم بالموت على المريخ، قد يجد نفسه عالقًا على كوكب الأرض إذا ما تحققت متلازمة كيسلر فعلًا، وأغلقت السماء أبوابها أمام السفر إلى أي مكان آخر.

متلازمة كيسلر

احتكارًا خطيرًا في المدار الأرضي

إن ستارلينك غيرت وجه الاتصالات العالمية، لكنها خلقت احتكارًا خطيرًا في المدار الأرضي، وتضخم أعداد الأقمار يهدد بحدوث كارثة فضائية وبيئية.

بينما غياب التنظيم الدولي يجعل الفضاء عرضة للفوضى والمخاطر السياسية، وأن مستقبل الإنترنت الفضائي يتطلب حوكمة عالمية عاجلة، قبل أن يتحول حلم الاتصال الشامل إلى كابوس مداري شامل.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search