السماء الأمريكية تترنح تحت وطأة الإغلاق، نقص حاد في مراقبي الحركة الجوية يهدد قطاع النقل
الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025 12:19 ص
الإغلاق الحكومي
تشهد الولايات المتحدة أزمة متصاعدة في أحد أكثر القطاعات حساسية واستراتيجية في الاقتصاد الوطني، وهو قطاع الطيران المدني بعد أن أدى الإغلاق الحكومي الفيدرالي المستمر منذ مطلع أكتوبر إلى نقص حاد في أعداد مراقبي الحركة الجوية.

ويعد هذا التطور أحدث تجلي للأثر الاقتصادي الواسع الذي بدأ يمتد من الدوائر الحكومية إلى البنية التحتية الحيوية للنقل، مما يهدد بتعطيل حركة السفر والتجارة الجوية على نطاق واسع.
أزمة بشرية في برج المراقبة
كشف وزير النقل الأمريكي شون دافي أن أكثر من 13 ألف مراقب جوي وقرابة 50 ألف موظف في إدارة أمن النقل يواصلون العمل من دون رواتب منذ بداية الإغلاق، مشيرًا إلى تسجيل 22 حالة نقص حاد في المراقبين يوم السبت فقط، وهو من أعلى المعدلات منذ بداية الأزمة.
هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات إدارية، بل جرس إنذار اقتصادي، إذ يعتمد النظام الجوي الأمريكي على انسيابية تشغيل دقيقة، وأي خلل في أطقم المراقبة يترجم فورًا إلى تأخيرات، خسائر، وتراجع في الإنتاجية اللوجستية عبر آلاف الرحلات اليومية.
اقرأ أيضًا:
شلل حكومي يُربك الاقتصاد الأمريكي، الملايين بلا رواتب وقطاع الطيران على حافة الانهيار
تكلفة اقتصادية متصاعدة
تتجاوز تداعيات الإغلاق الجانب الإداري لتصل إلى صميم الاقتصاد الأمريكي، فالقطاع الجوي لا يقتصر على نقل الركاب فقط، بل يعد شريانًا رئيسيًا للتجارة، حيث تمر عبره بضائع تقدر قيمتها بمليارات الدولارات يوميًا.
ومع تسجيل أكثر من 5300 رحلة متأخرة يوم السبت و2500 أخرى يوم الأحد، تدخل الشركات الجوية وشركات الشحن في دوامة خسائر تشغيلية تشمل تكاليف الوقود، والعمالة، والتعويضات، وتراجع الثقة لدى المسافرين.
وفقًا لتقديرات اقتصادية أولية، فإن كل ساعة تأخير في المطارات الكبرى قد تكلف الاقتصاد الأمريكي ما بين 50 إلى 100 مليون دولار نتيجة توقف سلاسل الإمداد واضطراب حركة المسافرين.

الضغط يتضاعف.. نقص هيكلي قبل الإغلاق
تأتي الأزمة الحالية فوق أرضية هشة أساسًا، فقد كانت إدارة الطيران الفيدرالية تعاني نقصًا هيكليًا يقارب 3,500 مراقب قبل الإغلاق، ما اضطر المراقبين إلى العمل لساعات إضافية وأسابيع من ستة أيام، ومع تعليق الرواتب، ازدادت حالات الإرهاق والغياب، مما ضاعف فجوة العجز.
ويحذر الخبراء من أن استمرار الضغط النفسي والمادي على المراقبين قد يؤدي إلى تراجع في مستوى التركيز والسلامة الجوية، وهو ما يهدد أحد أكثر أنظمة الطيران أمنًا في العالم.
اقرأ أيضًا:
الإغلاق الحكومي الأمريكي، مقامرة سياسية تضع المواطن في خط النار
تداعيات مباشرة على المواطنين والشركات
تتسع دائرة المتضررين من الأزمة يومًا بعد يوم، والمسافرون يواجهون تأخيرات طويلة وإلغاءات متكررة، فيما تضطر شركات الطيران إلى إعادة جدولة رحلاتها وتحمل تكاليف إضافية.
أما الشركات اللوجستية وشركات التجارة الإلكترونية الكبرى مثل “أمازون” و”فيديكس”، فتتكبد خسائر في مواعيد التسليم وتكاليف النقل البديلة.
ويحذر محللون من أن استمرار الإغلاق سيؤثر على مؤشرات الثقة الاستهلاكية ويضغط على أداء القطاع السياحي، الذي يشكل نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.

جذور الأزمة.. سياسة الشد والجذب بين الجمهوريين والديمقراطيين
وراء الأزمة الجوية مشهد سياسي مأزوم، الإغلاق الحكومي، الذي دخل أسبوعه الرابع، جاء نتيجة فشل المشرعين في تمرير ميزانية اتحادية مؤقتة.
يتهم الجمهوريون الديمقراطيين برفض تمرير مشروع “تمويل نظيف” دون شروط، فيما يلقي الديمقراطيون باللوم على الرئيس دونالد ترامب لرفضه التفاوض حول تمديد دعم التأمين الصحي.
هذا الجمود السياسي لا يجمد فقط الموازنات، بل يعطل دواليب الاقتصاد الفيدرالي، إذ توقفت مئات البرامج العامة وتجمدت رواتب مئات الآلاف من الموظفين، لتتحول الأزمة إلى اختبار حقيقي للثقة في مؤسسات الحكم الأمريكي.
اقرأ أيضًا:
الإغلاق الحكومي الأمريكي، اقتصاد في مهب الريح وأزمات تتفاقم بعد مرور أكثر من 20 يومًا
انعكاسات أوسع.. من المطارات إلى الأسواق المالية
في الأسواق، بدأت مؤشرات القلق بالظهور، الأسهم المرتبطة بقطاع النقل والطيران مثل “دلتا” و”يونايتد” و”ساوث ويست”، شهدت تراجعات طفيفة ولكن متواصلة، فيما أبدى المستثمرون قلقهم من احتمال انتقال الاضطراب إلى سلاسل الإمداد الصناعية، وخاصة قطاع السيارات والإلكترونيات.
وفي الوقت نفسه، يخشى خبراء الاقتصاد من أن استمرار الإغلاق قد يخفض معدل النمو الفصلي للناتج المحلي الأمريكي بما بين 0.2 و0.4 نقطة مئوية، وهو تأثير ملحوظ على اقتصاد بحجم الولايات المتحدة.

السيناريوهات المقبلة
مع غياب أي مؤشرات على قرب التوصل إلى تسوية سياسية، تتجه التوقعات إلى مزيد من الاضطرابات في الأسابيع المقبلة، فكل يوم إضافي من الإغلاق يعني تآكلاً في القوة الشرائية للموظفين الفيدراليين، وتراجعًا في كفاءة المرافق العامة، وزيادة الضغط على قطاعات النقل والتجارة.
ويرى محللون أن الحكومة قد تضطر إلى إجراءات طوارئ مؤقتة لضمان استمرار تشغيل المطارات، إلا أن ذلك لن يكون سوى حلول إسعافية قصيرة الأمد ما لم يتم إنهاء الإغلاق بشكل كامل.
إغلاق يكشف هشاشة أعظم اقتصاد في العالم
تكشف أزمة مراقبي الحركة الجوية الأمريكية عن الوجه الخفي للإغلاق الحكومي، الذي لا يقتصر على المكاتب والبيروقراطية، بل يمتد إلى السماء والملاحة وسلامة المواطنين.
إنها أزمة تعيد إلى الواجهة السؤال الأهم: كيف يمكن لاقتصاد عملاق أن يتعطل بهذه السهولة بفعل صراع سياسي داخلي؟
قد يكون الإغلاق الحالي جرس إنذار جديد يدعو صناع القرار الأمريكيين إلى إعادة التفكير في آليات تمويل الحكومة وتحصين القطاعات الحيوية من تداعيات الانقسامات الحزبية.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
“اللعبة الكبرى”، أمريكا تبني شبكة اقتصادية مضادة للصين في آسيا
27 أكتوبر 2025 05:44 م
ممر جديد للتقارب، استئناف الطيران يفتح آفاقًا اقتصادية وسياسية كبرى بين الهند والصين
27 أكتوبر 2025 11:10 ص
من منصة القضاء إلى قاعة التشريع، حسني عبد اللطيف يقود اللجنة الدستورية بالشيوخ
26 أكتوبر 2025 03:01 م
أكثر الكلمات انتشاراً